اتفق المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية، "رون بن يشاي" مع ما صرح به العديد من المحللين الإسرائيليين في الأيام السابقة حول خطورة وتداعيات التباطؤ في إعمار قطاع غزة وكذلك السيناريوهات المتوقعة للحد من الصواريخ المتقطعة التي تطلقها التنظيمات السلفية من قطاع غزة. ويرى "بن يشاي" أن الصواريخ التي سقطت في النقب الغربي في الآونة الأخيرة تجعل من المتوقع أن يكون هذا الصيف في جنوب فلسطين المحتلة ساخناً مرة أخرى، لكن إطلاق الصواريخ الاستفزازية من قبل التنظيمات السلفية الجهادية في غزة لا يعني أن يكون السبب الرئيسي لذلك. ويدعي المحلل العسكري للصحيفة أن "إسرائيل" بمقدورها أن تلبي رغبة مؤيدي داعش المتمثلة في إشعال جولة قتال كبيرة بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، فهم يهدفون صراحةً إلى أن تقضي "إسرائيل" على عدوهم في قطاع غزة المتمثل بحركة حماس. لكن قد يكون مثل هكذا تحليل يراد به الدسيسة والايقاع بين الفلسطينيين أنفسهم حتى لا تقوم المقاومة بالتجهيز الجيد للجولة القادمة من القتال، لكن ثمة لـ"إسرائيل" مصلحة جلية في وجود عنوان يتمتع بالسلطة في غزة لمنع الفوضى كالتي في سوريا والعراق واليمن. "إسرائيل" من جانبها تعتبر حماس جهة ذات نفوذ وسلطة ولديها ما تخسره ولذا من الممكن ردعها وكذلك إجراء مفاوضات تهدئة طويلة الأمد معها، بينما المجموعات المسلحة الموالية لداعش أو للقاعدة ليست كذلك ولهذا وجب التخلص منها. ومن الممكن القيام بذلك عبر تنفيذ محكم لنظرية العصا والجزرة، فالعصا هنا متمثلة في حملة كبيرة لإعادة بناء قطاع غزة ونمو اقتصادها إذ أن تسريع التمويل الدولي للقطاع سيسمح بتوفير مصدر رزق وعمل غير مهين لآلاف الشباب العاطلين عن العمل هناك، كما أنها ستجعل عائلات السلفيين الجهاديين تكبح تهور أبناءها في تنفيذ أي عمل قد يضر بهم أو بالفلسطينيين حتى لايصبحوا تحت دائرة الانتقاد الشديد من الشعب الغزي بأكلمه. لكن اليوم في ظل الظروف الاقتصادية السيئة، ليس ثمة أي حافز للعائلات والحمولات في غزة لمواجهة الشباب المصابين بحالة ملل منقطعة النظير وتحريض حماس لهم على مقاومة الاحتلال. ويرى كثير من المحللين الإسرائيليين في الفترة الأخيرة أن مواجهة هذه الحالة تكمن في الحل الاقتصادي لأن الحل العسكري سيزيد من الاحتقان ضد "إسرائيل". قائد الأركان السابق " دان حلوتس"، في تصريحات على القناة العاشرة، دعم بشكل واضح الحل الاقتصادي في غزة بدلاً من الحل العسكري بقوله إن "إسرائيل إذا ابقت على سياسة الفعل ورد الفعل فإنها ستجد تدهورا في الأوضاع الأمنية لذلك ينبغي إعادة اعمار غزة وايجاد قناة حوار مع حماس". كما أن زعيمة حزب ميرتس زهافا غالون اتخذت نفس المسار بتصريحها للقناة العبرية السابعة أن الهدوء مع غزة ثمنه ميناء وإعادة اعمار غزة. لكن وعودات الدول بتخصيص مبلغ يصل إلى ما يقارب 5.3 مليار دولار من أجل إعمار غزة أمر كاذب ويسبب الاحباط لأن هذه الأموال لم تصل إلى وجهتا بعد، بدعوى أن الدول الأوروبية والعربية لن تمول الإعمار إلا بعد التوصل إلى تهدئة طويلة الأمد بين حماس و"إسرائيل" بحجة أنهم يخشون من عودة تدمير المشاريع التي سيمولونها إذا اندلعت حرب جديدة، ومن هنا أيضا يتبين مرة أخرى أن الحل هو اقتصادي بالدرجة الاولى. وفي ظل التناقضات الكبيرة التي تحدث داخل غزة وخارجها ايضا يحتم على "إسرائيل" إيجاد حل لعملية إطلاق الصواريخ الاستفزازية من غزة والتي تعرقل سير الحياة الطبيعية لسكان غلاف غزة والتي ستؤدي بشكل حتمي إلى تقويض حالة الردع شيئاً فشيئاً بحسب ادعاء المحللين الإسرائيليين. الكثير من المحللين الإسرائيليين ومنهم "بن يشاي" يرون أن "إسرائيل" لديها خيارات محدودة لمنع إطلاق الصواريخ المتقطعة من قطاع غزة، أول هذه الخيارات هي عملية عسكرية واسعة النطاق كحرب "الرصاص المصبوب 2008 " ، بحيث تشمل دخول بري لاحتلال المدن المركزية في القطاع لمدة قد تصل إلى سنة أو نصفها تسمح للجيش والشاباك باجتثاث كافة التنظيمات الفلسطينية، لكن بالمقابل ستُمنى "إسرائيل" بخسائر بشرية ومادية فادحة. الخيار الثاني يقضي بإعلان حماس جهة شرعية في حكم قطاع غزة ولذا يقع على عاتقها بشكل رسمي منع إطلاق الصواريخ من أراضيها باتجاه الأراضي الإسرائيلية وحتى لو أُطلقت من قبل "تنظيمات مارقة" بحسب ادعاء صحيفة يديعوت، وبموجب ذلك فإن أي اعتداء يقع على "إسرائيل" خارج من غزة فإنه يحق للجيش الإسرائيلي استهداف الممتلكات العسكرية والمدنية لحماس، لكن دون السماح بانهيارها بالكلية. لكن المحللين يرون أن الخيار السابق سيدفع باتجاه الحرب المبكرة لأن حماس لن تسكت عن أي استهداف لمقراتها وستدافع باستماته عنه إضافة إلى أن الاعتراف بشرعية حماس في حكم غزة له استحقاق سياسي كبير على الصعيد المحلي والدولي. الخيار الثالث يعتبر الأقرب للتنفيذ في المرحلة القادمة بأن تكون هناك عملية تأديبية مباشرة ضد عناصر السلفية الجهادية في القطاع مثلما فعلت "إسرائيل" في الماضي ببعض التنظيمات الفلسطينية وهذا الخيار هو الأقل تكلفة لـ"إسرائيل"، وتشمل قتل كوادر هذه التنظيمات غيلةً، واستهداف بنيتها التحتية. ولكن الخطورة تكمن في هذه الطريقة في أن حماس قد تواجه تحديات وضغوطات تؤول بها إلى قيام ذراعها العسكري بالذود عن تلك التنظيمات وحماية عناصرها. في النهاية كل من تحدث عن قطاع غزة في الأيام الأخيرة من المحللين الإسرائيليين أجمع أن الحل الأمني يجب أن يتأخر ويجب أن يقدم الحل الاقتصادي لأنه الأقل تكلفة لـ"إسرائيل"، و في النهاية ستستفيد منه اقتصادياً لأن كل مواد الاعمار ستصل لغزة عن طريق إ"سرائيل" وبهذا يتم دعم الاقتصاد الإسرائيلي.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.