لربما يكون غريب لكثير من الناس أن قائدًا عسكريًا من قيادات المقاومة الفلسطينية والعمل الجهادي الذي سيطر على مختلف جوانب حياته واستغرق جُلّ وقته واهتمامه ، يصرف جزءًا من اهتمامه وأهدافه تحقيق إنجاز يخص الجانب الخدماتي الصحي للناس ويتلمس معاناة مرضاهم.
عائلة العطار في محافظة رفح جنوب قطاع غزة أرادت أن تبني لبنات أولى في مشروع بناء مجمع رفح الطبي ، وفاءً لابنها الشهيد القائد في كتائب الشهيد عز الدين القسام رائد العطار ، حيث كان يسعى طوال حياته لإنشاء مستشفى لمحافظة رفح.
لم تكتفِ عائلة العطار بتقديم ابنها القائد رائد صبحي العطار شهيدًا فداء لدينه وأرضه التي طالما جاهد على ترابها وشهدت له ساحات الجهاد التي مثّل فيها كابوسًا يطارد الاحتلال الإسرائيلي ، بل قررت التبرع ببناء مسجد باسمه ، لتجود بالنفس والمال.
هدف "العطار"
وسعيًا لبداية إنشاء مشروع مجمع رفح الطبي اختارت العائلة المسجد ضمن المخطط الهندسي العام لمجمع رفح الطبي المقرر بناؤه غرب المحافظة على مساحة من الأرض قدرها 40 دونمًا ، يخدم المرضى وعموم المواطنين.
وخلال حديث عبد العزيز العطار شقيق الشهيد "العطار" لـ"فلسطين الآن" أوضح سبب اختيار المسجد في المجمع الطبي: "لأن الشهيد رائد رحمه الله كان يسعى منذ فترة طويلة أثناء حياته، لإنشاء مستشفى في محافظة رفح ، لحاجتها الماسة لها، من أجل علاج المصابين والمرضى والإيفاء باحتياجاتها ، لذلك كان جهده الجاهد لأعوام عدة التواصل مع الجهات المعنية لبناء مستشفى".
وقال:"إن التبرع لبناء المسجد جاء تقديرا لعمل الشهيد البطولي وتخليدا لذكراه الطيبة" مضيفًا:"كان لا بد لنا أن نثمن جهوده في حياته، وكذلك من أجل كسب الثواب والأجر من الله تعالى، وبنائه بنية صدقة جارية عن روحه".
وتابع العطار:"لعل هذه الخطوة تكون دفعة للجميع من أهل الخير وبادرة طيبة، من أجل السعي والتبرع لصالح بناء مجمع رفح الطبي"، مشيرا إلى أن والدته لم توقف حثها وسعيها لبناء المسجد وفاء لابنها الشهيد البار بها.
ودعا الخيرين من أبناء شعبنا لتقديم المساعدة والجود بما يستطيعون من أجل تحقيق الهدف الأكبر وهو إتمام بناء المجمع الطبي، مبينًا تواصلهم مع جمعية أصدقاء مجمع رفح الطبي لبناء المسجد بمساحة 300 متر مربع وفق التصاميم والخرائط الهندسية.
ونوّه أن التبرع لبناء المسجد كان من أموال "رائد" الخاصة وبمساعدة الوالدة التي أبت إلا أن تعبر عن وفائها له وترد بره لها ببناء مسجد عن روحه.
تشيع لأصحاب الأموال
وبدوره شكر مجلس إدارة جمعية مجمع رفح الطبي ممثلا برئيسه جمال أبو هاشم ، عائلة العطار على مبادرتها بهذا الدعم المقدر بما يمثله من انطلاقة حقيقة لبناء المجمع.
وعبر أبو هاشم عن أمنياته بأن يكون بناء المسجد فاتحة خير وبداية مشجعة لأصحاب المال والأعمال وأهل الخير ليضعوا بصماتهم في هذا المشروع الإنساني بما يضمن مستقبلا صحيا واعدا لأجيالنا القادمة.
وأكد أن الجمعية ماضية في جهودها حتى تحقيق هذا الحلم ليكون واقعا ملموسا إن شاء الله ، من خلال التواصل داخليا وخارجيا لتوفير الدعم اللازم لتسريع عجلة البناء، موضحًا أن المجمع سيخدم 230 ألف نسمة في محافظة رفح إضافة إلى باقي المحافظات الفلسطينية.
ويشار أن مدينة رفح بحاجة إلى مستشفى متكامل يخدم مواطنيها ، وظهر عجزها الطبي خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف عام 2014م الماضي ، حيث قضى كثير من الجرحى شهداء بسبب العجز الطبي في المدينة.