كادت أخبار غير دقيقة تتعلق بمجريات انتفاضة القدس نشرت على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا "فيسبوك" أن تتسبب بمشاكل لدى بعض العوائل الفلسطينية، لا سيما ما يخص أسماء الشهداء والمصابين والمعتقلين.
الأسوء كان التسرع بنشرع معلومات حول هوية منفذي عمليات المقاومة كالدهس والطعن، ليتبين بعدها بوقت قصير أنها غير صحيحة، لكن استدراكها يصبح شبه مستحيل، في ظل انتشارها كالنار في الهشيم.
تقول شابة في العشرينات من عمرها -فضلت عدم ذكر أسمها- إنها وعائلتها مروا بساعات كأنها الدهر، عندما ابلغهم الجيران أن ابنهم الأصغر قد نفذ عملية طعن على حاجز قرب نابلس الشهر الماضي. تقول "بدأت امي تتوتر بشكل لم اره من قبل، تذهب وتجيء في البيت وتضرب أخماسا بأسداس.. أخي الاكبر بدأ يجري اتصالات مع أصدقاء له يعملون مع الطواقم الطبية، وكنا لا نجد طريقة نبلغ بها أبي".
صمتت قليلة واستجمعت قواها وقالت "فتحت على الفيسبوك لأقرأ التفاصيل، فإذا بالفعل صورة أخي قد ملأته وتناقلها الناس بشكل سريع جدا.. وبعضهم ترحم عليه وآخرون قالوا إنه أصيب واعتقله الجيش الإسرائيلي.. وتفاصيل لا أعلم من أين أتوا لها.. لكن لاحظت امرا معينا أن الصورة المنشورة هي فعلا لأخي لكن الأسم الذي يتم تداوله ليس له.
تقول "لم تهدأ هواتفنا المحمولة، الاتصالات نزلت علينا من كل حدب وصوب... حينها لم يفكر أحدنا أن يتصل على هاتف أخي.. تلك الفكرة التي تبهت لها أختي، التي بدأت تصيح في الدار بأعلى صوتها "حمودة بخير .. حمودة بخير".. فقد اتصلت عليه وأبلغها أنه في عمله ولم يخرج منه، ولا يعلم بكل ما يجري ..
تختم قصتها بتوجيه نصيحة للمواطنين قائلة "كاد بيتنا أن ينهار بسبب معلومات نشرتموها دون أن تتأكدوا.. أرجوكم أن تستفيدوا من الفيسبوك بالشكل الصحيح المأمول منه، ولا تنشروا أية أخبار غير موثوقة".
هفوات قاتلة
حالة من حالات عديدة مرت بتجربة صعبة، بسبب تسرع البعض ونشره أخبارا وصورا على الفيسبوك ومواقع "السوشيال ميديا" عامة- لم تكن صحيحة..
هفوات قد تكون قاتلة، يرجعها أستاذ الإعلام في "جامعة بيرزيت" نشأت الأقطش، إلى أن "الإعلام الفلسطيني يعاني من حالة تخبط وفوضى، خاصة أن الجميع يريد أن يحقق سبقاً صحفياً، ما يؤدي لنشر معلومات مغلوطة دون أي تدقيق"، مستدركاً "ربما يكون الأمر طبيعياً في ظل عصر الإتصال الرقمي".
وبيّن الأقطش أن "نقطة ضعف الإعلام الفلسطيني تكمن في اعتماده على الإعلام العبري كمصدر موثوق"، مشيراً إلى أن الإعلام الإسرائيلي يتبع لأجهزة الأمن ولمكتب رئيس الوزراء، وهو جزء من سياسة الاحتلال".
تصحيح المسار
من أجل هذا جاءت حملة "#سوشلها_صح"، هذا الأسم الذي خرج من مصطلح "سوشيال ميديا"، وتعني وسائل التواصل الاجتماعي.
الحملة تسعى بشكل أساسي لاستخدام هذه المواقع بصورة صحيحة، دون تضخيم أو مبالغات، قد تنعكس سلبا على المجتمع الفلسطيني.
فعلى هاشتاغ "#سوشلها_صح"، تفاعل الشباب الفلسطيني عبر مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر" و"فيسبوك" بمنشورات تحمل عبارات تصويب لأسوأ استخدمات الشباب عبر تلك المواقع، والتعامل معها بالشكل الصحيح من أجل نقل صورة موحدة للعالم عن القضية الفلسطينية وما تتعرض له من اعتداءات متواصلة.
الحملة أطلقتها مجموعة "فلسطينيات" بالشراكة مع عدد من الصحفيين والصحفيات ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، كما تقول منسقتها منى اشتية، "لتصل رسالتنا إلى أكبر شريحة ممكنة من المواطنين"، وهي تأتي استكمالا لمجموعة أنشطة وورشات عمل للمؤسسة حول أخلاقيات النشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى دليل للصحفيين لأفضل ممارسات العمل، وهو متاح لكافة الأشخاص أيضا.
شبكة "فلسطين الآن" آمنت بأهمية الحملة، وحاولت التركيز عليها ودعمها. فالمهنية في العمل يساهم دون أدنى شك في كشف عورة الاحتلال الإسرائيلي وفي إيصال الصوت الفلسطيني إلى أنحاء العالم.
المهنية هي الحل
توافق إشتية على ذلك، وتقول "لا بد أن يكون لدينا مهنية عالية في نشر الأخبار، فكثيراً ما يتم نشر أسماء لشهداء تكون مغلوطة، ما يخلق حالة من التوتر والبلبلة في أوساط الأهالي والمتابعين، كما أن هناك صوراً تقوم بإدانة صاحبها خاصة في المواجهات، فنحن لا نسعى لتسهيل مهمة الاحتلال بذلك".
وشهدت تلك المواقع الكثير من التجاوزات مثل نشر صور الشهداء بطريقة تؤثر على مشاعر ذويهم، وكذلك نشر صور الأطفال في ظروف قاسية.
وتدعو الحملة الناشطين على تلك المواقع لضرورة التحقق من الصور التي يتم تداولها من خلال صفحة تحقق، أو من خلال جوجل أو "فلكر"، وكذلك التوعية بضرورة أن تحمل مضامين المنشورات أبعاداً إنسانية ووطنية وأن تتحلى بالمصداقية والدقة.
كما أن الحملة تعمل على تعزيز البعد عن النقد الجارح أو التطرق لأمور شخصية وأن يكون النقد موجهاً للسلوك وبشكل محترم.