على أمل عاش أصحاب البيوت المدمرة ، نصبوا خيام اللجوء فوق الأنقاض ، تحملوا حرارة الصيف وبرد الشتاء ، رسموا أحلامهم على وقع ملايين الدولارات التي رصدت لاعمار ما دمره الاحتلال ، كادت أن تنسيهم آلاما تجرعوها بسبب الحصار والدمار . غير أن تلك الأحلام سرعان ما تبخرت ، و ضاعت كما ضاعت ذكرياتهم بين ثنايا الركام والدمار . كانت صادمة للمتضررين ، أشد من "الصواعق" التي تضرب السماء من حول خيامهم المهترئة ، تلك المعلومات التي كشف عنها رئيس الوزراء إسماعيل هنية ، أن أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي أبلغه خلال لقائهما بالقاهرة، أن محمود عباس تسلم أموالا كانت مخصصة لمشاريع الإعمار بقطاع غزة هنية أوضح أن الحديث يتعلق بنحو 35 مليون دولار حجزت قبل أربع سنوات لدى الجامعة العربية بعد رفض السلطات المصرية إدخالها معه بعد عودته من جولة خارجية عقب توليه رئاسة الحكومة. وأكد رئيس الوزراء أنه خلال لقائه بالعربي طالبه بهذه الأموال باعتبارها من حق سكان غزة المحاصرين، فاتضح أنه قد تم صرف الأموال قبل نحو ثلاثة أشهر لعباس لصالح حسابات متعلقة بالسلطة في رام الله، دون أخذ رأي حكومة غزة أو إعلامها بذلك ، وهذا ينفي صحة ما قاله عزام الأحمد إنه جرى تسليم الأموال للسلطة بالتوافق مع حماس. [color=red]آمال تحطمت وأحلام ضاعت[/color] أبو محمد أحد متضرري الحرب ، من صدمته علق أعلى خيمته ورقة كتب فيها " لا اعمار ولا انتظار ، إلنا الله " ، اقتربنا من خيمته ، باغتتنا زوجته بقولها " سرقوا حقنا زي ما ضيعوا دمنا حسبنا الله ونعم الوكيل " في إشارة إلى سلطة عباس. ولم يستغرب جاره أبو علي ، عندما سألناه عن شعوره ، وقال " سئمنا فضائح السلطة مذ عرفناها " ، معيبا " من يدافعون عنها وهي الفاسدة أخلاقيا وسياسيا". وطالب أبو علي باسترجاع الأموال المستحقة ، بل وبمحاكمة المسئولين عن تعطيل مشاريع اعمار في قطاع غزة. ورأى أنهم يسعون من وراء سرقة أموال غزة إلى زيادة الضغط على أصحاب البيوت المدمرة ، لدفعهم للانفجار في وجه حكومة غزة ، لافتا إلى أن " الحكومة في غزة قدمت لنا ما في وسعها والحصار طال الكل ، ورغم ذلك جاءت بأموال وهو سرقوها ". ويبدو أن المسنة أم روحي ، كان نفسها طويل مع الصبر ، قالت " صبرنا على الحصار والدمار ، حتى لو سرقوا خيامنا هينا صامدين " ، مضيفة " إلنا الله يا عباس هينا منتظرين الله يفرجها". أما الطالب الجامعي محمد عمر ، اعتبر أن سرقة أموال الاعمار "فضيحة سياسية وأخلاقية تضاف إلى سلسلة فضائح السلطة ، بل وجريمة إنسانية ترتكبها السلطة بحق آلاف المشردين في العراء ". وقال " يذرفون دموع التماسيح على معاناتنا ، وهم من تسببوا بها ، بدءا من تأييد الحرب ومرورا بفضيحة تأجيل مناقشة تقرير غولدستون في الأمم المتحدة وهي وثيقة رسمية أدانت الاحتلال بارتكاب جرائم حرب في غزة ، وليس آخرا فضيحة سرقة أموال اعمار غزة". [color=red]تغطية على الفضيحة[/color] مستشار هنية يوسف رزقة ، اتهم سلطة رام الله بأنها تحاول التغطية على" الفضيحة المالية التي فجرها العربي " من خلال التشويش على زيارات هنية والحكومة المنتخبة ، وقال "أخذوا يديرون معركة إشاعات وتضليل، فزعموا أن جولة هنية والوفد المرافق له قد أهدرت المال العام، وبالغوا في الأرقام، وفي التكاليف، وكأنهم ومَنْ يمثلون هم أهل الشفافية والنزاهة والزهد. وأضاف "من تحدّثوا عن المال وعن التكاليف، هم تحدثوا من زاوية ضيقة، لتضليل الرأي العام أولاً، وتحدثوا من منطق كاره لحماس ثانيًا، وربما أرادوا التغطية على الفضيحة المالية التي فجّرها نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية،" لافتا إلى أن "الأمر الذي أدهش رئيس الوزراء وأحزن غزة، رغم أن المال مسجل في البنوك بأسماء شخصيات من غزة. وطالب رزقة " من شوشوا على الرحلة بمزاعم مالية فاسدة عليهم مراجعة أنفسهم، والنظر في انحرافات من يُمثّلون ماليًا، فالشعب الفلسطيني الذي ألهم الثورات تجاوز حالة الوعي الراشد، وبات على مشارف ثورة حقيقية شاملة وكاملة، وأول ضحاياهم المفسدون. أما القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" صلاح البردويل أكد ، سعي الحركة والحكومة الجاد لاسترجاع أموال اعمار غزة التي تسلمتها السلطة من الجامعة العربية دون علم أحد. وقال في تصريح صحفي "إن المبالغ المالية التي احتجزتها مصر من قيادات في "حماس" وأودعتها في حسابات بنكية بأسماء أشخاص، والتي سلمتها جامعة الدول العربية للسلطة الفلسطينية، هي "حق لقطاع غزة وللأشخاص الذين تم تسجيل الأموال بأسمائهم، وأنهم يسعون لاسترجاعها وفق القوانين التي تكفل لهم ذلك". و طبقا لتقرير للأمم المتحدة ، فقد ألحقت حرب 2008 دمارا شاملا ، بأكثر من 3530 منزلا في غزة وتعرض أكثر من 2850 منزلا لدمار شديد و52900 لدمار جزئي، ودمرت أيضا وزارات ومقار أمنية ومراكز شرطة تابعة لوزارة الداخلية الفلسطينية. إلى جانب ذلك ، ارتقى 1417 فلسطينيا ، 65 في المائة منهم من المدنيين، ومن بين هؤلاء 313 قاصرا و116 امرأة، وأصيب نحو خمسة آلاف فلسطيني آخر.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.