20.55°القدس
20.3°رام الله
19.42°الخليل
24.88°غزة
20.55° القدس
رام الله20.3°
الخليل19.42°
غزة24.88°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

مدينة المستحيل

إياد القرا
إياد القرا
إياد القرا

حاولت كثيراً الكتابة عن مدينة الخليل ودورها في الانتفاضة الثالثة، لكن لم أجد ما يكافئ دورها وحقها لأسباب كثيرة؛ من بينها أنها قدمت عدد 27 استشهاديًّا ومقاومًا وشهيدًا، وحازت على العدد الأكبر من العمليات الفدائية التي نفذت في المدينة أو من قبل أبنائها في القدس، ومشهد الاستشهادي إياد العواودة ما زال يطارد المنظومة الأمنية الإسرائيلية، ووجه طعنة قاسية لصورة الجندي الإسرائيلي، وهو يهرب أمام الشاب الذي لا يملك سوى سكين بينما يمتلك الجندي السلاح الرشاش الأحدث عالميًّا.

الخليل توأم القدس في التاريخ والواقع والرابط الديني المقدس والترابط الوطني والعائلي ويجمعها الكثير؛ ما جعل منهما مقدمة الانتفاضة. ما قاله مدير شرطة الاحتلال الإسرائيلي في الخليل بأنه لم ينم منذ شهر في المدينة المستحيل، والتي تؤكد أن الاحتلال بدأ السير في الطريق المسدود في وضع حد للانتفاضة الثالثة وعجز كافة وسائله وأدواته في الخروج من الورطة التي وقع بها إلى جانب بعض الأطراف الفلسطينية والإقليمية.

الزخم الشعبي في مدينة الخليل يرجع لوجود المدينة تحت الاحتلال، وتتعرض لاعتداءات الاحتلال المتواصلة وخاصة المستوطنين في البلدة القديمة والتنكيل بالمواطنين والتضييق على التجار وإقامة الحواجز، لكن أخطرها مشاهد الإعدام والقتل التي ينفذها جنود الاحتلال والمستوطنون ضد الفتية والأطفال على الحواجز في الخليل. 

تنطلق خصوصية مدينة الخليل باعتبارها المدينة الأكبر في الضفة الغربية، ويسيطر الاحتلال على أجزاء كبيرة منها، ويسيطر المستوطنون على الجزء الأهم فيها وهي البلدة القديمة والحرم الإبراهيمي الذي شهد مجزرة مروعة ضد المصلين عام 1994، في الحرم الإبراهيمي، وتم بعد ذلك الاستفراد بالمدينة وتقسيم الحرم الإبراهيمي لإقامة الصلوات للمستوطنين وتدنيس المسجد باستمرار.

يمر الاحتلال بحالة من الصدمة مما يحدث في الخليل التي اعتقد أنه مسيطر عليها ويعرف كل ما يدور فيها من خلال السيطرة المباشرة أو من خلال التنسيق الأمني مع الأجهزة الأمنية التي تمارس عملاً استخباراتيًّا لخدمة الاحتلال، لكن الفشل يبدو واضحًا في ظل العمليات التي ينفذها الشبان في الخليل، وهذا يرجع لسببين: الأول أن الاحتلال فشل في الوصول لمئات العمليات الفردية، وكذلك فشل السلطة في تقديم المعلومات التي تخدم الاحتلال بخلاف المدن الأخرى.

خلال كتابة المقال كان أحد أبناء الخليل سمير إبراهيم السكافي ينفذ عملية دهس لجنود الاحتلال ويوقع فيهم الخسائر بينهم جندي أصيب بجراح خطيرة، وهي خير دليل على أننا أمام مدينة المستحيل التي ستكون عصية على الانكسار أو الاستسلام لمخططات صهيونية وفلسطينية وعربية لوأد الانتفاضة وهو ما كشف عنه نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل المحتل أمس في حديث لصحيفة فلسطين.

لذلك فإن الاحتلال أمام تقييم جديد أنه أمام انتفاضة حقيقية يصعب التعاطي معها، وسقوط نظريته الأمنية التي كانت قائمة على العداء الأساسي مع غزة بما تمتلكه من منظومة عسكرية متكاملة، بل أصبح أمام مدن جديدة لا تقل خطورة، وتهديد الجبهة الداخلية, وفي مقدمتها مدينة الخليل والقدس بأشكال جديدة لم يعهدها.