19.38°القدس
19.12°رام الله
17.75°الخليل
24.37°غزة
19.38° القدس
رام الله19.12°
الخليل17.75°
غزة24.37°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

حينما يرتبك “المطبخ” على وقع سكين “المطبخ”

00
00
أيمن دلول

صحيحٌ أن المقاومة الفلسطينية في غزة دوخت العدو الصهيوني بإمكانياتها الكبيرة وتجهيزاتها المتطورة فوق الأرض وتحتها، وظهر ذلك جلياً على مدار واحد وخمسين يوماً في العام 2014م، لكن والحق يقال فإن الضفة الغربية والقدس المحتلة أثبتت بأنها الأقدر والأذكى والأدهى في مواجهة العدو الصهيوني من خلال انتفاضة القدس التي اشتعلت شرارتها مطلع أكتوبر الجاري 2015م.انتفاضة القدس
 
إن عمليات الطعن التي تخللت أحداث هذه الانتفاضة جعلت العدو الصهيوني حبيس البيوت ومنعته من الخروج وأعجزت خبرائه عن توقع توقيت لانتهاء نيرانها أو القضاء عليها رغم أن الآلات التي يستخدمها شباب الانتفاضة لا تخطر على بال بشر من قبيل سكين المطبخ أو جاكوش البناء أو سيارة السائق ومفك الكهربائي، وليس انتهاء ببندقية الثائر.
 
صحيح أن تلك الأدوات في متناول يد كل واحد منا على بساطتها، غير أن أثرها تفوق في نتيجته على الرعب الذي أحدثته المقاومة الفلسطينية التي احتضنتها غزة خلال حرب عام 2014م.
 
في أحداث التاريخ لا بُد من الاستفادة من الأحداث والوقائع المختلفة، حتى لا يتم تكرار الأخطاء التي وقع فيها الأقوام التي سبقتنا، كما أن القراءة المتفحصة تعني تقليل الخسائر إلى أكبر قدرٍ ممكن، ولكن وللحق فمن يعتقد أن استرداد الأوطان والديار ورفع الظلم والذل عن أبناء شعبه يأتي بدون دماء وتضحيات وآلام فهو واهم، وعليه أن يصطف جانياً ويُخرس لسانه على الأقل حتى لا يكون عبئاً على شباب الانتفاضة وتضحياتهم؛ لأن ما يطرحه بهذا الشكل يعني أنه لم يقرأ التاريخ وبخاصة لتلك الشعوب التي تحررت ونالت حريتها بعد أن قدمت تضحيات أكبر بأضعاف مما قدمته القضية الفلسطينية.
 
إن كانت عمليات الطعن التي اشتعلت في كافة مدن الضفة على أيدي فتية صغار السن وكبار بفعلهم قد قلبت المعايير لدى العدو الصهيوني وأربكت حساباته كونها فردية ولا يمكن الوصول لمنفذها قبل وصوله لنقطة الصفر وطعن الصهاينة المحتلين لبلاده وتراب أجداده، لكن تلك العمليات كشفت الكثير من النقاط الإيجابية التي يجب البناء عليها بعدما أعادت الأمل لدى كل المسلمين في العالم بأن الفلسطيني لا يمكن أن يرضى بأن يعيش محتل بلاده هانئاً مطمئناً، إنما يكون صمته إعداداً وانتظاراً لفرصة يؤلم فيها العدو.
 
إن المطلوب في هذه الأوقات وبالتوازي مع جرائم التنسيق الأمني المتواصلة القيام بالعديد من الخطوات حتى تؤتي الانتفاضة أكلها:
 
من العار أن يقوم أحدهم بالاستجابة لأي أمر استدعاء من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ويجب تشكيل حاضنة في كل حي وحارة لمواجهة أي شخص يتم توجيه استدعاء له، كما أنه يجب الآن وبعد أن شقت الانتفاضة طريقها التوجه للمعتقلات الفلسطينية وعدم السماح باستمرار اعتقال أي مواطن على خلفية سياسية، فإنهاء هذا الملف لا يكون بالاستجداء وإنما هو بحاجة لتضحيات وثمن.

لا يجب أن تبقى الانتفاضة عفوية بعد هذه الأيام، ويجب البحث جيداً الآن وقبل فوات الأوان عن آليات تطوير والنهوض بوسائل وأساليب الانتفاضة وبخاصة من قبل الأجنحة العسكرية الفلسطينية. صحيحٌ أن أولئك المجاهدين ملاحقين من الاحتلال الصهيوني والمنسقين معه، لكن عملية واحدة بشكل منظم داخل الكيان الصهيوني تقتلع سقف باص واحد كفيلة بتحقيق انجازات أكبر مما يتخيله أي إنسان.

يجب تشكيل مجموعات من الملثمين في كافة الأحياء مهمتها مواجهة أي تاجر أو مختار يقوم بالتنسيق مع الاحتلال والجلوس معه على طاولات الطعام والشراب وتبادل الصور الفوتوغرافية والأحضان الدافئة، فهذه اللقاءات والعلاقات يجب القضاء عليها مهما كلف الأمر من ثمن.
يجب على أي شخص مقاوم في المرحلة الأولى عدم الاطمئنان لأي شخص يقوم بالتعامل معه بخصوص سلاح أو عمليات أو غيرها من باب “الوحدة الوطنية أو غيرها” فهذا مصطلح فضفاض والتنسيق الأمني قد نخر في المجتمع الفلسطيني إلى درجات كبيرة، وأفضل طريقة للعمل هي التي تخضع لنظرية “استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان” حتى لأقرب المقربين لكم.

النقطة الأهم تتمثل في أن أي شخص بات مطارداً للاحتلال الصهيوني أو أجهزة التنسيق الأمني فيجب عليه برمجة حياته على هذا الشكل، فالبيت والوصول إليه يشكل أو امكانيات الاعتقال، كما أن الاتصال بالإنترنت وبخاصة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي يجعل من الوصول إليك خطوة لا تحتاج لمجهود من قبل العدو ففارق هذه المواقع، كما أن الجوال يمثل جاسوساً متنقلاً معك فلا تغتر، ولا تجعله معك في أي مكان ولا تقل بأنه مغلق أو بدون بطارية وغيره، فالكثير من الشباب تم الوصول إليهم من خلال هذه الآلة البسيطة وإن كانت مغلقة، والوسيلة الأفضل للتواصل في هذه الحالات تكون باستخدام الوسائل البدائية جدا، وإن احتاج القيام بها لوقت أطول.

إن اشتعال انتفاضة القدس يمثل فرصة للأهل في الضفة والقدس المحتلة للخروج من عنق الزجاجة التي حشرهم فيها العدو الصهيوني من جهة والمنسقين أمنياً معه من جهة أخرى، وأحداث الانتفاضة وفرت التربة الخصبة لكم لبلوغ مراتب المجد والعلا فلا تدعوها تمر دون أن تقطفوا ثمارها لذيذة الطعم، وتنتقلوا من سكين المطبخ التي أربكت “المطبخ الأمني” الصهيوني لأدوات أخرى أقوى وأشد أثراً، وحذاري في هذه الوقت أن تمضي سفينة انتفاضتكم لتستقر على يبس بدل من أن تبقى أشرعتها مرفوعة أعلى مياه عميقة.