تتجدد معاناة الغزيين على المعابر بمختلف اتجاهاتها ، وتظل تخنق كل مظاهر الحياة بكافة مناحيها ، وتبدو في ظاهرها العبور والحرية ونيل أدنى حقوق الحياة الطبيعية في السفر والعلاج وفي باطنها زيادة الألم والمعاناة وعبور نحو العلاج إلى الاعتقال، في ظل إغلاق المعابر خاصة معبر رفح البري أمام المسافرين وأصحاب الحالات الإنسانية.

لم يتوقع والد الشاب المريض فوزي جودت عبد العال أن يعود إلى بيته من معبر بيت حانون "إيرز" دون ابنه الذي خرج معه مرافقًا إلى العلاج داخل الأراضي المحتلة ، ولم يكن يتخيل أن يُنتزع ابنه رغم مرضه من بين يديه وهو عاجز أن يفعل له شيئًا ، في سياسة خداع يمارسها الاحتلال الإسرائيلي مستغلًا حاجة المواطنين للعلاج.

حادثٌ مؤلم

في شهر مارس الماضي تعرض الشاب فوزي جودت عبد العال (23 عامًا) لحادث سير مؤلم وهو يقود دراجته النارية أثناء عودته من حفل زفاف أحد أقاربه ، أصيب على إثره إصابة بالغة تسببت في تهتك في جفن العين وانسداد في القنوات الدمعية عدا عن آلام في ظهره ، كما أثبتت التقارير الطبية التي حصلت عليها "فلسطين الآن" من أهله.

انتظر المريض عبد العال من سكان شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة وفدًا أردنيًّا لعدة أشهر ليتعالج على أيديهم لصعوبة حالته وعدم استطاعة معالجته داخل القطاع ، ولكن إغلاق معبر رفح حال دون وصول الوفد إلى القطاع.

والد المريض المواطن جودت عبد العال أوضح خلال حديثه لمراسل"فلسطين الآن" أن حالة ابنه الصعبة تطلبت ضرورة تحويله للعلاج في الخارج في مستشفى العيون التخصصي في القدس المحتلة وذلك يتطلب السفر عبر معبر بيت حانون "إيرز".

وأفاد عبد العال أنه تم التقديم بتحويلة للعلاج بالخارج في تاريخ 21/7 الماضي إلا أن العائلة لم تتلقَ الرد بالقبول أو الرفض على سفر الحالة عبر معبر بيت حانون "إيرز" ، مبينًا أنه تقدم بطلب ثانٍ بعد قرابة شهر من الطلب الأول وكذلك لم يتم الرد عليه مثل سابقه.

وقال:"تفاجأنا يوم 7/9 الماضي باتصال من الارتباط الفلسطيني يخبرنا أن التصريح بالسفر عبر المعبر جاهز ، وتوجهت إلى المعبر بعد يوم للحصول على التصريح ليكون موعدنا يوم 9/9 الدخول للعلاج في مستشفى العيون بالقدس".

مصيدة للاعتقال

يوم الأربعاء 9/9 تواجد المواطن جودت عبد العال برفقة ابنه المريض فوزي داخل الجانب الإسرائيلي في معبر بيت حانون "إيرز" ، يروي لمراسل "فلسطين الآن" ويقول:"انتظرت من الساعة التاسعة صباحًا حتى الحادية عشر بعض التجار كانوا يرفضوهم والبعض الآخر يقبلوهم ومنهم من يحققوا معهم".

وتابع حديثه:"قرابة الساعة الحادية عشر والثلث قدم ضابط إسرائيلي وأخذ ابني فوزي وانتظرت قرابة أربع ساعات ولم يتبقّ أي إنسان داخل المعبر" ، وأضاف:"جاء نفس الضابط الذي أخذ ابني بلباس مدني وأعطاني هويتي وأخبرني ابنك سيعود الساعة 8 مساءً".

خرج عبد العال من المعبر ولكن دون مرافقة ابنه المريض ، وتوجه إلى الارتباط الفلسطيني وأبلغهم بما حدث معه وابنه وبدوره قام الارتباط بالاتصال بالاحتلال الإسرائيلي ، وقال:"الجانب الإسرائيلي أبلغ الارتباط أنه سيعود إلى منزله الساعة 8 مساء بعد أن ينتهوا معه".

في تمام الساعة السادسة مساءً اتصل الارتباط بالمواطن عبد العال وأخبره أن "ابنك معتقل" ، ليتلقى بعد ساعة اتصال من الاحتلال الإسرائيلي أن "ابنك معتقل" وسيعود إلى منزله خلال 24 ساعة.

أبلغ عبد العال الصليب الأحمر وحقوق الإنسان بما حصل مع ابنه وأعلموه أن الاحتلال سيمدد له ثمانية أيام وينهوا معه ، ومضت 24 ساعة ومضى أكثر من أسبوع ولم يعُدْ المريض إلى بيته وأهله في سياسة ابتزاز لمعاناة المواطنين وحالاتهم الإنسانية.

خبر صعب

"ابني انتزع مني انتزاع وأنا موجود معاه ، انتزع مني انتزاع" ، بزفرات ألم تحث والد المعتقل المريض عبد العال بهذه الكلمات ، وقال:"هم خدعونا ، أخذنا الموافقة ثم اعتقلوه ، لا تريدني أن أدخل لا تعطيني تصريح بالدخول".

وأضاف مستنكرًا:"أنا رايح أتعالج في أرضي وبلدي فقط عابر طريق ، هم يتحدثون عن الإنسانية ، أين الإنسانية؟" ، فلم يتوقع المواطن عبد العال وعائلته ما حدث لأصغر أبنائهم سنًا الذي لم يمضِ على زواجه عامًا واحدًا.

"حسبنا الله ونعم الوكيل على الاحتلال الإسرائيلي" ، بهذه الدعوات بدأت والدة المعتقل فوزي حديثها ل"فلسطين الآن" ، وقالت:"هم خرجوا ليتعالجوا فلماذا أصدروا لهم التصريح ما داموا يريدون اعتقاله؟ ، هذه مصيدة لهم".

وتابعت:"كان الخبر صعبًا جدًا علينا ، أن يعود والده بدون ابنه وكأنه كالميت" ، وأوضحت أنه هو الذي يعيل والدته ووالده وأخته وزوجته ومتواجد دائمًا في البيت ولا يغيب عنه لحظة حيث يعمل في الخضرة.

كما وطالبت زوجته جميع المسئولين بمعرفة مكانه ولماذا تم اعتقاله ، وقالت:"هو سافر للعلاج وهذا حق طبيعي لكل مريض ، ونطالب أن يفرجوا عنه لأنه ليس له علاقة بأي تنظيم" ، وعبّرت عن مرارة خبر اعتقال زوجها.