اقتحم الجيش الإسرائيلي مدينتي في الشهور الأوائل من سنة 1988 مـ ، أي في بدايات الانتفاضة المشهورة للشعب الفلسطيني على الاحتلال الصهيوني وبعد مواجهات حامية مع المتظاهرين فرض جيش الاحتلال منع التجول على المدينة، إلا أن المنتفضين من الشباب والرجال والنساء أعلنوا التحدي والإصرار على كسر منع التجول وواصلوا التصدي لقوات الاحتلال. فكان هناك شهيدين كما كان هناك إصابات كثيرة بالرصاص المطاطي وغاز الأعصاب والمسيل للدموع. بعد تناقل الأخبار حول الشهداء والإصابات، أصيب الكثير من المشاركين بالإحباط وبدأ الكثير منهم بالانسحاب من ساحات المدينة . فجأة ظهر شاب ملثم له إرادة صلبة، اظهر تحديا غير مسبوق وكان يحمل في يده مكبرا للصوت وبدا بإلهاب حماس الشباب وتجميعهم حتى تجمع الكثير، كان من اغرب الأشياء وجود عدد كبير من الرجال والنساء المتقدمين في العمر . كانت هتافات الشاب تلهب الحماس وهو يقول: سلم نفسك، اطلع من السيارة، الق سلاحك، مما أعاد المواجهات إلى البدايات وتم محاصرة عزيزة وسط الجموع " عزيزة ناقلة جند إسرائيلية كانت تستخدم في تفريق المتظاهرين وهي مصفحة لحماية الجنود من الأخطار" فوجد الجنود أنفسهم في ورطة كبيرة جعلهم شرسين جدا في الدفاع عن أنفسهم ، حضرت بعد ذلك قوات مساندة من جنود الاحتلال وازداد عدد المصابين والجرحى، وانسحب المتظاهرين وهم راضون مما حققوه من إذلال لجنود الاحتلال. امرأة طاعنة في السن، أطلقت عبارة غريبة وهي عائدة إلى منزلها قالت وهي في أقصى درجات الثقة والابتهاج، قالت: الله لا يميتني حتى أشوف منع التجول على تل أبيب " تل الربيع "، يا رب يا الله . استغربت من هذه العبارة التي كانت في حينها صعقة لا يمكن تفسيرها ، فهل هي أمل بعيد المدى، أم انه شعور بالقهر ورغبة في الانتقام، أم انه ثقة بروح المقاومة . قبل أيام شاءت الأقدار أن التقي هذه الحاجة العجوز والتي بلغت من العمر 92 عاما ولها من الأبناء الشهداء اثنين، ولها من المعذبين في سجون الاحتلال وسجون السلطة من الأبناء والأحفاد والأقارب الكثير. أخذنا الحديث إلى نبش الذكريات وقلت لها : "شكلك مش راح تموتي حتى تحرير فلسطين ومنع التجول على تل أبيب يا حجة." فقالت : "أموت هسة بس تتحرر فلسطين ونمنع التجول على تل أبيب". حضر في ذهني حرب حزيران وحرب غزة والتي تم فيها منع تجول جزئي على بلدات وقرى الشمال والجنوب ثم حضر في ذهني المناورات التي أجراها الكيان الصهيوني أخيرا تحت عنوان " نقطة تحول 5 " والتي تم فيها الإنذار العام في كافة أراضي فلسطين المحتلة وكان منعا للتجول بشكل غريب، كانت تل الربيع أكثر المدن التزاما فيه. فرض جنود الاحتلال منع التجول على شعبهم هذه المرة ، أما المرات القادمة سيقوم هذا الشاب المقدام وأمثاله من جنود المقاومة ، جنود الكتائب ، جنود الجيش الفلسطيني بفرض منع التجول على تل الربيع وتنظيم خروج اليهود وإعادتهم إلى البلدان التي قدموا منها مع وصمة من الذل والعار على جباه اليهود المجرمين المعتدين ومع نشوة الانتصار لجنود الله الثابتين المنتصرين وما ذلك على الله ببعيد.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.