18.82°القدس
18.5°رام الله
17.19°الخليل
23.84°غزة
18.82° القدس
رام الله18.5°
الخليل17.19°
غزة23.84°
الخميس 10 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

عن اختلافها وفرادتها

لمى خاطر
لمى خاطر
لمى خاطر

ها هي تكمل يومها العشرين، وما زال العنفوان سمتها الأوضح، وما زالت تحفر بأظافرها صخور طريقها الصعب، فتسقط رهانات الانكفاء وحسابات التخذيل.

انتفاضة القدس ليست كسابقاتها، وإن كان لم يزل من المبكر الحكم على مدى قابليتها للاستمرار، إلا أنه لا خلاف بأنها تؤسس لمرحلة جديدة نجد أنفسنا على أعتابها تلقائيًّا، فيما تشكّل نخبة الجيل الجديد رافعتها الأهم، سواء بفعلها الشعبي أم بحرب سكاكينها ورصاصها الشحيح.

قبل عدة أيام صرح الرئيس الأمريكي بارك أوباما بأن من حق (إسرائيل) الدفاع عن نفسها في وجه ما أسماه الإرهاب العشوائي، والآن يبدو جليّاً أن عشوائية هذا (الإرهاب) هي كلمة سرّ هذه الانتفاضة وضمان استمرارها واتساع مدى تأثيرها المعنوي في أوساط الجمهور.

هنا تقف دولة الاحتلال عاجزة عن فعل مجابه لموجة حرب السكاكين والدهس وإطلاق الرصاص داخل مدن فلسطين المحتلة، فلا رفع درجة تخابرها يفيد في كشف نوايا المنفذين، ولا التنسيق الأمني كفيل بكشف خلايا مقاومة تتكون كل واحدة منها من شخص واحد؛ يخطط وينفذ بعد اختياره الزمان والمكان، وهنا أيضاً تتسع دائرة المكان لتشمل عموم فلسطين، وتمتد خريطة الفعل لتضم أبطالاً من مختلف أنحاء فلسطين.

هذه السمات التي تفرّدت بها الانتفاضة الجديدة أربكت حسابات الاحتلال كما لم تفعل من قبل، لأن فجرها انبثق في لحظة خاصة، حيث اطمئنان الاحتلال إلى سكون الشارع الفلسطيني كان قد بلغ أوجه، وحيث كان مشروع التعاون الأمني بين السلطة والاحتلال قد حقق إنجازات كبيرة في إضعاف المقاومة، ثقافة وسلوكًا، أو هكذا ظنّ القائمون عليه، أو المكتوون بناره.

لم يعد ثمة مجال في هذه الانتفاضة للحديث عن دولتين لشعبين، ولا عن طلب تسوية تضمن وقف العدوان الصهيوني وحسب، ففلسطين كلها تبدو اليوم حاضرة في هذا الفعل المفاجئ والمتفرّد، وروح الجهاد والتضحية تسري في كل مكان، بل تصل إلى مناطق لم يتوقع الاحتلال أن تطالها النار يومًا.
وفي هذه الانتفاضة لم يتأخر السلاح عن دخول ساحة الفعل المقاوم، بل كان سباقاً له ومحرّضاً عليه، وأثبت الفلسطيني المضحي أن شح السلاح الآلي ليس عائقاً أمام من حاز إرادته ووعى متطلبات دوره، وفي المقابل أكّد المحتل صفته الأبرز وهي الجبن والهلع والنكوص أمام الرجال الكبار حتى لو كانت السكين تواجِه وحيدة سلاحاً متطوراً، وحتى لو حال بينها وبين أجساد المحتلين دروع وخوذات.

ويبقى السؤال الأهم: إن كان هذا الارتباك الذي أصاب مجتمع الاحتلال وحكومته قد صنعته عدة سكاكين وبضع رصاصات، فماذا سيكون الحال لو دخل إلى المعركة سلاح أكثر تطوراً، أو لو كان متاحاً لكل مستعد للتضحية؟!.