اسمحوا لي اليوم أن أتحدث عن فشل الفصائل الفلسطينية في تحويل الهبة الجماهيرية في الضفة إلى انتفاضة حقيقية حتى هذه اللحظة وتراوح مكانها من حيث الانتشار الجغرافي والمشاركة الفصائلية والدعم بكافة أشكالها والبحث في البدائل أو الأدوات التي يمكن أن تدخلها على هذه الهبة الجماهيرية والتي إذا بقيت حالها على ما هي عليه فقد تنتهي خلال أيام طالت أو قصرت دون أن تحقق النتائج المرجوة إلا دماء الشهداء الأكرم منا جميعا. صحيح أن هذا الحراك الشعبي وهذه الثورة الجديدة بدأت منطلقة من القدس التي يتآمر عليها الجميع حتى العرب منهم ومن يدعون الإسلام وشاهدي ودليلي هو القبول بمقترحات جون كيري الصهيونية التي تمنح الصهاينة التحكم بمجريات المدينة وحرمها القدسي، حتى الموقف السياسي للقوى والفصائل في هذا الاتفاق لم يكن بحجم الخطورة التي ينبني عليها لو تم تطبيقه على ارض الواقع وإن كنت على قناعة كما قلت في المقال السابق أن هذا الاتفاق لن يمر ولن يقبل به الشعب الفلسطيني لأنه عقد بعيدا عن إرادة الشعب الفلسطيني وأنه جاء حماية للصهاينة ومنحازا لهم، وإن من توافقوا عليه لا علاقة لهم بالشعب الفلسطيني ومقدساته لأنه لا يعرفون معنى المقدس ويعتبرون أننا شركاء واليهود في هذه المقدس وهذا امر نفاه الله عز وجل وسورة الاسراء خير دليل، وعلى الملك عبد الله ومحمود عباس أن يعيدا قراءتها. الفصائل الفلسطينية حتى هذه اللحظة غير متفقة على تسمية هذه الهبة هل هي هبة مطلوب تحويلها إلى انتفاضة أو هي حالة ثورية والحالة هي تعبير عن أمر ما وتنتهي دون أن يكون لها هدف إلا التعبير عن الرفض، إضافة إلى أن هذه الهبة لم يتم الاتفاق على أهدافها أو تحديد هدف لها يمكن تحقيقه. أنا لا اريد أن نعالج كل خلافاتنا ومشاكلنا الداخلية قبل تثبيت الواقع في الضفة الغربية وترسيخ هذه الحالة الثورية الجماهيرية الشعبية وتحويلها الى انتفاضة وهذا يتطلب القيام بجملة من الإجراءات ولعل أهمها: 1- العمل على اتساع رقعتها الجغرافية حتى تشمل كل الضفة الغربية ولا تقتصر على خليل البطولة وقدس الإيباء والمشاركة الضعيفة والخجولة في بقية مدن وقرى الضفة ولعل السبب الرئيس هو تقاعس القوى في العمل على دفع عناصرها المتواجدين في كافة المدن والقرى إلى المواجهة الميدانية مع قوات الاحتلال وتربكها في عملها وتخفف في نفس الوقت الضغط عن القدس والخليل. 2- ضرورة العمل على تقديم كافة أشكال الدعم للمنتفضين، المالي واللوجستي والإعلامي والتعبوي وعدم الاكتفاء بالتصريحات التي لم تعد تقنع أحدا لأنها بعيدة عن ملامسة الواقع ولا يشعر بها المنتفضون. 3- العمل على تشكيل قيادة ميدانية في ساحات المواجهة تدير العمل المقاوم في الميدان ومع المنتفضين وهذا يتطلب من القوى إلى تصدير الأوامر إلى8 القيادات الميدانية بالعمل على ذلك وفق الحال التي يرونها أجدى وأكثر أمنا، ثم تشكيل قيادة وطنية موحدة على المستوى التنظيمي السياسي. 4- ضرورة البحث في أشكال وتطوير أدوات المقاومة بشكل منظم ودراسة جدوى لكل آلية ومدى تحقيقها المنفعة العامة أو أن وقتها لم يحن بعد، لأن كل اداة جديدة لها مكانها وزمانها المختلف عن الأدوات المستخدمة وأن بعضها يجب إعادة التفكير في كيفية استخدامه، وهذا يحتاج إلى إحداث حالة وعي في صفوف المواطنين والمنتفضين. 5- ضرورة تحديد هدف واضح لهذه الانتفاضة عندما تتحول من هبة أو حالة ثورية إلى انتفاضة وفي ظل الحادث اليوم فإن ما حققته هذه الهبة من أنها أفقدت العدو ومستوطنيه أمنها وهذا في حد ذاته أمر غاية في الأهمية علينا أن نبني عليه وأن نعززه ونرسخه لأنه مهم في الحالة الصهيونية وخاصة العامل النفسي في مجتمع يخشى على نفسه وعلى حياته. على القوى والفصائل الفلسطينية أن تستدرك الأمر وأن تسعى جاهدة من أجل العمل على تغيير الحالة الثورية أو الهبة الجماهيرية إلى انتفاضة حقيقية من خلال ما اشرنا إليه قبل قليل والأمر ليس مقتصرا على ما تحدثنا به بل هناك الكثير الذي يمكن أن يقال.