أمام بسطة موز "أبو نملة"وقف عجوز "مهكَّع" "مكَركَع" آخر أسنانه سقطت يوم سقوط بغداد، وغابت بشرته الكئيبة خلف كدر السنين العجيبة، وبدأ يقلِّب في الموز شمالاً ويميناً، فوقاً وتحتاً ويشمه، ثم نظر إلى البائع سائلاً إياه عن سعر الموز فقال: اثنين بمائة.. بدأ العجوز يفاصل ويناور ويراوح على أن يأخذ الموز اثنين ونصف بالمائة.
ربع ساعة وهو يحوم حول الموز، والبائع ينظر إليه، ويطبطب للبائع لعل وعسى أن يأخذه بالسعر الذي يريد، يرفع عكازه على "قطف الموز الكبير" الممزوج خضاره بسماره بصفاره، ويقول: بتوفي معاك اثنين ونص توكل على الله.
غضب البائع منه قائلاً: يا حج والله جننتني تعال، فتح الكيس ووضع له ما أراد، نظر العجوز في الكيس قائلاً له: ارفع هذا القطف وضع آخراً... ضع هذا بدل هذا... أنا سآخذه زيارة لمريض.
قال البائع للعجوز: جننتي يا حج على عشرة شيكل... تأفف الحج ونفخ فمه قائلاً: لما كان في زعماء حقيقيين للشعب الفلسطيني لم نكن ندخل في كل هذه التفاصيل، أبدلنا الزعيم بـ"الهَميطة" فأغرقتنا التفاصيل.
