20.55°القدس
20.3°رام الله
19.42°الخليل
24.88°غزة
20.55° القدس
رام الله20.3°
الخليل19.42°
غزة24.88°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

دانياه في الجنة

ديمة طهبوب
ديمة طهبوب
ديمة طهبوب

لقد كان وصف ابن القيم موحيا عندما سمى الجنة ببلاد الأفراح في كتابه «حادي الأرواح الى بلاد الأفراح»، فهو الموطن الوحيد الذي يتجلى فيه الفرح الحقيقي، فرح ليس فيه من فرح الدنيا الا الاسم، أما المضمون فسعادة خالصة لا ذاكرة فيها لألم ولا نصب.

وفي ترتيب رباني للمشهد يأذن الله أن يطلعنا كيف تكون الأفراح في الجنة، أفراح يبدأ غرسها والتحضير لها في الدنيا جبرا لقلوب المنتظرين ليكتمل حب وسعادة وهناء فوق الوصف والتخيل قرب عرش الرحمن حيث تطير أرواح الشهداء.

يأذن الله أن يطلعنا على هذا الترتيب الرباني الذي أجراه على يد البشر وألهمهم تنفيذه تثبيتا لنفوس المجاهدين وتربية للناظرين، لكل من يرى ويرتقب ويتساءل: كيف يصنع الشهداء وكيف يتربون؟ كيف تحتفظ الأمة بنفس الصبر والشكر والاقدام؟ كيف تتحول معاني الحياة كلها حتى نبضة القلب ومشروع الحب والزواج الى لبنات بناء ونصر وتحرير؟!

كنا ننظر أنه ليس كل الزيجات سواء وليس كل الأزواج سواء وهناك زيجات يكتب قبولها في السماء قبل أن يكتبه أهل الأرض ونستشهد بالعروة الوثقى التي امتدت بين محمد صلى الله عليه وسلم وعائشة الى الاخرة غير منفصمة ولا منقطعة، وها نحن نرى الأمر عيانا حاضرا نبيلا شامخا رافعا لكل صاحب همة في زمن الذلة والزلزلة.

نرى الأمر عيانا في خطبة الشهيد رائد جرادات الذي ثأر للشهيدة دانيا ارشيد فيزداد ايماننا ان الشهداء أحياء بل يرسلون لنا الرسائل اعلاما بفرحهم ودرجاتهم وسعادتهم ليزيلوا ما يكون قد علق في النفس من حسرة على انوثة جميلة ورجولة غامرة لم يقتنصها العدو، ولكنها واجهته مواجهة العين والتحدي مقدمة نفسها رخيصة في سبيل الله والوطن والشرف.

عندما ظننا ان قصص الحب والزواج والسعادة قد فقدت معناها واستنفذت حروفها وما عاد هناك سطر يكتب تأتي هذه القصة لتفتح فصلا جديدا ساطعا في تاريخ البشرية.. حروفه نورانية مكتوبة على عين المولى الذي اصطفى لها أسماء الخالدين في سجلاتها.

وكأني برائد جرادات في ليلة التنفيذ يستحضر قصة ذلك الشاب المصري الذي مر عليه الامام حسن البنا وهو يتفقد مواقع القتال في فلسطين، وقد بدا على الشاب أثر الصرامة والجدية فقال له مداعبا «ما اسمك؟ فقال الشاب: قيس، فسأله البنا: وأين ليلاك؟ (إشارة الى قصة الحبيبين قيس وليلى) فقال له الشاب المقبل على ساح المعركة الذي رأى بوابة الشهادة بوابة الحياة: ليلاي في الجنة».
ودانيا رائد كان تنتظره في الجنة بمهر غال لا يدفع إلا لمن رفع الله قدرها فما عادت حسابات بنات الدنيا تليق بها وما عاد وصف بنات الدنيا ينطبق عليها، فطرف اصبعها كفيل لو اطلعت علينا ان تضيء ما بين السموات والارض.

لقد قدم أهل الشهيدين رسالة عظيمة للأمة أن صاحب القضية مجبول بها في دقائقه قبل عظائم أموره، في فرحه وترحه، يزرع في دنياه ويكمل الله عنه حصاده.

أما العروسان فقد رفعتم السقف عاليا وأسعدتم القلوب مليا وقدمتم أحياء ومن بعد استشهادكم واننا لنرجو ان نشهد يوم اكتمال العرس وانتم ونحن على الارائك متكئون.

لقد صدق من قال «وللناس فيما يعشقون مذاهب»
وهذا مذهب السعادة والخلود الأعظم سطره رائد ودانيا وأهاليهم.
دانياك في الجنة يا رائد سعيدة بمهرك وقربك وقد بارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما في موطن الخير والفرح.