14.45°القدس
14.21°رام الله
13.3°الخليل
18.08°غزة
14.45° القدس
رام الله14.21°
الخليل13.3°
غزة18.08°
الأربعاء 02 ابريل 2025
4.77جنيه إسترليني
5.21دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.99يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.77
دينار أردني5.21
جنيه مصري0.07
يورو3.99
دولار أمريكي3.7

خبر: "أم هيثم" ... حكاية صبر وصمود فلسطينية

حوت السجون آلاف القصص والحكايا على مدار أكثر من 65 عاما على الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين، وما أكثر تلك العائلات التي شتت شملهم الحياة وجمعتهم زنازين السجون، فكم أب ترك ابنه طفلا ليجتمع به شابا في السجن، لكن أن تجتمع أم بنجلها في زنازين التحقيق فهذا ما ندر حدوثه.

لم يكن فجر 21/6/2015 الموافق لليوم الثالث من رمضان يوما عاديا في حياة "سهام البطاط"، فقبل أن تتم سحورها باغتت هدوء الفجر قوة همجية إسرائيلية، اقتحمت المنزل، فتشته وعاثت فيه خرابا قبل أن تكبل يدي أم هيثم وتغمض عينيها وتنقلها إلى عالم المجهول.

أم هيثم الخمسينية حسب ابنتها "دعاء" كانت تعتد في بيتها لوفاة زوجها التي ما مر عليها أكثر من شهر، وكان شهر رمضان المبارك قد زار بيتها ليحرك جبال الحنين في صدرها، فهذا أول رمضان دون أبي هيثم رفيق العمر، كما أنه الرمضان العاشر وهيثم مغيب في السجون الإسرائيلية ويحمل على كاهله 3 مؤبدات، أرهقت والديه وشقيقتيه شوقاً.

سارت عربات الجيش تقلها إلى عسقلان، لكن أم هيثم تعرف الطريق جيدا إلى عسقلان، بل والى كل السجون الإسرائيلية ، فقد زارتها جميعا عندما كانت تضم بين جنباتها أشقائها، فقد أخذت على عاتقها زيارة أشقائها منذ تسعينيات القرن الماضين ولم تكن تعلم بأن مشوارها سيستمر، وستتحول من شقيقة أسرى إلى والدة أسير، بل والى أسيرة.

رزق الله أم هيثم بنجلها الوحيد بعد 9 سنوات على زواجها، ثم أكرمها الله بـ "دعاء وميسم"، ربت أم هيثم عائلتها الصغيرة على ما تربت عليه من حب الأرض، والانتماء للهوية الفلسطينية أرضا وعقيدة، حتى غدا ابنها شابا يافعا وسار على درب خاله الشهيد القسامي "إياد البطاط" الذي اعتقل وطورد لسنوات قبل استشهاده.

كان هيثم يسير في درب المقاومة والجهاد، وكانت هي تعلم بذلك، ولم تمنعه ، بل ولربما ساندته في أكثر من موقف ، حتى انكشف أمره للاحتلال وطارده فترة من الزمن قبل أن تتم محاصرته في أحد المنازل، ركضت أم هيثم إلى البيت المحاصر، طوت الأرض تحت قدميها، وقفزت عن جدر شاهقة، فهي رغم حبها للأرض لكنها لم ترغب أن تسمع خبر استشهاد "هيثم"، حاورته عبر مكبرات الصوت فخرج من مخبأه وتم اعتقاله ليحكم عليه بعدها بالسجن المؤبد 3 مرات.

دعاء ابنتها الوحيدة التي تقيم هنا، بعد أن تزوجت شقيقتها في الأردن تقول: "أمي مميزة ذكية خدومة، وشخصية اجتماعية من الطراز الأول لها كلمتها المسموعة عند الجميع، كما أنها مواكبة لمتطلبات العصر التكنولوجية، فهي حاذقة في فنون التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي، وتنزيل البرامج على الحاسوب".

تكمل دعاء: "يوم إصدار الحكم الجائر بحق أخي هيثم رأيت أمي جبلا صامدا، حتى أنها كانت تخفف عن والدي وعنا وقع الحكم"، وتضيف دعاء : "كانت أقسى المواقف التي مرت علينا وقت صفقة وفاء الأحرار، حيث أصبنا بخيبة أمل عندما لم يكن اسم هيثم ضمن الأسماء المدرجة للإفراج، لكن أمي صبرت مرة أخرى وبابتسامها الدافئة شاركت أمهات الأسرى المحررين فرحتم وقلبها يعتصر ألما".

وتضيف دعاء: "أمي لم تترك فعالية للتضامن مع الأسرى لم تشارك بها، حتى اعتصامات التضامن مع الأسرى السياسيين شاركت بها أيضا".

كان أول اعتقال لوالدتي – حسب دعاء – قبل أكثر من عامين عندما كانت في زيارة لشقيقي هيثم، حيث أوقفت لمدة يومين، ثم صدر قرار بمنعها من الزيارة استمر حتى اعتقالها الأخير".

وتكمل دعاء وقد اختلطت كلماتها بدموع الحنين: "أمي الآن معتقلة في سجن عسقلان، ويجري التحقيق معها هناك، هي فخرا لنا ولأحفادها".

انتهى حديث دعاء الشجي، لكن قصة اعتقال والدتها لم تنته بعد، ولم تعرف هي إلى الآن سبب اعتقال والدتها، ولا حتى موعد الإفراج عنها، لكن الأمل يحذوها كما يحذو جميع أهالي الأسرى بالإفراج عن أبنائهم قريبا في صفقة جديدة، ولسان حال دعاء "عسى الله أن يجمعني بهم جميعا".