17.77°القدس
17.48°رام الله
16.64°الخليل
22.59°غزة
17.77° القدس
رام الله17.48°
الخليل16.64°
غزة22.59°
الخميس 10 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

هل يحتوي التنسيق الأمني أحداث الضفة الغربية؟

عدنان ابو عامر
عدنان ابو عامر
عدنان أبو عامر

في الوقت الذي تزداد العلاقات السياسيّة توتّراً بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين، ينظر الجانبان لمستقبل التنسيق الأمنيّ بينهما بعين الحذر والقلق، في ضوء مطالبات فلسطينيّة بوقفه، لأنّه يخدم إسرائيل فقط على حساب الفلسطينيّين.

فقد تناقلت وسائل الإعلام الفلسطينيّة رسالة رفعها رئيس هيئة الشؤون المدنيّة الفلسطينيّة والمسؤول عن التنسيق مع الإسرائيليّين حسين الشيخ، للرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس، تضمّنت محضر اجتماع في رام الله في 9 أيلول/ سبتمبر، جمع الشيخ مع منسّق أعمال الحكومة الإسرائيليّة في الأراضي الفلسطينيّة يوآف مردخاي.

أشاد مردخاي في الاجتماع بأجهزة الأمن الفلسطينيّة، لأنّ "الضفّة الغربيّة هي الوحيدة التي تشهد استقراراً وهدوءًا في محيط مليء بالمخاطر الأمنيّة كالأردن، سوريا، لبنان، مصر، وغزّة"، وأعلن سماح إسرائيل بنقل قوّات عسكريّة فلسطينيّة إضافيّة إلى الضفّة الغربيّة، لأنّ لديها معلومات ساخنة عن نوايا جهّات فلسطينيّة مهاجمة المستوطنين الإسرائيليين.

تخلّل الاجتماع توجيه شكر من مردخاي لقائد قوّات الأمن الوطنيّ الفلسطينيّ اللواء نضال أبو دخان لما يقدّمه من معلومات أمنيّة بخصوص أوضاع الضفّة الغربيّة، ونشاطاته الاستخباريّة في دول الجوار، لكنّه اشتكى ضعف التنسيق الأمنيّ مع جهاز الأمن الوقائيّ، برئاسة اللواء زياد هب الريح.

ليس سراً أنّ التنسيق الأمنيّ بين السلطة الفلسطينيّة وإسرائيل هو أحد أركان علاقتهما. وفي ذروة التوتّر والجمود السياسيّ بينهما، بقي التنسيق مستمرّاً، ربّما لقناعة السلطة الفلسطينيّة بأنّ كلمة السرّ في بقائها في الضفّة الغربيّة مرهونة بمواصلته، وأنّ أيّ إخلال به، أو تراجع عنه، أو تنصّل منه، يعني بداية النهاية لوجودها، وإعلاناً ضمنيّاً لدخولها في مواجهة مفتوحة مع إسرائيل، لا يبدو أنّ السلطة راغبة فيها، على الأقلّ حتّى هذه اللحظة.

عقب أيام قليلة من ذلك الاجتماع الأمنيّ، أعلنت أجهزة الأمن الفلسطينيّة في 27 أيلول/ سبتمبر أنّها سلمت الجيش الإسرائيليّ 4 من جنوده دخلوا بلدة حلحول جنوب الضفّة الغربيّة عن طريق الخطأ، حيث يضل بعض الإسرائيليين طريقهم عن أماكن سكناهم في مستوطناتهم التي يقيمون فيها، لاسيما في ساعات الليل، وجرت العادة أن يعيد الأمن الفلسطينيّ أيّ إسرائيليّ يدخل مناطق السلطة، حيث لا يتيح اتّفاق أوسلو للسلطة الفلسطينيّة اعتقال من يحمل الجنسيّة الإسرائيليّة، حتّى في حال ارتكابه مخالفة جنائيّة أو أمنيّة.

وأعلن محافظ نابلس اللواء أكرم الرجوب، وهو ضابط سابق في جهاز المخابرات العامّة أنّ التنسيق الأمنيّ بين السلطة الفلسطينيّة وإسرائيل هامّ، ولا يزال مستمرّاً، مؤكّداً ما أعلنه مسؤول شعبة التخطيط في الجيش الإسرائيليّ "نمرود شيفر" أنّ العلاقة الأمنيّة مع أجهزة السلطة الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة عميقة وحقيقيّة، وأنّ التعاون الأمنيّ معها متواصل على مدار الساعة.

لم يتوقّف التنسيق الأمنيّ بين السلطة الفلسطينيّة وإسرائيل عند الاجتماعات الثنائيّة فقط، بل إنّ الرئيس عبّاس ذاته أعلن أنّ هذا التنسيق مقدس، وسيبقى مستمرّاً، سواء اختلف الفلسطينيّون والإسرائيليّون في السياسة أم اتّفقوا، فيما أعلنت حماس أنّ أجهزة الأمن الفلسطينيّة شنّت حملة اعتقالات في الضفّة الغربيّة في الأيّام الأخيرة استهدفت أكثر من 18 من كوادرها.

يتزامن استمرار التنسيق الأمنيّ بين السلطة الفلسطينيّة وإسرائيل مع اندلاع العمليات المسلحة الفلسطينيّة ضدّ الإسرائيليّين في الأيّام الأخيرة، حيث عززت أجهزة الأمن الفلسطينيّة التنسيق مع نظيرتها الإسرائيليّة، عقب إصدار عبّاس تعليماته للأجهزة الأمنيّة بالقيام باعتقالات احترازيّة في صفوف الفلسطينيّين في الضفّة الغربيّة لمنع تدهور الأوضاع الأمنيّة وتصعيدها.

الاحتمال الأكثر توقّعاً هو استمرار التنسيق الأمني، مع إمكان تخفيضه بين حين وآخر، إذا استطاعت السلطة تجاوز الرفض الشعبيّ للتنسيق الأمنيّ، وعدم تطبيق المصالحة مع حماس، مع تقديم إسرائيل تسهيلات للسلطة الفلسطينيّة أبرزها الموافقة على فتح مراكز للشرطة، ونشر عناصر أمن فلسطينيّة في ضواحي القدس، العيزريّة، أبو ديس، الرام، ممّا يعني أنّ إسرائيل ليست حريصة فقط على استمرار التنسيق الأمنيّ، بل على توسيعه.

وما لم تأخذ الأوضاع الأمنيّة في الضفّة الغربيّة منحنيات خطيرة كما حصل لدى اندلاع الانتفاضة الثانية أواخر عام 2000، فإنّ الترجيح أن يستمرّ التنسيق الأمنيّ بين السلطة الفلسطينيّة وإسرائيل، في ضوء عدم وجود إجماع لدى السلطة بوقفه أو تجميده، نظراً للعقوبات الإسرائيليّة المتوقّعة ضدّها، كحجز أموال الضرائب، أو سحب بطاقات الـVIP من كبار المسؤولين الفلسطينيّين، لإعاقة تحرّكاتهم داخل الضفّة الغربيّة وخارجها، وربّما الذهاب بعيداً إلى اجتياح الضفّة الغربيّة، كما حصل في عمليّة السور الواقي في عام 2002.