32.79°القدس
31.99°رام الله
31.64°الخليل
32.49°غزة
32.79° القدس
رام الله31.99°
الخليل31.64°
غزة32.49°
الثلاثاء 22 يوليو 2025
4.52جنيه إسترليني
4.73دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.92يورو
3.35دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.52
دينار أردني4.73
جنيه مصري0.07
يورو3.92
دولار أمريكي3.35

طفل أوجع قلوبنا

خالد معالي
خالد معالي
خالد معالي

حتى الوحوش في الغابات لا تفعلها، ولا يفعلها إلا من تجرد من الإنسانية والأخلاق وتشبع حقدًا وعنصرية وشيطنة؛ فالطفل الفلسطيني أحمد المناصرة (13 عامًا) من مخيم شعفاط لم يفعل شيئًا سوى أنه أحب وطنه، ولذلك راح يتلقى رصاصات في جسده الطري، ويستنجد طالبًا الإسعاف دون رحمة أو شفقة من جنود ومستوطنين أحاطوا به وراحوا يشمتون بطفولته، ويشتمونه بأقذع وأبشع أنواع الشتائم.

مستوطن صهيوني أتى واستجلب من إحدى دول العالم راح يتلذذ بأخذ صورة للطفل أحمد وهو ينازع الموت ويصارعه، ومستوطن آخر يريد أن يجهز عليه، في منظر جنوني تتأفف الشياطين نفسها منه.
لو كانت هذه الصورة تخص مستوطنًا طفلًا أو فتى؛ لطافت العالم أجمع، وخرج علينا نتنياهو بوصف الفلسطينيين جميعهم بالإرهاب والوحشية، وشن حربًا شعواء لا تبقي ولا تذر، واستنكرت كل مؤسسات حقوق الإنسان هذه البشاعة للفلسطينيين بحق مستوطن مسالم صغير السن _يا حرام!_ لا يملك من أمره شيئًا.

كل عمليات المقاومة الفلسطينية تجنبت على طول تاريخها المس بأطفال الاحتلال، وإن حصل يكون بالخطأ وغير مقصود، وهو نادر جدًّا، لكن الاحتلال يعدم أطفالًا وصبية صغارًا في القدس والضفة وغزة بدم بارد أمام الكاميرات جهارًا نهارًا؛ فهم لا يمتون للإنسانية والأخلاق بشيء؛ فطفل صغير يمكن اعتقاله دون إطلاق النار عليه، ولكنها الوحشية المتأصلة في صدورهم وقلوبهم تمليها عليهم عقائد فاسدة وباطلة.

تسارع أمريكا ودول الغرب إلى وصف أعمال المقاومة التي يقرها القانون الدولي، ومختلف الشرائع الدولية بالإرهاب، في حين ترى إعدام طفل فلسطيني أو إطلاق النار عليه أمرًا عاديًّا جدًّا، وأقصى ما يمكن أن تذهب إليه في وصف ذلك هو أنه أمر فيه وجهة نظر.

أوجع قلوب الفلسطينيين الطفل أحمد وهو يطلب الإسعاف وسط لا مبالاة من جنود الاحتلال المحيطين به، لكن بالمقابل أجج نار الثأر لدى الفلسطينيين، وتسبب بموجة حراك كبيرة ستعمل حتمًا على تقصير عمر الاحتلال وفضحه، كما فضح سابقًا عندما اغتال محمد الدرة قبل 15 عامًا.

وقبل إطلاق النار على الطفل أحمد أطلقت النيران على أطفال كثر، واستشهدوا وجرحوا، فأطلقت النار على إسراء عابد من الناصرة، وشروق دويات من القدس، والفتاة مرح بكير (15 عامًا) من بلدة بين حنينا في القدس المحتلة، ما أدى إلى إصابتها بجروح خطيرة، إذ هربت من المستوطنين الذين لاحقوها فأطلقت شرطة الاحتلال عليها النار وأصابتها بالرصاص الحي، ومنعت المقدسيين من تقديم المساعدة لها.

في المحصلة: الاحتلال إلى زوال ومزابل التاريخ، لكن حتى يحين موعد ذل على أطياف الشعب الفلسطيني كافة التوحد وترك الخلافات؛ فيد الله مع الجماعة، والزمن لا يرحم ولا يرجع ولا يلتفت إلى الخلف، وحان وقت الوحدة ورص الصفوف، وإلا فمتى؟!