يعد شهر أغسطس المنصرم من أصعب الفترات على عناصر حركة حماس في الضفة الغربية، وعلى كل من يعارض توجه السلطة السياسي والأمني.
إذ شهد الشهر تصاعدا ملموسا في انتهاكات أجهزة أمن السلطة الفلسطينية بحق المواطنين الفلسطينيين، التي تمثلت بحملات الاعتقال والاستدعاء واقتحام البيوت في ساعات متأخرة من الليل ومصادرة المقتنيات الشخصية وعشرات آلاف الدولارات من مخصصات الأسرى وقمع المظاهرات السلمية المنددة بالاعتقال السياسي أو تلك المساندة للأسرى في سجون الاحتلال.
فحسب تقرير إحصائي، وثقت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تنفيذ أجهزة أمن السلطة 194 حالة اعتقال واستدعاء بحق المواطنين، منها 163 حالة اعتقال تمت من خلال اقتحام المنازل ليلا أو من الشوارع أو من أمام أسوار الجامعات.
تبادل الأدوار
وأوضحت المنظمة في تقريرها الذي وصل "فلسطين الآن" نسخة منه، الأربعاء، أن جهازي الوقائي والمخابرات من بين ستة أجهزة أمنية هما من قاما بحملات الاعتقال والاستدعاء.
حيث توزعت جغرافيا ومن حيث جهة الاعتقال كما يلي: نابلس 55 (40 وقائي، 15 مخابرات)، الخليل 54 (35 وقائي، 19 مخابرات)، رام الله 26 (6 وقائي، 20 مخابرات)، طولكرم 12 مناصفة بين الجهازين، بيت لحم 10 (9 وقائي، 1 مخابرات)، قلقيلية 9 (5 وقائي، 4 مخابرات)، جنين 9 (6 وقائي، 3 مخابرات)، سلفيت 6 مناصفة بين الجهازين، طوباس 5 (4 وقائي، 1 مخابرات)، القدس 5 وقائي، أما أريحا 2 لدى جهاز الوقائي.
قرارات القضاء
وسجل أغسطس استمرار عدم احترام قرارات القضاء، إلا ما يتعلق بتمديد فترة اعتقال المواطنين، "فعندما تصدر هذه المحاكم قرارات بالإفراج لا تنفذ فورا، فقد أصدرت المحاكم في الفترة ذاتها عشرة قرارات بالإفراج لصالح مواطنين منهم صحفيين، إلا أن هذه القرارات لم تنفذ".
وهؤلاء المواطنين الذي حصلوا على قرارات بالإفراج، هم: عبد الله ياسين فقهاء، فادي حمد، عامر رستم، هيثم ناصر، إياد ناصر، كامل حمران، إسلام الشعيبي، مجاهد قطب، أسامة قيسية، محمد اشتية.
وطالت الاعتقالات والاستدعاءات غالبية شرائح المجتمع الفلسطيني، منهم 6 صحفيين وهم: مصعب قفيشة، عامر أبو عرفة، يوسف شاور، يوسف الشلبي، أحمد هريش، عمر دوابشة.
إضافة إلى استدعاء المحاضر الجامعي الدكتور عدنان أبوتبانة بعد اقتحام منزله ومنازل ثلاثة من أبنائه، واعتقال المحامي أحمد أبو فخيدة، وخمسة من أئمة المساجد وخطبائها.
أما طلبة الجامعات فكانوا أحد أهم الشرائح المستهدَفة، فكان إجمالي المعتقلين 53 طالباً جامعياً من كافة جامعات الضفة الغربية، توزعت على جامعة النجاح في نابلس 23 طالبا وكلية هشام حجاوي طالب واحد، جامعة القدس في أبو ديس 5 طلاب، جامعة البوليتكنك 8 طلاب، جامعة الخليل 7 طلاب، القدس المفتوحة طالب واحد، جامعة فلسطين التقنية (خضوري) وبيرزيت 8 طلاب مناصفة.
الاعتداء على النساء
وبينت المنظمة أن النساء نالهن قسطا من هذه الانتهاكات في مؤشر خطير تماهيا مع انتهاكات الاحتلال بحق النساء، حيث استهدفت الأجهزة الأمنية 5 نساء بالاستدعاء والاعتقال بعد اقتحام منازل بعضهن. وهن: زوجة الأسير في سجون الاحتلال نعيم السلايمة من بلدة إذنا في مدينة الخليل من خلال استدعائها مرتين للتحقيق، وسماح النادي من مدينة نابلس زوجة الأسير في سجون الاحتلال رياض النادي، والأسيرة المحررة غفران زامل وهي شقيقة الشهيد سعد زامل، حيث استدعيت للتحقيق وهددت بالاعتقال إن لم تحضر مرة أخرى، ونعيمة أبوعيدة من مدينة نابلس زوجة المعتقل السياسي وجيه أبوعيدة.
مصادرة الممتلكات
كما وثقت المنظمة تعرض 9 مواطنين لمصادرة ممتلكاتهم الشخصية كالحاسب والجوال ومبالغ نقدية وبطاقة الهوية الشخصية وهم: غفران زامل، هدى زامل، وجيه أبوعيدة، حمزة القواسمي، سليمان أبو سمرة، أسامة الهور، عامر أبو عرفة، عبادة شلهوب، سيف الدين دغلس، إضافة إلى مصادرة عشرات الآلاف من الدولارات هي مخصصات شهرية لبعض الأسرى في سجون الاحتلال.
كما أعلن عشرة من المعتقلين إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ لحظة الاعتقال احتجاجا على اعتقالهم دون محاكمة وهم: ماهر شريتح، فادي حمد، عبدالفتاح شريم، محمد اشتية، مجاهد القواسمي، عاصم اشتية، أسامة قيسية، فراس الأزعر، نادر صوافطة، فراس أبو شرخ، الذي افرج عنه مؤخرا.
كما وثقت المنظمة قيام جهاز المخابرات بتعذيب مواطنين كان أعنفها في سجون بيت لحم وجنيد وأريحا، إضافة إلى قيام أحد عناصر المخابرات بإطلاق النار -وهو في حالة سكر- على طلال زامل بتاريخ 27/08/2015 وإصابته إصابة خطيرة، كما اعتدت على المتظاهرين سلميا ضد الاعتقال السياسي وتضامنا مع الأسرى في نابلس ورام الله والخليل.
حل الأجهزة
ودعت المنظمة القيادة السياسية في السلطة الفلسطينية -التي تعلم بحجم هذه الانتهاكات ومنهجيتها- إلى تدارك الأمر ووضع حد لهذه الانتهاكات والعمل على مشروع حل هذه الأجهزة الذي بلغ تعدادها ستة تضم آلاف العناصر يستنزفون ضعف ميزانيتي التعليم والصحة
(بواقع 30 % من ميزانية السلطة)، وتوحيدها في جهاز شرطي واحد يسهر على خدمة المواطنين وحمايتهم من انتهاكات الاحتلال والمستوطنين، والقيام بما يلزم على صعيد محاسبة كل من تورط في الاعتداء على المواطنين أو تعذيبهم.
وحملت المنظمة الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء رامي الحمد الله وقائدي جهازي المخابرات والأمن الوقائي ماجد فرج وزياد هب الريح المسؤولية الكاملة عن الجرائم التي يرتكبها عناصر الجهازين.
كما حملت المنظمة الدول التي تقدم دعما غير مشروط للأجهزة الأمنية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والاتحاد الأوروبي واعتبرتها شريكا في هذه الجرائم، "فعلى الرغم من علم هذه الدول بجسامة الانتهاكات التي ترتكبها الأجهزة الامنية إلا أنها لم تفعل شيئا لوقفها"، على حد تعبير البيان.