إن أمام الثورة المصرية الكثير من المهام، التي تفرضها مكانة مصر وموقعها وتاريخها، والتزاماتها القومية والإسلامية والإنسانية. وإن أُولى هذه الالتزامات، تجاه فلسطين. وقد آن أوان الفعل المصري نُصرة لفلسطين وللقضايا العربية. لقد عوَّلت الأمة العربية، والشعب الفلسطيني، ولا يزالون يعوِّلون على الثورة المصرية المجيدة، لتفعل فعلها في تغيير أحوال الأمة العربية، وليس حال الشعب المصري فحسب. ورغم ما ينتابنا من أمل كبير بما يمكن أن تسفر عنه هذه الثورة، إلا إننا أمام حقائق مثُلت أمامنا خلال عام على الثورة: فلا يزال قطاع غزة يرزح تحت نير الحصار بدرجات متفاوتة. وإن على مصر مسئولية قانونية وأخلاقية تجاه قطاع غزة، حيث كان تحت إدارتها عند احتلاله. ولا تزال أراضي القطاع التي سرقتها (إسرائيل) في اتفاقية الإعارة التي وقَّعتها الإدارة المصرية في القطاع في عام 1950م محتلة. ولا تزال أراضي مثلث العوجا المنزوعة السلاح محتلة منذ العدوان (الإسرائيلي) عليها في عام 1955م. وقد نصت اتفاقية الهدنة الدائمة بين مصر و(إسرائيل) على بقاء هذه الأراضي جميعها بيد القوات المصرية. ولا يزال سكان قطاع غزة ممنوعين في غالبيتهم من السفر إلى مصر أو مروراً بمصر. حيث لا تزال المخابرات المصرية تحتفظ بكشوف أسماء للممنوعين بعشرات الآلاف، تهمتهم أنهم وطنيون. فماذا فعلت الثورة لرفع الظلم عن إخوانهم في القطاع. ولا تزال المصالحة الفلسطينية تراوح مكانها. فلا تزال عقبات كبيرة تفرضها السياسة المصرية على حكومة القطاع، الأمر الذي يغري حكومة الضفة بالتراخي والاستهتار. لم تقدِّم الثورة المصرية يد العون والمدد للثورات العربية في ليبيا واليمن وسوريا. وكان الأجدر بالثورة العظيمة في مصر أن تنشر الربيع العربي في كل البلاد العربية، فإن خلق حالة ثورية عام في الوطن العربي، يخفف الضغوط الدولية على الواحدة منها. ولا تزال (إسرائيل) تحصل على الغاز المصري، مع ما في ذلك من خسارة لموارد مصر، وتطبيع مع عدوها. في الوقت الذي لا تتورع فيه (إسرائيل) عن التهديد بشن عدوان على مصر أو سيناء بدعوى حفظ أمنها. ولا تزال سيناء شبه خالية من القوات المصرية ومن السلاح، الأمر الذي يغري (إسرائيل) بإعادة احتلالها. إننا على ثقة أن الثورة المصرية في بدايتها، ولم تستكمل أدوارها. لكن بطئاً شديداً يلف تحركاتها، ويستدعي إعادة النظر في السياسة المنصرمة منذ عام على الثورة، لتصبح الثورة المصرية رائدة الربيع العربي، ومحط أنظار الشعوب العربية الحالمة بالحرية والعدالة. وعليها واجبات قومية لا تقل أهمية عن الواجبات الوطنية. فهل تتسارع خطوات الثورة المصرية نحو التغيير المنشود في العام المقبل؟.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.