في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها المواطنون في قطاع غزة الذي يعاني من الحصار الإسرائيلي المفروض منذ أكثر من ثمان سنوات وتتابع العدوان وإغلاق المعابر وندرة فرص العمل الذي زاد نسبة البطالة ، يلجأ الشباب خاصة إلى الرياضات المختلفة لتفريغ طاقاتهم وقضاء أوقات فراغهم.
بجانب الملاعب الصناعية المعشبة لرياضة كرة القدم التي انتشرت بكثرة في قطاع غزة ، تزايد إنشاء صالات الحديد الرياضية لكمال الأجسام وتزايد إقبال الشباب عليها هروبًا من ضغط الواقع المعيشي الصعب ، وتقرير "فلسطين الآن" يسلط الضوء على مدى إقبال الشباب على هذه الرياضة وأسبابه.
استغلال الوقت
بكلتا قبضة يديه يشدّ على قضيب الحديد الذي يحمل أوزانًا كبيرة من الأثقال يرفعها عاليًا على مد ذراعيه ثم يخفضها إلى صدره وهكذا يكرر حتى ينهي جولته، هكذا بدا اللاعب إيهاب عدوان في صالة "كندا" لكمال الأجسام في حي تل السلطان غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وأوضح عدوان خلال حديثه لـ"فلسطين الآن" أنه يمارس هذه الرياضة منذ حوالي تسعة أشهر، وقال:"عندنا أوقات فراغ كثيرة ونريد أن نستفيد منها بتفريغ طاقاتنا وتطوير أنفسنا جسديًا، فتوجهت لصالة كندا والأخوة المدربين هنا لم يقصروا معنا".
واعتبر عدوان أن الرياضة مهمة جدًا لكل شاب في كل زمان ومكان وليس شرطًا أن يكون هناك فراغ اجتماعي ووظيفي، ونوّه أن "قدوتنا الرسول والصحابة كما قال عمر:"علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل"، وهذا من ضمن الرياضة التي حث عليها إسلامنا".
وتابع بقوله: "نحن ما زلنا في احتلال ويجب أن نعد أجسامنا ولا نعلم ما هو القادم الذي يجب أن نعد له، ويجب أن نعلم أولادنا ونربيهم بدلًا من أن يتجهوا إلى جانب آخر، فالرياضة هي الأفضل".
وأضاف: "الفراغ ممكن يجعل الشباب يلتجأ إلى التدخين والمخدرات وغيرها من الأمور السلبية، ونحن ندعوهم ونوجههم أن يتوجهوا إلى الرياضة ويفرغوا طاقتهم فيها أفضل من أي أمر آخر".
وبدوره أشار اللاعب محمد أبو لبدة الذي يمارس رياضة كمال الأجسام منذ سنتين ويداوم عليها في صالة "شهداء بدر" لرياضة كمال الأجسام ورفع الأثقال "أن هناك إقبال كبير من الشباب على صالات الحديد".
وقال:"ممارسة الرياضة صحة للجسم ولياقة تنشطه واستغلال للوقت وهي وصية عمر رضي الله عنه" ، وأضاف:"أغلب الشباب يفرغ طاقته في رياضة الحديد من البطالة والكبت النفسي الذي يعيشونه".
وفيما يخص التمارين التي يمارسها أبو لبدة في صالة الحديد أوضح أن تمارين كمال الأجسام تتعلق بتقوية الصدر والأكتاف والقدمين والظهر والمعدة ، مشيرًا أنه على اللاعب أن ينظم التمارين التي ينوي ممارستها ويرسمها في عقله قبل البدء فيها.
مطالبات بالتطوير والاهتمام
محمد عطية، مدرب كمال الأجسام في صالة "كندا" لكمال الأجسام والتي تعمل منذ عام 2003 وهو يعمل مدربًا فيها منذ عام 2007 ، أوضح لـ"فلسطين الآن" أنه يتعامل في التدريب حسب طبيعة كل شاب والهدف الذي من قدومه أتى على الصالة، وبيّن أن منهم من يأتي للياقة جسمه ومنهم تخفيف وزن ومنهم كمال أجسام ورفع أثقال.
وقال:"الذين يلعبون كمال أجسام تحتاج أن تتدرج معهم في التمارين بنظام إحماء كامل للعضلات وباللياقة والجري وبعد ذلك يحمل أوزان حديد خفيفة جدًا ويبدأ بزيادة الأوزان بالتدريج وهذا بحاجة إلى استمرار".
وأشار أن "أغلب الشباب الملتزمين في الرياضة هم من القدامى، وهناك بعض الشباب يأتي لتجربة اللعبة ومنهم لا يستمر، وهناك من يأتي لشد جسمه وتخفيف وزنه".
واعتبر عطية أن عدد صالات الحديد في مدينة رفح ليس كافيًا، عدا أن الأجهزة فيها قديمة منذ 2003 ، ضاربًا مثال لصالة "كندا" التي يدرب فيها "الصالة التي نحن فيها منذ 2003 لا يوجد أي تطوير فيها حتى من قبل مؤسسة كندا كمشروع لها".
وأوضح أن عدداً من اللاعبين شاركوا في بطولة لافتتاح جامعة فلسطين، وحصل شخصان، على مراكز متقدمة، منوهًا أن المشاركة كانت بتواصل شخصي ، وقال:"هناك شباب جاهزون في الصالة للمشاركة في بطولات ولكن لا يوجد من يتحمل دفع رسوم المشاركة للاتحاد ولا يوجد أحد يدعم الشباب بغذاء أو ملابس رياضية يشاركوا فيها".
وأكد أن رياضة كمال الأجسام تحتاج إلى غذاء وراحة نفسية بشكل كبير جدًا حتى تؤتي نتائجها، معتبرًا أن التمارين تعطي الجسم 20% والبناء الباقي يعتمد على الغذاء والراحة النفسية.
وخلال لقائنا بالمدرب عطية شاهدنا في يده بطارية لتشغيل "لدات" كهربائية وضعها داخل الصالة ، منوهًا إلى مشكلة الكهرباء المستمرة ، وقال:"اشتريت بطارية لأن الكهرباء تقطع كثيرًا، وإذا لا يوجد إضاءة لا يوجد لعب ، وتخاف أن يقع الحديد على أي لاعب".
وختم عطية حديثه بقوله:"لعبة كمال الأجسام تنشط الجسم وتعطي قوة للشباب، ومع تقدم العمر يبقى الجسم مشدوداً و محافظاً على العضلات لتحمل الجسم وتبقى لياقته عالية".
وطالب من الاتحاد الرياضي والجمعيات ورجال الأعمال أن يدعموا رياضة كمال الأجسام ودعم الصالات الرياضية بالأجهزة اللازمة ودعم الشباب للمشاركة في البطولات المختلفة.