13.86°القدس
13.44°رام الله
13.86°الخليل
19.43°غزة
13.86° القدس
رام الله13.44°
الخليل13.86°
غزة19.43°
الخميس 14 نوفمبر 2024
4.77جنيه إسترليني
5.29دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.96يورو
3.75دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.77
دينار أردني5.29
جنيه مصري0.08
يورو3.96
دولار أمريكي3.75

خبر: مصر ذات يوم

أغلب الظن أن المصادفة وحدها هي التي جمعت تلك الأحداث في يوم واحد. كانت صحيفة الصباح قد ذكرت أن محكمة جنايات سوهاج أوقفت تنفيذ عقوبة حبس عقيد شرطة ٣ سنوات بعد إدانته في التعدي على السلطة القضائية واقتحام مقر نيابة مركز «ساقلتة» وسب أعضائها. وهي القضية التي حكم فيها أيضا على نقيب شرطة هارب وأميني شرطة بالسجن المؤبد، كما حكم بالسجن ١٠ سنوات على ٨ أمناء وآخرين من الشرطة. وكان مفهوما أن ضغوطا مورست على المجني عليهم اضطرتهم إلى التنازل عن الدعوى. الأمر الذي دفع المحكمة إلى اتخاذ قرارها بوقف تنفيذ العقوبة. في الوقت ذاته كان المحامون ثائرين وغاضبين، بعدما تلقوا أنباء اعتداء نائب رئيس شرطة فارسكور (محافظة دمياط) في اليوم السابق على الأستاذ عماد فهمي المحامي بالنقض، وضربه بالحذاء على وجهه (بعض الصحف نشرت صور المحامي والدماء تسيل من رأسه). أساتذة الجامعات كانوا بدورهم غاضبين بعد نشر الخبر الخاص بضرورة أخذ موافقة ٣ جهات أمنية قبل سفر الأساتذة والمبعوثين والمتدربين إلى الخارج. وهو ما وصف بأنه نكسة وعودة لنظام ما قبل ٢٥ يناير. أما مواقع التواصل الاجتماعي فقد كانت تردد السؤال: أين إسراء الطويل؟ وهي الفتاة الجامعية التي خرجت للعشاء مع زميلين لها بالمعادي، ولم يعد أحد منهم إلى بيته منذ ثلاثة أيام ولم يعرف أين اختفوا. تحدثت أيضا عن البلاغ الذي قدمته إلى النائب العام المحامية صباح حمزة حسن وطلبت فيه الكشف عن المكان الذي يحتجز فيها زوجها المدرس بالمعاش أسامة أحمد أنور الذي اختطف أثناء سيره في أحد شوارع منطقة المرج (ذكر البلاغ اسم ضابط الجهاز الأمني الذي اعتقله) ولم يعثر له على أثر بعد ذلك. في الوقت ذاته فإن مواقع «الحرية للجدعان» و«جبنا آخرنا» رفعت الصوت عاليا وهي تتساءل عن تنامي ظاهرة الاختفاء القسري للمواطنين في الآونة الأخيرة. في هذا السياق ذكرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أنه خلال الأيام العشرة التي سبقت ٣ يونيو شملت حالات الاعتقال العشوائي ١٢٠ مواطنا، وثقت الشبكة بينها ١٢ حالة اختفاء قسري. كانت تلك بعض الأخبار التي تلاحقت طوال نهار الأربعاء الماضي ٣ يونيو. وشاءت المقادير أن يكون هو اليوم الذي انتخب فيه «الفريق» عبدالفتاح السيسي رئيسا للجمهورية، الأمر الذي سوغ لجريدة «المصري اليوم» أن تتخير لصفحتها الأولى العنوان الرئيسي التالي «سنة أولى سيسي». كانت هناك أخبار أخرى بطبيعة الحال. لكن ما أثار انتباهي أن تلك الحصيلة دارت حول موضوع واحد، وأن دلالتها لها أهميتها في المناسبة. صحيح أنها لا تصلح معيارا للتقييم، ومن التعسف اعتبارها كذلك، إلا أن دلالتها تمثل صفحة في السجل لا يمكن تجاهلها. وأزعم أنها بمثابة البقعة السوداء أو الحمراء إن شئت الدقة نظرا لخطورتها التي تستوقف من تقع عيناه على الثوب، ذلك أنني قرأت في ثنايا تلك «النشرة» رسائل مؤرقة عدة تتمثل فيما يلي: * أن الجهاز الأمني عاد إلى سيرته الأولى قبل ٢٥ يناير، ولكن بصورة أكثر شراسة. وهذا هو رأي نقيب المحامين الأستاذ سامح عاشور، في تعليقه على واقعة اعتداء ضابط الشرطة بحذائه على محامي النقض في فارسكور. وقد عبرت عن ذلك بصورة أكثر تفصيلا الدكتورة عايدة سيف الدولة الناشطة الحقوقية التي ذكرت في مؤتمر نظم بمقر نقابة الصحفيين المصريين أنها تعمل في المجال الحقوقى منذ ٢٢ عاما، وأن العام الأخير هو الأسوأ في انتهاكاته لحقوق الإنسان. * أن مؤشر الانتهاكات يتزايد بمضي الوقت. وطبقا لبيانات الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان فإن عدد المحبوسين والسجناء منذ صدور قانون التظاهر (في سبتمبر ٢٠٠٣) عددهم نحو ١٨ ألف مسجون، بينهم ١٢ ألفا محبوسون احتياطيا لآجال مطولة قد تصل إلى عامين. وإلى جانب هؤلاء فقد وصل عدد الصحفيين المسجونين إلى ٦٢ شخصا وهو أكبر رقم عرفه التاريخ المصري. وفضلا عن انتشار التعذيب في مراكز الشرطة والسجون، الذي أدى إلى القتل في بعض الحالات، فقد لجأت الأجهزة الأمنية في الآونة الأخيرة إلى استخدام أسلوب الاختطاف القسري. * أنه باسم مواجهة الإرهاب أطلقت أيدى الأجهزة الأمنية على نحو جعلها تستخدم القسوة المفرطة، الأمر الذي أدى إلى قتل المحامية شيماء الصباغ أثناء اشتراكها في مسيرة سلمية، وإلقاء القبض على محام آخر هو كريم حمدى وطالب الهندسة إسلام عطيتو ثم العثور على كل منهما مقتولا بسبب التعذيب في اليوم التالي مباشرة. * أن الشرطة تتصرف باطمئنان كامل إلى أنها لن تخضع للحساب أمام القانون. آية ذلك أنه تمت تبرئة رجالها في أكثر من ٤٠ قضية تعذيب وقتل. والذين أدانهم القضاء في مرحلة، تمت تبرئتهم في مرحلة تالية. ناهيك عن أنه لم يحاسب أحد على قتل نحو ألف شخص أثناء أحداث الثورة عام ٢٠١١. ومعروف أن مسؤولية الشرطة عن القتل أثبتها صراحة تقرير تقصي الحقائق الذي أعدته آنذاك لجنة قضائية مستقلة رأسها المستشار عادل قورة، الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى ومحكمة النقض ــ ومن المفارقات الصادمة أنه تمت تبرئة حبيب العادلي وزير الداخلية في تلك المرحلة ومعاونيه بمقتضى حكم أصدرته محكمة النقض أمس الأول (الخميس ٤ يونيو). ولكي تكتمل الصورة فإن صحف الجمعة (أمس) نقلت عن محامي العادلي قوله إنه سوف يطالب ــ بعد البراءة ــ برد اعتبار الرجل والاعتذار له عن الإساءة التي لحقت به جراء اتهامه في قضية قتل متظاهري الثورة. إن لقطة الأربعاء الثالث من يونيو تفتح أعيننا على صورة مسكوت عنها للمدى الذي ذهب إليه تغول وشراسة الأجهزة الأمنية، وهو ما أعاد إلى الأذهان صفحة تمنينا تجاوزها ونسيانها مستصحبة معها أجواء زمن الخوف والأفق المسدود. وحين ندق الأجراس محذرين ومنبهين فإننا لا نعرف ما إذا كان علينا أن نطالب المؤسسة الأمنية بإصلاح ذاتها، أم نطالب المؤسسة السياسية بتبني موقف حازم لوقف تلك الانتهاكات، إن لم يكن حفاظا على كرامة الإنسان المصري فعلى الأقل حفاظا على رصيد النظام من الثقة والاحترام.