نتحدث عادة عن تأثير الحروب والموت والصدمات على الإنسان عامة، وعلى الأطفال خاصة. ولكن ماذا عن هذا الجهاز المتواجد في كل بيت، هذا الجهاز سهل الاستعمال لكل الأجيال، يجلس أمامه الأطفال والكبار ساعات طوال يوميا ليل نهار، وخاصة خلال أيام الشهر الكريم، لمشاهدة مسلسلات رمضان. وبالتالي فهو يشكل عاملا هاما من العوامل المؤثرة في تربية الأطفال. [title]التأثير على سلوك الأطفال[/title] عند حديثنا عن الأطفال نتحدث عن مرحلتين، المرحلة العمرية الأولى هي مرحلة الطفولة المبكرة حتى سن الخمس سنوات، والمرحلة الثانية التي تمتد بين سن السادسة وسن الثانية عشرة، إذ تبدأ عندئذ سن المراهقة. المرحله العمرية الأولى: في هذه المرحلة، لا يميز الطفل بين الواقع وبين الخيال، إذ كل ما يراه، بالنسبة إليه، هو حقيقة. المرحله الثانية: بعد سن الخامسة، يبدأ الطفل بإدراك ان ما يراه ليس واقعا ولكنه لا يحلل التصرفات ويقوم بتبني تصرفات شخصية يراها لدى الآخرين. حسب نظرية فرويد في التحليل النفسي، فإن العنف هو غريزة خلقية مولودة مع الإنسان، يتعلم لاحقا، كبحها وكيفية التعامل مع غضبه. حسب نظرية بافلوف ونظرية علم النفس السلوكي، فإن الطفل يتعلم من خلال ما يحدث معه في بيئته ومن خلال العقاب والثواب. عند مشاهدة المسلسل أو البرنامج فان الطفل يكون مصغيا للأحداث بكل حواسه، كما باقي أفراد العائلة، الفرق بينه وبينهم انه لا يملك القدره على التحليل. فاحتمال تذويته ما يراه دون أن يفكر أو يختار، لذلك فان عملية المشاهدة هذه تشكل عملية بلورة لشخصية الطفل، خاصة وان المسلسلات والبرامج التلفزيونية هي نوع من أنواع الثقافة العامة. في مسلسلات رمضان وبشكل عام، يكون البطل عادة صاحب شخصية أحادية الطبع والطابع. فهو ظالم او مظلوم، الجلاد أو الضحيه، طيب أو شرير، مسيّر أو مخير. هذا التقسيم الحاد يجعل الطفل المشاهد يقسم العالم إلى قسمين ولا يحكم على التصرف نفسه بل يتعامل مع أي تصرف يمارسه البطل باعتبار أنه تصرف صحيح، حتى لو كان التصرف عنيفا أو منافيا للأخلاق، فيكون البطل على حق دائما، خاصة عند الانتقام من أعدائه. ينظر الطفل الى هذه التصرفات بنظره عامه شموليه تخلو من التحليل والفهم ويتماهى مع البطل. فيصبح كل تصرف يقوم به البطل محل تقدير وإعجاب، وبالتالي يتبنى الطفل هذا التصرف الذي حظي بالمصداقية وتمت شرعنته. فالمعتدي عادة لا يعاقب ولا يتم عرض معاناة الضحية. [title]تعزيز الفكر السائد بأن العنف هو القوة.[/title][title][/title] عالم الاقتصاد فردريك تسيمرمان والطبيب ديمتري كريستاكيس أجريا بحثا حول تأثير المشاهد العنيفة على الطفل وخلصا إلى النتيجة التالية: ان هناك علاقة طردية بين مشاهدة العنف والاضطرابات السلوكية لدى الاطفال، إضافة الى زيادة اضطرابات الاصغاء والتركيز لدى الأطفال الذين يشاهدون مسلسلات عنيفة، علاوة على ما تسببه من مظاهر الانطواء وعدم التواصل مع الأصدقاء.اليكم المزيد حول العنف ضد الاطفال! إضافة إلى مسلسلات رمضان، ينتشر ويزداد أيضا، عرض مقاطع وبرامج الكاميرا الخفية، والتي يكون بعضها عبارة عن لقطات تعرض معاناة شخص بعد تعرضه لحادث معين ويكون هذا مصحوبا بالضحك. هذه المقاطع فيها بلبله كبيرة بالنسبة للطفل. فمن جهة يرى الألم ومن جهة أخرى يرى ضحك الآخرين على التألم أو المعاناة. وهذا بينما يتعلم الطفل، وخاصة في سن الطفولة المبكره، أن الألم مربوط بالبكاء أو الصراخ. وهكذا تخلق هذه البرامج بلبلة وتشوشا عاطفيين لدى الطفل. حتى نساعد الطفل على اكتساب قيم غير مزدوجة ولكي نساعده على مواجهة الصراعات الكبيرة بين واقعه وبين ما يتلقاه، هنالك حاجة إلى تقليل عدد الساعات التي يقضيها الطفل أمام التلفاز ومرافقة الطفل خلال مشاهدة مسلسلات رمضان والقيام بالشرح قدر الإمكان حتى يتمكن أبناؤنا من بناء قيم إنسانية سليمة وحتى يحافظوا على تواصل سليم مع ذواتهم ومع الآخرين.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.