ليس فقط فيديو التحقيق مع الطفل الأسير أحمد مناصرة الذي حاز على انتشار غير مسبوق على مواقع التواصل الاجتماعي، بل إن نقاشا حادا تمحور حول طريقة إخراج هذا المقطع ومن المستفيد منه!!.. وفيما إذا كان القصد منه "تخويف" المنتفضين وتحذيرهم مما قد يلاقونه على أيدي المحققين الإسرائيليين، حال اعتقالهم.
الطفل مناصرة تعرض للدهس بسيارة إسرائيلية قبل نحو شهر في القدس، وترك مصابا في حالة نزيف ووجهت له الدعوات بالموت والشتائم المهينة بعد قتل ابن عمه "حسن مناصرة" قربه، بزعم محاولتهما طعن مستوطنين.
ويخضع مناصرة للتحقيق بعد تعرضه لضربة في أسفل رأسه وتحت ضغط شديد.. وهذه صورة مصغرة عن أساليب التحقيق الاحتلالية مع صغار المعتقلين.
"فلسطين الآن" جالت بين صفحات الصحفيين والناشطين والمواطنين ورصدت ردود الأفعال على مشهد استمر لأكثر من تسع دقائق لطفل لم يتجاوز 13 عاما، يواجه عددا من المحققين الإسرائيليين، الذين حاولوا عبثا إلصاق تهمة الطعن له.
أسئلة دون إجابات
تتساءل الزميلة الصحفية ميرفت صادق "كيف يخرج فيديو من غرفة تحقيق إسرائيلية؟؟ هذا أمر نعرف أنه شبه مستحيل.. وقد يكون جزءا من الحرب النفسية على الفلسطينيين وخاصة في القدس حاليا".
وتتابع "هل سبق وحصل محامون على فيديوهات فعلا للتحقيق مع الأطفال؟ لماذا سرب مشهد من تحقيق لا يتواجد فيه المحامي؟ مع أن القانون يعطي الحق للأسير الطفل بوجود محاميه وطرف من عائلته أيضا".
"الجواب بسيط، ليس مهما لإسرائيل كل هذا الكلام، ما دام هناك هدف أقوى تسعى لتحقيقه".
وتقول "تداول الفيديو بشكل كبير سيحمل معه موجة تخويف وترهيب جديدة للفتية والأهالي في القدس خاصة وفي مناطق المواجهة مع الاحتلال.. وإن كان فيه إضاءة على مشهد مركز للإجرام الإسرائيلي".
أما مسعود كوني فيتحدث في السياق ذاته تقريبا، حيث يقول "لماذا يتم نشره بهذه الصورة، وهم يعلمون أنه يعكس الواقع الفعلي للتحقيق بلا أي كذب ولا افتراء؟ وعفكرة هذا أحد أساليب التحقيق المعمول بها فعلا"!
يضيف "ما الهدف؟ ومن المستهدف؟ ولماذا هذا التوقيت بالذات؟ ولماذا سارعت وسائل التواصل بنشره ، أسارعت لكشف ممارسات الاحتلال كما هو ظاهر من نوايانا الطيبة دائما ؟! أم أنّ هنالك هدفا خفيّا يعمل الاحتلال على تحقيقه؟! أسئلة لتحريك الوعي ليس إلّا !!!".
تسريب مقصود!
إحدى الصديقات لدى ميرفت قالت "أي محامي بقدر يطلب تصوير التحقيق مع موكله.. مين سربه هون السؤال!!... القانون الإسرائيلي صحيح لازم يكون في مرافق للطفل خلال التحقيق... بس إسرائيل بتحول الاستثناء لقاعدة.. يعني ما في حد بيبقى مع الطفل خلال التحقيق، وبتقدر الشرطة تجيب تصريح بهادا الإشي بحجة (وجودهم تشويش ع مجريات التحقيق) .. في أطفال أصغر من أحمد والتحقيق كان معهم.. القصد انه مش مستحيل الحصول ع فيديو تحقيق... وفي حوادث تانية ومنها قتل فتاة بالقدس تم نشر التحقيق".
أداة ضد الاحتلال
مشارك آخر شارك بقوة "نشر الشريط ضروري لكشف عن جرائم الاحتلال ضد أطفال فلسطين.. أعتقد أنه سيكون أداة جيدة جداً له في المحكمة كون كل ما قاله تحت ترهيب وضغط نفسي هائل".
وعلقت أخرى "لا نتسرع الاستنتاج،، السيناريو مفتوح لهذا الفيديو، تاريخيا كلنا نعلم سياسة الموت البطيء التي تمارس على الأسرى، ومع ذلك حرص الاحتلال دوما على عدم القتل المعلن مع سبق الإصرار.. هناك الكثير يمكن أن يقال، وفي أدنى المستويات علينا أن نعمم هذا الفيديو كجزء من حربنا الإعلامية المقاومة على الاحتلال ونازيته".
ثورة جديدة
يوافقها الرأي هذا التعليق التالي بقوله "هذا يزيد من ثورة الشباب الغاضب وليس العكس.. فمعظم الشباب الذين نفذوا عمليات الطعن كان بسبب ما شاهدوه من جرائم صهيونية تجاه شبابنا وبناتنا، ولا أعتقد أن المخابرات الصهيونية من مصلحتها إظهار محققيها بهذه الصورة البشعة للعالم.. ولتعاملت بطريقة لطيفة جدا كما حاولت تمريرها وهو داخل المستشفى".
بدوره، ذهب طارق شمالي للقول إن "فيديو التحقيق الصهيوني الهمجي مع الطفل الجريح أحمد مناصرة وهو مكبل اليدين والرجلين سيخلق موجة جديدة من الغضب الفلسطيني تشهدها شوارع وميادين المدن الصهيونية وربما تختلف كما ونوعا عن ما سبقها من عمليات طعن وقنص ودهس والأيام القادمة حبلى بالمفاجآت!.
المصور الصحفي فادي عاروري كان له رأي، حيث كتب "تجادلت مع صديق حول نشر فيديو الطفل مناصرة من داخل غرف التحقيق .. أنا دافعت أن نشره هو من وجهة نظر حقوق إنسان هي أقوى من صورته وهو مضرج بالدماء قبل شهر تقريباً.. لأنه انتهاك حقوق الأطفال خلال التحقيق.. أنا متأكد أن الفيديو تسرب بكامل إرادة ومعرفة الجهاز الأمني، لأنه اللي الهم ولوج لكاميرات المراقبة هم معدودين على الأصابع فبلاش نكون ساذجين ونعتقد أن الفيديو مسرب بطريقة خفية".
تجميل الصورة
البعض يرى أن المخابرات الإسرائيلية هي من تقف فعلا وراء تسريب المقطع، لتظهر وكأنها عملية تجميلية لمجريات التحقيق.. صحيح هناك عصبية وضغط نفسي شديد تعرض له الطفل مناصرة، لكن ليس هناك ضرب أو تعذيب.
يقول مجدي محمد "هذا اللي مارسوه معه تجميل لصورة التحقيق.. لأن التحقيق الحقيقي أسوأ من هيك بكثير.. فبالتالي كل الشعب الفلسطيني بيعرف شو يعني تحقيق وضرب وكهربا وشبح وعصي وكيس وزنزانة.. فكأنه هم قانونيين ومحترمين، وهذه أساليب تحقيقهم".