على مدار سنوات، يتكرر المشهد ذاته مع كل فتحٍ لبوابات المعاناة والانتظار بمعبر رفح البري، وهي ذاتها تعبيرات الألم المرسومة على الوجوه، وكلمات الوجع المتأوهة بمناشداتها بلا حل نهائي يريح المواطن الغزي المخنوق من كل الجهات.
يتوافد المسافرون إلى معبر رفح البري جنوب قطاع غزة، بين مريض يكابد أوجاعه، وصاحب إقامة شارفت على الانتهاء يقلقه مصير عمله ومستقبل حياته، وآخر تأخر في دراسته لعامٍ أو عامين وثاني يحمل جوازًا أجنبيًا.
تقرير أعده مراسل "فلسطين الآن" ينقل معاناة المواطنين المسافرين عبر معبر رفح البري بعد أن أعلنت السلطات المصرية عن فتحه لمدة أربعة أيام في الاتجاهين بدءً من الاثنين وحتى الخميس أمام حركة المسافرين بعد إغلاق دام خمسين يومًا.
زيارة طالت مدتها
خلال حديث "فلسطين الآن" مع حاجة أردنية تبلغ من العمر 55 عامًا جاءت لزيارة أقاربها في قطاع غزة أوضحت أنها تنتظر منذ ثلاثة أشهر لتغادر القطاع إلى الأردن إلى أهلها وأولادها، مشيرة إلى أنها قدمت لزيارة أهلها على أن ترجع بعد أسبوعين للأردن ولكن المدة طالت.
تنتظر الحاجة منذ ساعات الفجر الأولى في الصالة الخارجية لمعبر رفح، قائلة: "سجلت للسفر أكثر من مرة ورقمي بعيد جدًا ولهذا الوقت لم يخرج اسمي، وأناشد كل المسؤولين بأن يخففوا من معاناتنا ويساعدونا ونطلع اليوم إن شاء الله".
وتابعت: "ثلاثة شهور من الانتظار والمعاناة صعبة وننتظر متى يفتح المعبر غير التعب والتكاليف غير أن لنا بيوتنا وأولادنا وأهلنا فبدنا نرجع، وحاولنا من جميع الجهات أن نسافر فما قدرنا ومعبر رفح هو الوحيد".
أحد المواطنين السوريين أيضًا والذي جاء في زيارة إلى قطاع غزة، ويسعى للسفر إلى الأردن أفاد لـ"فلسطين الآن" أنه ينتظر عامًا كاملًا فرصة السفر عبر معبر رفح في معاناة "شديدة جداً" حد وصفه.
ووصف معاناته قائلًا:" أنا مهندس ولا يوجد لي عمل ومصروفي نفذ والمعاناة صعبة جدًا"، وزادت معاناته سوءًا عندما قصف منزله الذي يسكن فيه في حي الشجاعية خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع صيف 2014م ، وقال:"لا يوجد لنا بيت وكنت أسكن في الشجاعية وقصف البيت في الحرب، ونحن غي مصدقين أننا نخرج ونرتاح نفسيًا".
وطالب الجانب المصري بالتسهيل من سفر المواطنين الفلسطينيين عبر معبر رفح ، وقال:"نحن مقدرين الأمور الأمنية ولكن يفتحوا المعبر أقل شيء ثلاثة أيام بالأسبوع لأنه هيك صعب كثير، ونحن والشعب المصري واحد" ، وأضاف:نحن هنا في المعبر من الساعة السادسة صباحًا ومعنا أولاد صغار وناموا على الكراسي وما حد عاد يتحمل".
فقدٌ للصحة والمستقبل
" نطلب من الأخوة المصريين أن يفتحوا المعبر لأنه احنا مخنوقين الصراحة ، حرام عليهم يزيدوا علينا الخناق ونحن بني آدمين زينا زيهم ، نطلب منهم أن يفتحوه على الأقل كل شهر ثلاث مرات يخرجوا المرضى ويعودوا الناس ، ونترجاهم رجاءً" ، بهذه الكلمات تحدثت الحاجة المريضة اعتدال فرحات 65 عامًا.
فرحات التي تنتظر السفر منذ شهر مارس الماضي إلى الأردن لتعالج من إلتهابات في الصدر ، قالت ل"فلسطين الآن" :" تعبت كثيرًا وأنا أنتظر المعبر ، واضطررت أن أتعالج في مستشفيات القطاع إلى يوم العيد ،ودخلت المستشفى في غزة وأعطوني تقرير طبي على أساس أكمل العلاج".
المواطن أحمد النجار الذي يحمل إقامة في دولة الإمارات وانتهت مدتها حيث أن القانون عندهم لا يجوز للمقيم أن تتجاوز الستة أشهر ، أوضح أنه حاول السفر منذ شهر يناير ولكنه لم يستطع ثم حاول في شهر مارس ولم يتمكن.
وأشار أنه عندما فتح المعبر آخر مرة "شاءت الأقدار أن يأتي موعد سفري في 25/6 في نفس موعد انتهاء الجواز الأردني ولم أستطع السفر ، وبقيت أنتظر إلى أن فتح المعبر اليوم وبذلك انتهت الست شهور" ، منوهًا أن إقامتة الرسمية تنتهي بعد ثلاثة أيام في 20/8.
وقال: "هذا التأخير يضرني في عملي وشغلي ، وفترة الانتظار تعب نفسي وإلى الآن أنا قلق ، كان نفسي أخرج في باص 4 وليس في 5 بسبب القلق وكل يوم محسوب علي".
والعرق يتصبب منه بسبب حرارة الجو تابع النجار:" أتمنى من المصريين ربنا يهدي أوضاعهم ويحاولوا يساعدونا ويفتحوا المعبر ثلاثة أيام في الأسبوع ويكون فيها تواصل ، عرق الواحد يصب صب حرارة غير طبيعية والناس تموت من الحرارة".
غير كافية
ومن جانبه اعتبر مدير عام معبر رفح البري خالد الشاعر "أن الأربعة أيام لا تكفي لإخراج المسجلين لدينا الذين زادوا على 20 ألف مسجل للسفر ضمن الحالات المعروفة" ، مؤكدًا أن المعلومات المتوفرة إلى الآن أن المعبر سيتم فتحه لمدة أربعة ايام على التوالي ، متأملًا أن يتم فتحه بشكل مستمر.
وقال: "ونحن نسابق الوقت والزمن لإنهاء معاملات المسافرين لتوجيههم إلى الجانب المصري ،الحالات التي ستتمكن من السفر هي حملة الجوازات الأجنبية والمصرية وحملة الإقامات والتأشيرات والطلبة والمرضى".
وفيما يخص مواد البناء أوضح الشاعر أنه تم الاتفاق بين شركات في القطاع الخاص في قطاع غزة والجانب المصري لإدخال مواد بناء التي يحتاجها القطاع الخاص وحاجة السوق إلى ذلك.