إقرار الحكومة لمشروع انتخاب شيخ الأزهر بمثابة مشروع لإعادة مركز قوة من غياهب الزمن سيكون أثره كبيرًا على التوازنات فى الدولة. الشيخ المنتخب وهيئة كبار العلماء التى ستنتخبه، سيكونان أكبر قوة ناعمة لمصر فى العالم وليس العربى أو الإسلامى فقط. بخروج المؤسسة الأزهرية من سيطرة الدولة.. وخروج شيخها من كادر الموظفين الرسميين، تصبح القاهرة قلب العرب النابض والثائر وقلب العالم الإسلامى المتفقه والمعتدل والباسم. ستون عامًا قضاها الأزهر تحت التأميم لم تترك شيئا من هيبته الطاغية. تعاقب عليه أئمة لهم وضعهم العلمى المميز لكن الوظيفة العامة كبلت حركتهم فاعتبرهم العالم شيوخ السلطان. تأميم الأزهر وقانون تطويره عام 1961 أنهى هيمنته الجامعة المانعة التى بدأت بتأسيس المشيخة فى العهد العثمانى وانتخاب الشيخ محمد الخرشى فى ستينيات القرن السابع عشر. الخرشى كان مالكيا تلاه البرماوى الشافعى، وبعده تعاقب أربعة مالكيين آخرهم إبراهيم الفيومي. وبذلك احتكر المذهب المالكى المشيخة نصف قرن. بعد أربعة شافعيين آخرهم الشيخ أحمد الدمنهورى، ظهر الحنفية لأول مرة فى الصورة، فقد تنافسوا على المشيخة مع المالكيين وحدثت بينهم نزاعات، ما أدى لتعطيل المشيخة عامين، ظلت خلالهما بلا شيخ حتى عام 1778 عندما انتخب الشيخ أحمد العروسى الشافعى المذهب، والذى جاء بعده من صلبه شيخان للأزهر، ابنه الإمام الرابع عشر محمد العروسي، وحفيده الإمام العشرون مصطفى العروسى. فى عهد الشيخ الباجورى تعرض الأزهر لاضطرابات، فجرى منعه من صلاحياته، وقام بتسيير العمل بدلا منه أربعة وكلاء، ورغم وفاته فى عام 1860 ظل المنصب خاليا 21 عاما إلى أن انتخب الشيخ مصطفى العروسي. أول إمام أكبر حنفى هو الأول الذى جمع بين منصبى شيخ الأزهر والمفتى. كما توالى من أبناء العمومة شيخان منتخبان على الأزهر من المذهب الحنفى.. الإمام الثالث والعشرين الشيخ حسونة النواوى، وبعده الإمام عبدالرحمن النواوى. حسونة النواوى انتخب شيخا للأزهر مرة ثانية عام 1909 ولكنه قدم استقالته فيما بعد ولم يستكمل فترته.. كما انتخب سليم البشرى للمرة الثانية ليكون الإمام رقم 29 وظل فى المنصب حتى عام 1916 وكانت إمامته الأولى رقم 25 وانتهت سنة 1904. من مشاهير شيوخ الأزهر الذين أدوا دورا هائلا فى سياسة عصرهم وكان ثقلهم يعادل ثقل الخديو أو الملك، الشيخ مصطفى المراغى الذى استقال عام 1930، ثم عاد مرة أخرى من عام 1935 حتى 1945، والشيخ مصطفى عبدالرازق من 1945 إلى 1947، وإبراهيم حمروش من 1951 حتى 1952. بعد انقلاب 1952 تعاقب على الأزهر عبد المجيد البشرى ومحمد خضر حسين وعبدالرحمن تاج ومحمود شلتوت – ما زلت اتمتع حتى الآن بالحديث الإذاعى الذى كان يقدمه من إذاعة القاهرة فى دقائق قليلة، ولكنها كنوز علمية - وحسن مأمون، ومحمد الفحام، وعبدالحليم محمود، ومحمد بيصار، وجاد الحق على جاد الحق، ومحمد سيد طنطاوى، وأخيرا بلدياتى ابن العائلة الكريمة والحسب والنسب الشيخ الفقيه أحمد الطيب. سيكتب التاريخ لأحمد الطيب أنه آخر الشيوخ المعينين وأنه قام بنفسه بتشكيل لجنة وضع مشروع قانون انتخاب الأزهر.. وها نحن الآن على موعد مع معركة انتخابية مثيرة وممتعة فانتظروها
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.