خبر: هيمنة اليمين الإسرائيلي على المشهد السياسي.. بعد العسكري!
25 يناير 2012 . الساعة 05:33 ص بتوقيت القدس
مع ارتفاع نسبة اليهود المتدينين في المجتمع الإسرائيلي إلى نسب عالية بالنظر إلى تركيبة الهرم الديمغرافي ونضوب موارد الهجرة إلى الكيان الإسرائيلي، بعد موجة التسعينيات وهجرة اليهود من الاتحاد السوفيتي والكتلة الشيوعية السابقة، لم تجد الصهيونية العالمية بداً من التحالف مع خصم الأمس لتأمين مستقبل الكيان الصهيوني. فقام الحاخام "عوفاديا يوسيف" الزعيم الروحي لحركة شاس الإسرائيلية الدينية المتطرفة، بالمصادقة على انضمام حركته، المشاركة بقوة في الحكومة الحالية، إلى هيئة الهستدروت العالمية الصهيونية، وهي الهيئة التي تضم جميع الهيئات والأحزاب والنقابات والحركات العمالية الصهيونية لليهود على مستوى العالم بأسره، على الرغم من التناقض المعروف والخلاف المعلن بين الطرفين بخصوص شكل وهوية الكيان الإسرائيلي، والخلاف على كثير من التفاصيل بخصوص شريحة المتدينين داخل المجتمع الإسرائيلي. الحزب المتدين (شاس) عكف على تغيير عدد من البنود الأساسية في لوائحه الداخلية بشكل يسمح له بالانضمام لهيئة صهيونية عالمية، حيث تبنى ما يسمى بـ"ميثاق القدس" الذي تم بلورته عام 2004 من قبل جميع الأحزاب الصهيونية، والذي يؤكد على مركزية الصهيونية في بناء (إسرائيل) كدولة وفي حياة الشعب اليهودي، بما يمثله ذلك من "نقطة تحول فارقة" في مواقف الزعيم الروحي للحركة الحاخام "عوفاديا يوسيف"، الذي حاول خلال عشرات السنين الحفاظ على مواقفه المعادية للصهيونية وأسسها التي قامت عليها (إسرائيل). فقد أصدر فتوى تحرم أداء صلاة يهودية خلال الاحتفال بما يسمى بيوم الاستقلال (يوم قيام دولة إسرائيل 15 مايو)، وذلك على خلاف فتاوى الحاخامات المنتمين للحركات الصهيونية الدينية. الهيمنة السياسية التي بدت ملامحها تتضح على السطح تأتي بعد أن هيمن المتدينون، رغم عدم خدمة أكثرهم في الجيش، على الأخير، من خلال فتاوى وتوصيات الحاخامات اليهود، وتحويل عناصر الجيش إلى مجرد تابعين ومريدين لكبار الحاخامات اليهود، خصوصاً فيما يتعلق بالوجود النسائي داخل مؤسسة الجيش والتعامل مع المجندات وفق رؤية دينية توراتية محضة. بل إن وزير الداخلية الإسرائيلي، إيلي يشاي - والذي كان عضو المجلس الوزاري المصغر إبان حرب لبنان الثانية – اعتبر أن السبب الرئيس لخسارة (إسرائيل) في تلك الحرب يرجع إلى تقاعس جنود الاحتلال عن "الصلاة". ونقلت القناة العاشرة بالتلفزيون الإسرائيلي التصريحات الأولى للوزير والمتعلقة بالوقوف على قضية نجاح وفشل جنود الاحتلال في الحروب التي خاضوها، حيث قال يشاي: "لقد انتصر الجيش في حرب الأيام الستة عام 1967 على الدول العربية بفضل توجه الجنود إلى الرب والتزامهم بتعاليم التوراة، وذلك خلافًا لما حدث في حرب لبنان الثانية". وادعى يشاي أنه في حرب الأيام الستة كان كل جندي صهيوني يحاربه ما لا يقل عن مئات وإن لم يكن آلاف الجنود العرب، وأمام كل دبابة "إسرائيلية" آلاف الدبابات، وأمام كل طائرة مئات الطائرات، فكنا وقتها الجيشَ الأضعف في الشرق الأوسط، وأمام كل هذا لم يكن هناك أي احتمال للانتصار وفجأة الجميع يهربون و(إسرائيل) تنتصر". وتابع يشاي ادعاءته بالقول: إن جيش الاحتلال في عام 2008 كان أقوى جيش في الشرق الأوسط مقارنة بحرب الأيام الستة، فهذه المرة لم يقف جيش الاحتلال أمام مصر وسوريا ولبنان والعراق واليمن، بل أمام 2000 من رجال "حزب الله" ويرجع ذلك إلى عدم الالتزام بتعاليم التوارة وعدم تكاتف الشعب الإسرائيلي. الخدمة العسكرية في الكيان الإسرائيلي إلزامية، إلا أن الانتساب للوحدات المختلفة داخل الجيش هو أمر اختياري وطوعي، وبفعل التثقيف والتعبئة التي يتعرضون لها داخل "يشيفوت ههسدير"، فإن أتباع التيار الصهيوني الديني يتجهون للانتساب للوحدات المختارة، وسرايا النخبة في الجيش. وشيئا فشيئاً أصبح معظم قادة الوحدات المقاتلة هم من المتدينين، ومعظم القادة والمنتسبين للوحدات المختارة مثل سرية وحدة الأركان، و"إيجوز" و"دوفيديفان" و"يسام"، هم أيضاً من المتدينين، كما يحتكرون الخدمة فيما يعرف بـ"سرايا النخبة" التابعة لألوية المشاة، و60% من القادة والمنتسبين لسرية النخبة في لواء المشاة "جفعاتي" هم من المتدينين. وتغلغلوا في المواقع القيادية للجيش، مما دفع الجنرال يهودا دونيدينان الذي كان مسؤولاً عن قسم الشبيبة في وزارة الجيش للقول: إن أتباع التيار الديني الصهيوني أصبحوا يشكلون العمود الفقري للجيش. وعلى المستوى السياسي، لا تزال الهزات السياسية تتوالى داخل الكيان بفعل تأثير اليمين الديني على التركيبة الحكومية، وهو ما يهدد أي حزب سياسي إسرائيلي بإجراء انتخابات مبكرة لمواجهة احتمال انفراط عقد الحكومة الحالية، وهو ما دعا إليه كل من نتنياهو وليفني من حزبي الليكود وكاديما في الحكم والمعارضة على التوالي، ما يؤذن بمواجهة محتملة وتصاعد النزعة المتطرفة داخل المجتمع الإسرائيلي لمواجهة ما يسمونه "خطر وصول الإسلاميين" في البلدان العربية إلى السلطة في دول الربيع العربي.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.