8.9°القدس
8.66°رام الله
7.75°الخليل
15.57°غزة
8.9° القدس
رام الله8.66°
الخليل7.75°
غزة15.57°
الثلاثاء 03 ديسمبر 2024
4.63جنيه إسترليني
5.13دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.85يورو
3.63دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.63
دينار أردني5.13
جنيه مصري0.07
يورو3.85
دولار أمريكي3.63

حين تضيعُ "تحويشة العمر" في مشروع "الهِواية"!

خبر: اقترب من "الاحتراف"..يبعد عنك "الفشل"

حين تضيعُ "تحويشة العمر" في مشروع "الهِواية"! هناك من الأفراد من يخوض مشروعاً كبيراً متعكِّزاً على "هِوايتِه".. فتجده يستثمر مبالغ كبيرة بحماسٍ ورؤيةٍ متفائلةٍ عن مستقبلٍ مشرقٍ وأرباح كبيرة.. إيمانا بنجاح المشروع ودعماً للفكرة، وقد يكون هذا المبلغ هو تحويشة العمر أو الثروة الوفيرة التي حَظَا بها من عزيز، وعندما يبدأ المشروع بالعمل وتُصرَف المبالغ الكبيرة على التجهيزات الأوليَّة من إعداد المشروع وغيره.. يجد صاحب المشروع أن الأحلام والآمال التي بناها على نجاح هذا المشروع لم يتحقق منها المطلوب، ليضيع ماله وتتحطَّم أحلامُه على صخرة "الهِواية".. فهل تكفي "الهواية" للوقوفِ بمشروعٍ وإنجاحِه؟. [color=red][title]مشروع فاشل[/title][/color] لا بد وأنك راقبت في منطقتك مشاريع تنجح، وأخرى تفشل، رغم أن المال لم يكن هو السبب الواضح للمشاريع الفاشلة أو الناجحة. لكن السبب بلا شك هو طريقة إدارة المشروع، فمن يعمل بشكل محترف مع كل ما يقتضيه مفهوم الاحتراف من تخطيط سليم، واهتمام بأدق التفاصيل، سينجح غالبا، فيما أن الفشل سيكون قرين كل من يضع نفسه في خانة الهواة، مهما امتلك من مال. أحد أصحاب المحال التجاريَّة قام بفتح محلٍ لبيع ملابس الأطفال في منطقةٍ غير مركزية، بعد أن شيَّد بناءه بشكلٍ مُبهِرٍ وجذاب، وجَلَب إليه أفخم الملابس وأغلاها سعراً أيضاً- على اعتبار أن فخامتها ستضطر المشتري أن يدفع ولا يُبخِّسَ في الشراء-!، لكنه ما لبث بعد بضعة شهور أن أغلق محلَّه وحوَّله إلى "مسمكة" بألذِّ الأسماك وبنفس الفخامة السابقة! الغريب أن محل الأسماك أيضاً كان كحال سابقه! فبعد بضعة شهور أٌخريات أُغْلِق، ولم يفتح صاحب المحل شيئاً بعدها، تُرى بمَ يفكِّر هذا الرجل الآن؟ ربما يفكر في فتح محلٍ للفلافل أو لا يفكر بفتح محلٍ أصلاً! "أم فايز محجز" والتي تسكن قريباً جداً من هذا المحل تقول:"دخلي المادي جيد، ولا يمنعني شيءٌ من أن أشتري من هذا المحل، لكن أسعاره الباهظة تنفر من القدوم إليه حتى وإن كنت قادرة، وبالمقابل فإن ذهابي لأحد الأسواق حيث عشرات المحلات في مكانٍ واحد سيجعلني أمام خيارات كثيرة وأسعار أيضاً مختلفة، ومنها أنتقي ما شئتُ"، أما عن السبب في تحويل محل الملابس لمسمكة فبرأيها يرجع إلى سوء اختيار الموقع المناسب خاصة وأنه شُيِّد في مكانٍ فيه الناس بسطاء مادياً بل وكثيرٌ منهم فقراء، والدليل أن الكثير من سكان المنطقة يدخلون المحل "للتفرُّج" فقط، ويخرجون بلاشيء،وتتساءل بتعجب:"من ذاك الغني الذي سيأتي "خِصيِّصاً" لهذه المنطقة كي يشتري لأطفاله؟! مضيفةً:"الأمرُ نفسُه حدث مع صاحب المحل بخصوص المسمكة، وكلي ثقة أنه لو فتح محلاً للفلافل"بنفس الفخامة" لكان أربَح له من أن يعرض بضاعةً لا يقدر المحيطُ حولها من شرائها لتصبح مجرد ديكور! ولكن، أين صاحب المحل؟ دعونا نحادِثْهُ لنتعرف على ما يفكر به اليوم.. إنه أبو شادي مدرسٌ للغة الإنجليزية.. يحب التجارة، ويسمع كثيراً أنها مربحةٌ في أغلب الأحيان، فقرَّر أن يفتح محلاً ويتاجر كي يربح! دون تخطيط يا أبا شادي؟ يبتسم ويقول: أحببتُ أن أجرِّب فشرف التجربة يكفيني وعلى الأقل حققتُ شيئاً أهواه وكنت دوماً أتمناه، حتى وإن فشل؟ إذاً أنت تعترف بالفشل..يردّ: نعم فحرفتي الأساسية هي تدريس اللغة الإنجليزية وليس التجارة، وعلى ما يبدو فقد كان عليَّ أن أحترف التجارة وأعرف أسباب نجاحها كي أنجح. طيب.. ماذا ستفعل الآن؟ يبتسم ثانيةً ويردّ:"غالباً لن أفتح محلاً تجارياً أبداً..". [color=red][title]احتراف حتى في الدراسة[/title][/color] هويدة مصبِّح طالبة جامعية متخصصة باللغة الإنجليزية، وفي كل فصل دراسيٍّ تحصل على منحة "امتياز" فتوفِّر على والدِها -صاحب الدخل البسيط- رسوم كلَّ فصل، وعن سرِّ تفوقِها تقول:"الدِّراسةُ (إرادةٌ وجهدٌ وظروف) يخلقُها الإنسانُ بيدِه، فإن توفَّرت الإرادةُ وبُذِلَ الجهدُ وأُتيحَت الظُّروف انتزعَ الشخص "الاحتراف" فصار دارِساً مُحترِفاً، وما احتراف الدراسة إلا ضمان للتفوق".. وتضيف:"في المراحل الدراسية الأولى من حياتي وحتى نهاية الثانوية العامَّة لم أكن أهتم بالتفوق أبداً، فعقلي آنذاك لم يكن ناضجاً بالدرجة التي تدفعني لترك -حتى-مسلسلٍ من أجل الدراسة".. وما الذي تغيَّر بحياتِك إذاً؟ تردّ:"الوضع المادي في البيت لا يسمح بأن أحظى بما يقارب "280 دينار" كل فصل، بالمقابل قالها لي والدي بجملةٍ واحدة بعد انتهاء المرحلة الثانوية:"سلاحُكِ يا بنتي شهادتِك فانتزعيها بجهدِك لا بمالي، فإن مالي قليل".. [title][color=red]شعلة الاحتراف[/color][/title] وقتها التهبت شعلةُ المنافسة مع الذات في نفس هويدة، وبدأت بتفكيرٍ جديدٍ بل حياة جديدة، وقرَّرت أن تخوض الجامعةَ في تجربةٍ كانت على ثقةٍ بأنها ستنجح بها.. فماذا فَعَلَت؟ تقول:"برمجتُ لدراستي جدولاً يضمن لي وقتاً لا بأس به من المذاكرة والتحضير والتكرار، علماً أني لم أحرِم نفسي أو أعزلها عن العالم الاجتماعي لكني لا أنكر أني حدَّدتُها قليلاً.. لم أترك محاضرةً إلا وكنت أُولَى المواظبات على حضورِها، وشيئاً فشيئاً بتُّ أشعر بأني مميزة خاصة بعد أول فصلٍ جامعيِّ، عندما حصلت فيه على معدل ممتاز مُنِحتُ لأجلِه رسوم الفصل التالي". وتنوِّه هويدة إلى أنها كثيراً ما كانت تضعفُ قليلاً أمام النعاس خاصة نعاس الفجر، لكنها سرعان ما كانت تُهيِّئ لنفسِها الظروف من أجواء الإنارة والتنبيه وغيرها لتستمر في الدراسة، لتؤكد من جديد أن العزيمةَ أقوى من أن تضعف عند مجرد نعسٍ أو تعبٍ. والجميلُ أن تعوُّدَ هويدة على المذاكرة طويلاً جعلها تشعر بلذَّةٍ غير معهودة –حسب قولِها- بل وأصبحت ترتاد مكاتب الجامعات بشكلٍ نَهِمٍ لتصف طبيعة الدراسة التي اعتادت عليها بأنها "احتراف" صنعتْهُ بنفسِها... هويدة لم تكن تسهر الليالي الطوال أو تنعزل عن العائلة بل كانت تنظم وقتها بشكلٍ يضمن لها التفوق، وبذاك النظام تحقَّق الحُلم، وأصبحت الدراسة لديها "احترافاً" وبه ارتقت بنظر كل من حولها. ولو فَصَّلنا حديث هويدا قليلاً، لوجدناها تفنَّنت في طرق الدراسة والتخطيط والتنظيم بعد أن وضعت نصب عينيها هدفاً محدداً تبعاً لظروف بيتها ، ومن ثم نَجَحَت وتفوَّقت، ومن بعدها شعرت بأنها "محترفة" دراسياً، لتصبح الدراسة بنظرِها "كمهنة "حرفةً" في سبيل النهوض بنفسِه. الدكتور باسم محمد والذي يعمل رئيساً في أحد المختبرات في السويد، يقول :"الإنسان لا يُسمى محترفاً إلا إن نجحَ ونجَ وشبع نجاحاً.. ووقتها يمكن أن نسميه محترِفاً..". ليطابق بكلماتِه كلماتَ سابقتِه. وعن رأي أهل الاختصاص في تنمية الموارد البشرية في الجامعة الإسلامية يرى د. سامي أبو الروس أن الاحتراف "تمكن مهنيّ يرتقي بالإنسان للنجاح والتفوق"، بينما الهواية "ميلٌ للشيء والرغبة فيه" مضيفاً:"إن نجاح أي مشروعٍ لا يكون إلا بالتخطيط المسبق له، فلا يعقل لأي مشروعٍ أن ينجح طالما لم يُخطَّط لنجاحه". [color=red][title]الهواية وحدها لا تكفي[/title][/color] إذا للنجاح معايير لا بد من أخذها بعين الاعتبار؟ نعم، يرد د. أبو الروس، مضيفاً:" ومعايير النجاح أن يمتلك الشخص مؤهلاتٍ تكفل له النجاح، كالشهادة العلمية –في بعض المشاريع- والمهارة في الحرفة واللباقة ودراسة البيئة والظروف المحيطة، والاهم من هذا أن ينظر الشخص إذا ما كان المشروع يتناسب وقدراته وإمكانياته والبيئة من حوله أم لا"، ويوضح د. أبو الروس أن الجمع بين الهواية والاحتراف يزيد من فرص النجاح، فالهواية وحدها لا تكفي للنجاح، إنما الأصل في النجاحِ احترافُه. ويوضح د. أبو الروس أنَّ هناك نوعان من الفشل تتعرض لهما المشاريع ، وتحت كل من هذين النوع تندرج عشرات من عوامل الفشل، أما عن النوع الأول "فهو الفشل الاستراتيجي والذي يتمثل بعدم دراسة جدوى حقيقية وفعلية لمدى نجاح المشروع، فقد يكون الدافع الرئيسي هو مشاهدة نجاح مشروع مماثل، فيعتقد المغامر الجديد أن النجاح سيتحقق لأي مشروع مماثل، والنوع الآخر –حسب د. أبو الروس يتمثل في الفشل التكتيكي، والذي قد تكون فيه الفكرة ناجحة والمشروع ويمكن للمشروع أن ينجح أيضاً ويحقق الأرباح المطلوبة، ولكن هناك سوء الإدارة في تنفيذ المطلوب تمنع نجاحه. [color=red][title]انجح.. لتصبح محترفاً[/title][/color] وفي دراسة نشرت على صفحات جريدة "صنداي تايمز" عن أحوال النجاح للمشروعات الشخصية يقول أكثر الذين نالوا النجاح أن عدم الإشراف على المال هو أحد أسباب الفشل، فالمال في يد غير صاحبه قد يُذهِبه في المكان غير الصحيح، أما عن التنويع والتجديد مع البقاء في نفس مجال الخدمة، أمران من شأنِهما أن يضمنا النجاح أيضاً، لكنهم يحذرون من التفرع المختلف، كأن يكون الشخص صاحب مطعم وبنفس الوقت بائع للأغذية المحفوظة. وقد أكَّد د. أبو الروس أن التجارة شطارة، إلا أن الخداع والكذب اثنان لا يدخلان في الشطارة نهائياً بل قد يقلبان النجاح كله لفشلٍ فجائي ، فإن الأمانة ونظافة الذمة هي أمر إيجابي للنجاح حسب د. أبو الروس، ويُتبِع:"كن كريما مع العاملين معك، فإنهم أحد أسباب النجاح، وأحد أسباب الفشل، وإن استعطت أن تقدم لهم نسبة من الأرباح، وتعلمهم مقدما أنها حق لهم، فإن مشاركتهم ستختلف، من عمال معك إلى شركاء في الربح، وسيضاعفون جهدهم في خدمة المحل والتجارة التي أنت تملكها وأنت صاحبها".. فإن بحثتَ عن عوامل النجاح والتفوق، نجحتَ وأصبحت تستحق أن يُطلق عليك "محترفاً، فاحرص قارئي على أن تكون محترفاً لا مجرّد هاوٍ.. لتكن فعلاً ناجحاً.