توفر أجواء الشتاء الباردة مناسبة مميزة للعائلات الفلسطينية وخاصة في فترات المنخفضات الجوية وتساقط المطر والبرد بغزارة، فيستغلونها-كل حسب قدراته- بما يسليهم ويخفف عنهم برد الشتاء وظلمة الكهرباء المقطوعة. ويتفنن الغزيون باستغلال تلك الأجواء - خاصة مع انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة خلال الليل وإحساسهم بأن شركة الكهرباء "مشكورة" توفر لهم جواً من الدفء، وتجمعهم حول مائدة واحدة رغبة منها في زيادة الترابط الأسرى بين الأفراد- فيتمتعون بأوقاتهم ويحاولون أن يستغلونها فيما ينفعهم. ومن أكثر الأشياء التي يقوم بها الغزيون خلال الفترات المسائية من أوقات الشتاء الكثيف شوي اللحم وخاصة لحم الحبش والدجاج (صدر – فخذ – جناح) على نار الفحم والحطب، مع إضافة المزيد والمزيد من التوابل والبهارات والفلفل ليرفع من حرارتهم. وبعد التهام المشويات بصحة وعافية يقومون بوضع "الكستنة" على نفس الفحم لتنضج على نار هادئة، فيأكلونها وهم يتجاذبون أطراف الحديث، ويقوم بعضهم بطرح بعض النكات علها تخفف من برد الشتاء "ورومانسية" الجو مع قطع الكهرباء من الشركة "المشكورة". بعد الانتهاء من أكل "الكستنة" يحتاجون لمشروب ساخن، فيسارعون لعمل برادٍ من الشاي ليحبسوا معدتهم، فيضعونه على نفس الحطب والفحم فيستغرق أكثر من ساعة ليجهز على أصوله. بعد إتمام العملية بكاملها، يعمد بعض الناس إلى نقل "الكانون" إلى غرف نومهم، ويغلقون الأبواب والشبابيك خوفاً من دخول هواء بارد يفسد حرارة "الكانون"، ولكن تحل عليهم مصيبة كبرى فيختنقوا ويمكن أن يؤدي ذلك إلى وفاتهم لا سمح الله. أما الكثير من العائلات فتنقل "الكانون" إلى الغرفة ليعطي جواً من الدفء، وبعدها يخرجونه ويطفئوا ناره ويخلدون إلى النوم بسلام. في ذلك الحين تكون عقارب الساعة قد شارفت على الثانية عشر، فيذهب كل فرد إلى فراشه، ويضع ما بين 2-3 من الحرامات فوقه إضافة إلى اللحاف الذي يقوم بعامل الثقل فيمنع دخول أي هواء إلى الجسم، والغريب أمره أن بعض الأشخاص يستيقظون في الصباح ليجدوا أقدامهم كألواح الثلج لم تدفئ بعد. يقوم بعض الغزيون بما ذكرنا، ولكن بعضهم الآخر لا يستطيع فعل ذلك بسبب حالته المادية المتردية، فيكتفي بإشعال "الكانون" على حطب الأشجار وإنضاج الشاي عليه، ثم تدفئة المكان بحرارة "الكانون".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.