لم تكد أم إسلام زوجة المعتقل السياسي كامل حمران من قرية الهاشمية في جنين تستفيق من صدمة رفض جهاز المخابرات العامة إطلاق سراحه قبل عيد الفطر، وجعل العائلة تعيش أصعب أيام حياتها في ظل غيابه عنها في مناسبة دينية واجتماعية، حتى وقع عليها نبا نقله إلى سجن الجهاز في بيت لحم كالصاعقة.
في هذا الوقت، تمر عائلة المعتقل السياسي يعقوب استيتية من نابلس بحالة مشابهة، بعد تمديد اعتقاله 15 يوما، ومنع زيارته، وعدم امتلاكها لأية معلومة عنه منذ اعتقاله قبل عشرين يوما.
تقول أم إسلام "لا يكفي هؤلاء الظلمة أن حرموا طفلاي من أبيهم وحرموه منهم، وقبل ذلك عذبوه واعتدوا عليهم حتى بات جسده نحيلا وهزيلا.. بل أنهم أصروا على تمديد اعتقاله، ورفض الافراج عنه رغم كل محاولاتنا من خلال مؤسسات حقوق الإنسان والمحامين".
وتتابع "كان لدينا أمل على أن يتم تكفيله والافراج عنه حتى نعيش أجواء العيد كبقية العوائل الفلسطينية ونحاول أن نعوض الغياب القسري له في سجون السلطة، لكن المحكمة مددت اعتقاله 15 يوما، رغم أن ملفه انتهى كما أبلغني، لكن القاضي لا يملك من أمره شيء، ومجرد توصية من الجهاز الأمني حتى تخنع له المحكمة، وتنفذ دون نقاش".
نقله إلى بيت لحم
إلى هنا، كان الأمر على صعوبته محتملا، فأم إسلام وهي الشابة الصابرة المحتسبة نذرت زوجها ونفسها وأولادها لله، وهي على قناعة تامة أن الله سيقف إلى جانبهم في كل وقت.. إلا أن لقدرة الإنسان على الصبر حدود، وهنا تشرح وتقول: "أبلغونا أن هناك زيارة لكامل في سجن الجنيد اليوم (أول أيام العيد)، وبالفعل حضرت نفسي واولادي للقاء الذي خططت أن نستغله لأخر دقيقة علني أشعر بلذة العيد وأتناسى همومي.. إلا أن السلطة ومن ورائها الأجهزة الأمنية تصر على الإيغال في الظلم وتفريق الشمل وزرع الحرمان، حيث نقلوه ليلة العيد إلى سجن المخابرات في مدينة بيت لحم كعقاب له دون أن نعرف السبب، ونقلوا أخوه علي المعتقل ايضا معه إلى سجن أريحا، لنعيش في دوامة جديدة.
لم تستطع أم إسلام أن تخفي دموعها التي انسابت بغزارة، عندما رأت نجلها إسلام الذي يعاني من طفرة في الجينات، تسببت له بصعوبة في التطور والإدراك وارتخاء في العضلات، فتقول "كان زوجي يرافقني في علاجه والعناية به، فهو يحتاج إلى مراجعة مستمرة للمراكز الصحية لمتابعة حالته، وغيابه في هذه الفترة الحرجة يزيد من معاناتنا ويؤخر علاج طفلنا".
وتختم "لا يكفي أن الأجهزة الأمنية حوّلت شهر رمضان إلى شهر حزن ومعاناة، حزنِ الفقد ومعاناة الغياب، ففي كل ليلة أقف بين يدي ربي أناجيه بتعجيل الفرج، والانتقام ممن حرمنا دفء الأسرة وغيبَ عنا وجوه من نحب".
يعقوب الغائب
في نابلس، لا مكان للعيد في مزل عائلة المعتقل السياسي يعقوب استيتية -30 عاما-، فمنذ أسبوعين والعائلة لا تعرف عنه شيئا بعد اعتقاله لدى أجهزة السلطة.
وتعيش زوجته في حالة نفسية سيئة بعد أن نكثت السلطة بكل الوعودات التي قطعتها بالافراج عنه قبل عيد الفطر.
يقول أحد أقاربه "لا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل.. ماذا فعل يعقوب لهم، فلا يكفي انه معتقل لدى الاحتلال لعامين، وبدلا من تكريمه تزج به السلطة في سجونها وتحرمنا منه".
ويضيف "بعد تحرره من سجون الاحتلال تزوج وأنجب ولا هم له هذه الأيام إلا عائلته وعمله، وهم يعرفون ذلك جيدا، لكنهم مصرون على التنغيص علينا".
لكن العائلة تشعر بخوف عليه، فاخباره مقطوعة منذ اعتقاله، وهي محرومة من زيارته.. حاولنا مع أطراف عدة لكننا فشلنا. اتصل بنا رجل طلبنا منه أن يتوسط لنا علهم يفرجون عنه في العيد أو على الأقل يسمحوا لزوجته وأبويه واشقاءه برؤيته.. فأكد لنا أنهم سيكون بيننا يوم الأربعاء الماضي، وها قد حل العيد وهو في زنازينهم يعاقبونه على حبه للوطن وانتماءه لبلده التي يشهد له فيها القاصي والداني بحسب أخلاقه ودماثته".
وطالب كل الشرفاء وأصحاب القرار أن يضعوا الخلافات السياسية جانبا حتى تطغى الإنسانية على كل شيء، ويضغطوا تجاه الافراج عن المعتقلين السياسيين حتى تدخل الفرحة لبيوت حرمت منها كثيرا دون ذنب اقترفته".