الضرورات تبيح المحظورات، قاعدة فقهية يلجأ إليها العلماء والفقهاء والسياسيون، وربما تكون هي القاعدة التي لجأ إليها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية عندما وقع على اتفاق الدوحة . والذي يُعتبر باطلاً قانونياً لأنه مخالف للقانون الفلسطيني الذي لا يجيز لرئيس السلطة أن يكون رئيساً للوزراء، وفي نفس الوقت هو مخالف لاتفاق المصالحة الذي نص على أن حكومة التوافق حكومة مُشكلة رئيساً ووزراء من المستقلين أو التكنوقراط، أما أن يكون رئيس الوزراء السيد محمود عباس وهو رئيس حركة فتح فهذا فيه خروج على الإجماع الوطني. وبالعودة إلى القاعدة الفقهية التي تقول الضرورات تبيح المحظورات، ومن المحظورات لدى حركة حماس كما افهم أدبيات وأترجم مواقف قياداتها هو رفضها المطلق أن يتولى محمود عباس رئاسة الحكومة الانتقالية ، وهذا متفق عليه بإجماع مؤسسات الحركة، فكيف أصبح بين ليلة وضحاها محمود عباس مقبولاً على حركة حماس ليتولى رئاسة الحكومة الانتقالية ويعمل على تشكيلها من كفاءات فلسطينية، وقد يكون من ضمن هذه الكفاءات سلام فياض ويُكلف بمهام رئيس الوزراء إلى جانب أن يكون وزيراً للمالية، فهل ستلجأ حماس إلى نفس القاعدة التي اعتمد عليها مشعل عندما وافق على تكليف أبو مازن برئاسة الحكومة؟ فلو سلمنا للقاعدة الذهبية، هل يمكن أن يخرج علينا مشعل ليشرح هذه الضرورات التي جعلته يوافق على المحظور بشكل يمكن أن يقنع الشعب الفلسطيني وأول الشعب الفلسطيني حركة حماس بقياداتها وعناصرها التي رأت أن هذا القرار خارج عن إجماع الحركة المعلن سابقاً، أم طرأ تعديل على هذا الموقف في الأيام الأخيرة وأن القرار ليس فردياً وإنما قراراً مر عبر مؤسسات الحركة كما هي العادة لدي حركة حماس المحكومة من قبل مؤسساتها وأن قياداتها هي أدوات لتنفيذ القرارات المجمع عليها. هذا التوقيع من مشعل أثار أسئلة كثيرة في أوساط الحركة قبل أن يثيرها في أوساط المراقبين والمحللين السياسيين، وبات الجميع بحاجة إلى توضيح من قبل حركة حماس لما جرى وكيف جرى؟؟، وما هي الأسباب التي جعلت مشعل يوقع على الاتفاق بشكل خالف كل التوقعات؟؟ وقد لا أكون بعيدا عن الحقيقة إن قلت انه خالف إجماع الحركة . الصمت والهروب من المواجهة لا يحل المشكلة، ولا يريح المتسائلين وخاصة من حماس، ولا يزيل الشكوك حول الخلاف في حركة حماس حول القرار، ولن تكفي كل التصريحات أو التعقيبات من الناطقين الإعلاميين النافين وجود خلاف حول ورقة الدوحة وتكليف محمود عباس برئاسة الوزراء، وقد يشكل هذا الصمت الملفوف بالغموض إشكالية لحركة حماس هي في غنى عنها ويضعف من مصداقيتها على صعد مختلفة. الخلاف في الموقف ليس عيبا ورجالات حماس ليسوا نسخا كربونية، ولكل منهما رأي وموقف ينتهي عندما يكون هناك قرارا صادرا عن المؤسسات الرسمية للحركة مجمعا عليه، عندها تعبر الحركة كلها عن هذا الموقف، وهذا يردنا إلى السؤال الأول هل هذا القرار قرار حركة نتج عن مؤسساتها، أم أنه قرار فردي صدر من رئيس المكتب السياسي لحماس في لحظة ما ويحتاج إلى تصديق من مؤسسات الحركة، أم أنه قرار نهائي مخالف لإجماع الحركة ومؤسساتها؟. والسؤال: من يتحمل المسئولية أمام القاعدة التنظيمية لحركة حماس؟، هل مشعل لوحده أم القيادة السياسية؟، أو مؤسسات الحركة؟، وهل لو تم تحديد صاحب المسئولية؟ من سيحاسب لو كان هناك مخالفة للإجماع المخالف، أم أن الأمر سيمر مرور الكرام؟، وهل هناك مجال للمراجعة واستدراك الموقف؟؟، أسئلة كثيرة مطروحة برسم المعرفة وإعادة الثقة وبحاجة إلى مصارحة ومكاشفة من مستويات عليا.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.