كنت سابقا قد حذرت من محاولة البعض تمييع الانتفاضة، ولكنني لم أكن أتصور أن يصل الأمر إلى نسب الانتفاضة وأعمال المقاومة البطولية إلى أصحاب البنطال الساحل كما ورد في مقال كتبه الرئيس السابق لوكالة " وفا" بعنوان " البنطال الساحل يحمل سكينا"، مقال يحمل الكثير من التفاهات، إلى جانب التهجم على قيادي فلسطيني بحجم الشيخ حسن يوسف الذي اعتقله جيش الاحتلال الإسرائيلي قبل يوم من نشر المقال في مواقع إعلامية موالية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
هناك فريق يصر على محاولاته الفاشلة في تشويه الانتفاضة، ابتداءً من تغيير اسمها إلى "هبة جماهيرية"، ثم بنسبها إلى غريبي الأطوار ووضعهم في مقدمة الثائرين، ثم بتزوير حقيقة بواعثها، مثل الزعم بأنها قامت من أجل تحقيق مكاسب سياسية أو دفاعا عن مواقف فلسطينية في الأمم المتحدة أو أنها انطلقت بسبب اليأس والفقر والجوع.
من المفارقات أن الذين يصرون على إطلاق مسمى "الهبة الجماهيرية" على "انتفاضة القدس" كانوا وما زالوا يطلقون على هبة النفق عام 1996 "انتفاضة النفق" رغم أنها لم تستمر سوى ثلاثة أيام فقط ، ولهذا فإن جميع الذرائع والحجج والفلسفات التي يتذرعون بها للتمسك بمسمى " الهبة الجماهيرية" تسقط تلقائيا، ويمكن لأي شخص العودة إلى أرشيف وكالة " وفا"، وإلى تصريحات قادة منظمة التحرير والتأكد مما نقول، ومن المهم أن نعلم أننا لا ندافع عن التسمية لذاتها، وخاصة مع عدم وجود تعريف ثابت للمسميين، وإنما دفاعنا لما تحمله كلمة انتفاضة من أثر إيجابي في نفوس الفلسطينيين وسلبي في نفوس الأعداء.
أما بواعث الانتفاضة فهي بواعث عظيمة وراقية، على رأسها رفض الاستسلام والاستكانة للمحتل الإسرائيلي، ومنها الدفاع عن مقدساتنا وأعراضنا وكرامتنا. شعبنا لا يؤمن بالقرارات الدولية لأنها السبب في استمرار الاحتلال، وفي تقسيم المسجد الأقصى وتنازل جزء من الفلسطينيين عن الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، أما استغلال الانتفاضة في تحقيق مكاسب سياسية من جانب السياسيين فهذا أمر آخر، ولا مانع منه ما لم يتحول إلى مكاسب للعدو الإسرائيلي.