9.45°القدس
9.21°رام الله
8.3°الخليل
15.95°غزة
9.45° القدس
رام الله9.21°
الخليل8.3°
غزة15.95°
الإثنين 02 ديسمبر 2024
4.63جنيه إسترليني
5.13دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.85يورو
3.63دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.63
دينار أردني5.13
جنيه مصري0.07
يورو3.85
دولار أمريكي3.63

خبر: الثلث المشلول

إذا صحت الإحصاءات المتداولة عن نسبة الأمية في وطننا العربي، فإن الأمر ليس جللاً فحسب بل هو أقرب إلى الكارثة القومية، وما كان يقال حتى وقت قريب عن المجتمع الذي يعاني شللاً نصفياً بسبب بطالة المرأة وتهميش دورها، يصبح الآن شيئاً آخر، وهو إن ثلث الأمة معطل، وطاقاته مؤجلة إلى أن يتخطى شرط الأمية القاسي، ولأن الإحصاءات لا تقرأ بمعزل عن بعضها وسياقاتها، فإن ما أنفق عربياً في ميادين الاستهلاك والتسليح والتجميل والثرثرة كان القليل منه يكفي لاحتفال العرب بوداع الأمية قبل عقود، سواء كانت الأمية بمعنى القراءة والكتابة، أو الأمية الأخرى المتعلقة بالوعي والاستحقاقات، وعلينا أن لا نفاجأ بإخفاق مشاريع متعاقبة للتمدين ودمقرطة الحياة السياسية إذا كنا على دراية بهذه النسبة الكارثية والمنذرة بعدة أخطار من الأمية، فمن لا يقرأ ليست لديه تلك الأدوات التي تجعله على صلة بالعالم من حوله، أو حتى تحت قدميه، خصوصاً في عصر يوصف فيه حتى المتعلمون الذين لا صلة لهم بالتواصل التكنولوجي بالأمية الثانية، والوطن العربي في بعض الأقطار يشكو من فائض المدرسين ومن نقص التعليم وقصوره، وتلك واحدة من المفارقات في عالم يتحرك كالجندول بين الماضي والمستقبل، أما الحاضر فهو ضائع بين الذكرى والحلم . ومكافحة الأمية عندما تتفشى على نحو وبائي لا تحتاج إلى وصفات سحرية، فالطريق المعبد لهذا الهدف واضح الحلقات والمعالم، لكن ماذا نفعل في غياب النيات الجادة لهذه المكافحة، خصوصاً أن الحواسيب البدائية لا تظهر لنا حجم الخسائر الناجمة عن الأمية وحين يقول خبراء استراتيجيون مصريون إن حرب أكتوبر حققت ما حققته وهو على النقيض من هزيمة حزيران، لأسباب من أهمها أن الجيش الذي خاض تلك الحرب كان معظمه من المتعلمين وخريجي الجامعات والمعاهد والأكاديميات العسكرية . ويؤكد هذا التصور ما قاله الألمان واليابانيون والروس وغيرهم من الشعوب التي خاضت حروباً مصيرية . ففي ألمانيا ساد اعتقاد بأن كل انتصار يعود إلى المعلم أولاً كما أنه يتحمل عبء الهزيمة أيضاً فهو الجسر أو القنطرة بين الشبان في مختلف أعمارهم ومراحلهم الدراسية وبين التاريخ، هذا بالرغم من أن تلك الشعوب لم تمتدح المعلم في أدبياتها وشعرها كالعرب بحيث أوشك أن يكون رسولاً . إن كل كلمة إضافية أو مقالة عن الأمية بمعزل عن آليات مكافحتها هي تكريس للظاهرة، لأنها تتوقف عند حدود التوصيف والإحصاءات الصّماء . فالمريض الذي تتراكم حول سريره الأبيض التشخيصات وصور الأشعة فقط، ولا يوجد بجوارها علبة دواء، عليه أن يعد ما تبقى له من أيام، لأنه لا يعالج بالتوصيف فقط، ولا قيمة لهذا التوصيف أو التشخيص إلا إذا كان مرحلة أولى في ضوئها يحدد العلاج . والنسب المئوية ذات البعد الكارثي سواء تعلقت بالمرض أو الجهل أو الفقر تتفاقم في كل لحظة إذا لم يتم إعلان المناطق التي تعاني منها مناطق منكوبة ويجب التحرك على الفور لإنقاذ ما يمكن إنقاذه . ومن يكتبون أو ينظرون عن التمدن والديمقراطية لشعب ثلثه أمي، هم أشبه بمن يتحدث عن ضرر التخمة أمام جائع أوشك أن يقضم لسانه .