فرحة عارمة تكللت بحزن عميق ..تلك الفرحة القصيرة كانت تسيطر عليه وهو يرى وزنه يتناقص بشكل سريع يوماً بعد يوم، حيث انحدر من مائة وخمسين إلى مائة كيلو جرام في فترة لا تتجاوز الشهرين. الثلاثيني (زاهر) قاطع الطعام سوى رشفات من الخل صباحاً ومساءً، بحسب وصفته الشعبية "للرجيم". وفي غمرة فرحته بعد معاناة طويلة مع السمنة، أصيب بطفح جلدي نقل على إثره للمشفى، وأدخل العناية المكثفة، وما هي إلا ساعات حتى وصل الخبر .. توفي زاهر، والسبب أن جسده معدوم المناعة فلم يستطع مقاومة هذا المرض البسيط. الرجيم حديث مثير يسيطر علي جلسات النساء والرجال، وهناك إقبال واسع على وصفات شعبية "لتقليل السمنة" والبعض يصل إلى ما يريد، في حين لا يجدي الأمر نفعاً مع آخرين، وبعضهم يعود بالضرر عليه. [title]التخسيس والتجميل[/title] السيدة عبير سالم تقول : "أنا متعلقة بالرجيم والرشاقة سعيا لإرضاء رغبة زوجي وأتوجه دائما إلى مراكز الرجيم". أما الطالبة عطاف عمر فتقو: "إن سمنتي تعود لتناولي بعض الأدوية المرتبطة بوضعي الصحي الذي يتطلب مني ذلك، وهذا الشيء يجعلني أشعر بالكآبة خاصة عندما أذهب لاشتري ملابس وكثيرا لا أجد ما يناسبني". من ناحيتها أفصحت الطالبة سلوى أبو سلمية عن أن اهتمامها بالرجيم لا يعود لها وإنما يعود لإرضاء أمها حيث قالت:"أمي الوحيدة التي تشكو لي من وزني أما أن فلا يهمني أن يزيد وزني أم ينقص المهم راحتي النفسية". أما محمد البالغ من العمر (24)عاما فيقول :انأ مقبل علي الزواج وأجد صعوبة في البحث عن عروسة كون وزني غير لائق وترفضه أي فتاة وقمت بتجريب العديد من الوصفات لكن وجدتها غير مجدية وباهظة الثمن وغير اقتصادية. [title]أسباب السمنة[/title] أوضح الدكتور سعيد حسونة استشاري الأمراض الجلدية والتجميل أن أسباب حدوث السمنة قائلا: "تحدث السمنة نتيجة زيادة السعرات الحرارية داخل الجسم حيث تتحول إلى دهون ثلاثية تتراكم داخل الخلايا وبالتالي تحدث الزيادة عند الأشخاص". وأضاف:"هذه الظاهرة لم تعد موضوعا تجميليا فحسب؛ بل هي موضوع طبي بالأصل لما تشكله من آثار على الصحة العامة والنفسية". وحول العوامل التي تتحكم بالسمنة تحدث قائلا: "تحدث السمنة نتيجة زيادة الطاقة الداخلة عن الطاقة الخارجة حيث تتحول هذه السعرات الحرارية داخل الجسم إلى دهون ثلاثية تتراكم داخل الخلايا الدهنية وتزيدها في الحجم إذا كان الشخص بالغا وتزيدها في العدد إذا كان طفلا". وأشار د. حسونة إلى بعض طرق العلاج وقال: "هناك عدة طرق للعلاج، منها الرجيم الغذائي وزيادة النشاط والحيوية للجسم، وممارسة الرياضة وأيضا العلاج بالأدوية تحت اشراف أطباء ومختصين". وأكد على أنه يتبع الأسلوب العلمي في العلاج القائم على تحليل كامل للمريض ومتابعة تاريخ الرجيم, حيث يبدأ بعد ذلك بوصفة الاتزان الغذائي بسعرات حرارية مناسبة. وأردف قائلا: "هناك إقبال جيد لدى الجمهور على مثل تلك المراكز بالرغم من سوء الوضع الاقتصادي والتكاليف الباهظة التي يدفعها المريض". ومن خلال تجربته الشخصية يروي:" أرى مرضى كثيرون توجهوا إلى مثل هذه المراكز ولم يستفيدوا منها شيئاً؛ وحتى إن استفادوا تكون الطرق العلاجية خاطئة". وفي السياق أوضح حسونة أن هناك بعضا من المراكز تلجأ لاستخدام الإبر الصينية لتخفيف الوزن، ولكن مركزه لا يتعامل معها بالمطلق لأنها من الممكن أن تعود بالضرر على المريض. [title]آثار نفسية[/title] من جانب آخر، تقول الأخصائية النفسية إيناس الخطيب:"كلنا أصبحنا نلاحظ الوزن الزائد سواء بأجسادنا أو بأجسام غيرنا فما أن نرى شخصا إلا وعبر عن ذلك بسرعة وكأننا نسأله عن صحته ". وتابعت حديثها: "إن العادات المجتمعية تغيرت خاصة بعدما أصبحت النساء مشغوفات القلب بالمظهر والجمال والأزياء..". وأردفت قائلة: "يأتي سعى السيدات وراء امتلاك جسم ورشيق لتلبية الاحتياجات النفسية بالدرجة الأولى بعيدا عن الاهتمام بالصحة ورغم أن الأصل هو وجود توازن بين الرشاقة والصحة." وأشارت الخطيب إلى أن النساء على اختلاف أعمارهن أصبحن يركزن على البعد الجمالي النفسي أكثر من العناية بالبعد الصحي ومن المعروف أن المرأة مهووسة بصورة جسمها الخارجي وتسعى دوما لمعرفة ما إذا كان مقبولا لدى الآخرين وهذا أمر غريزي لا يستطيع أحد إنكاره. [title]محاذير!![/title] ولا يخفى علينا أن للطب والدراسة والبحث وقفة في هذا الموضوع، حيث أكد أخصائي التغذية السعودي عبد الودود محمد الشنقيطي في دراسة له، أن أغلب الناس يسعون للوصول إلى وزن مثالي في وقت قياسي وتلجأ النساء والرجال للحصول على جسم رشيق قبل الزواج والمرأة بعد الولادة وهذا أمر طبيعي وفطري، ولكن يجب على من يلجأ إلى الرجيم أن يخطط ويتابع مع أخصائي مختص للتوصل إلى وزن مناسب بشكل صحي وبدون أن يتعرض للترهل أو يتعرض لمضاعفات صحية أخرى وأن يكون هدفه إرضاء ذاته لا إرضاء الآخرين لأن بعض الوصفات غير المدروسة قد تعرضه لأضرار جسيمة. [title]بصمات شرعية[/title] ولا يرى الدكتور نصر فريد واصل _أستاذ الشريعة الإسلامية ومفتي مصر الأسبق في ندوة له حرجًا من الناحية الشرعية في لجوء الإنسان البدين - رجلاً كان أو امرأة - إلى إحدى أو بعض وسائل تخفيف الوزن، إذا ما كان في ذلك مصلحة له صحيَّة أو وظيفيَّة، بشرط أن تكون هذه الوسيلة أو الوسائل آمنه وليست خطيرةً على الإنسان، فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، والقاعدة الشرعية تقول: "لا ضرر ولا ضرار". واستطرد:" الشريعة الإسلامية مع كل ما فيه مصلحة للإنسان وعلى ما يلحق به الضرر، فإذا كان إنقاص الوزن يُحَقّقُ للإنسان منفعةً صحيَّة، كأن يحميَهُ من مرض القلب أو متاعب العمود الفقريّ أو غير ذلك من الأمراض التي شاعت وانتشرت بين الناس؛ بسبب البدانة، وكانت الوسيلة لإنقاص الوزن مشروعة وآمنة؛ فالإسلام يرحب بذلك". وأضاف: "إذا كان في إنقاص الوزن منفعةٌ أخرى غير صحية، كأن يمكن الرجل أو المرأة من الحصول على وظيفة معينة؛ فلا بأس من اللجوء إلى الرجيم ما دامت وسائل آمنة، ولا تحتوي على محرم". وانتهى إلى تقرير حقيقة مهمة، وهي أن شريعة الإسلام تؤيّد وترحّب بل تحضّ على كل ما يجعل المسلم أكثرَ نشاطًا وصحَّة وحيويَّة ويستمتع بالحياة استمتاعًا حلالاً طيبًا. وختم محذرا مما يحدث في بعض مراكز وعيادات الرجيم من كشف للعورات التي أمر الله بسترها ومن أمور أخرى محرَّمة. إذن الرجيم صحي إذا اتبعت فيه طرق علمية صحية تحت وصف مختصين ولكن إذا كانت عشوائية سيكون بعضهم عرضة لما تعرض له زاهر .. الموت.