يحسب الناس أن الخيانة هي "الجوسسة" علي أبناء الشعب أو التخابر مع الاحتلال ولكن الخيانة أوسع من ذلك بكثير ، فيقال مثلا أن فلان قد خانته زوجته أو أن فلانة قد خانت زوجها وهذا صنف من أصناف الخيانة ، أو أن فلان قد نقضه العهد الذي قطعه علي نفسه  فهذا صنف أيضا من أصناف الخيانة أو أن فلان عمله بما يخالف دينه فهو أيضا خائن لدينه أو أن فلان قد عمله بما يخالف شعبه فهو خائن لشعبه هذه أصناف من الخيانة ولو أردنا الحديث بشكل أوسع فهناك من الأمثلة الكثير. 

(1)  طالعت صحيفة فلسطين أمس فإذا فيها خبرين يناقض كل منهما الأخر لقد صدر في صدر صفحتها الأولي نبأ استشهاد فتي وفتاة في الضفة الغربية وفي نفس الصفحة تحدثت عن مصافحة بين محمود عباس الذي يدعي أنه رئيس الشعب الفلسطيني وبين المجرم نتياهو الذي يقتل الشعب الفلسطيني فهل هناك خيانة أكبر من هذه الخيانة أن يصافح رئيس شعب قاتل شعبه أليست هذه من أعمال الخيانة لأن المنطق السليم يقول أنه عندما يلقى من يقتل شعبه قاتله أن يشتاط غضبه أو يتمعر وجهه أو يذهب في طريق أخر غير طريق القاتل حتى لا يقوم باعتداء عليه أو ضربه ولكن ما جرى يخالف الطبيعة البشرية فتكون المصافحة والمعانقة والابتسامة العريضة وكأنه هذا القاتل صديقً حميمً قد يقول البعض أنها الدبلوماسية أو السياسة ونقول أنها الخيانة بعينها . 

(2)  عندما تحاصر سلطة رام الله عمل فضائية الأقصى وإن جاز التعبير فضائية الثورة والانتفاضة، وتحول بينها وبين ممارسة دورها بفاعليه واقتدار وتغطي الأحداث الجارية في انتفاضة القدس في الضفة الغربية وتهدد شركات البث بالعقاب والملاحقة إذا تعاونت مع فضائية الأقصى في بث مجريات الانتفاضة علي الهواء مباشرة أو تمنع من التعامل مع الفضائية ومراسليها؛ فهذا صنف من أصناف الخيانة لا يمارسه من ينتمي لهذا الشعب ولهذه القضية. فاليوم الإعلام واحد من الأسلحة الفتاكة التي قد تسبق في بعض الأحيان في أثرها وفعلها البارود والنار تمنع من أن تمارس دورها المنوط بها والذي تفرضه مقتضيات الحالة الفلسطينية في ظل غياب إعلام قادر على التغطية بشكل مهني وشامل أليس مثل هذه الإجراءات تصب في صالح العدو الصهيوني أليس في مثل هذه الإجراءات ما يؤدي إلي إخلاء الساحة الإعلامية للإعلام العدو الكاذب والمفبرك أليس من حق الشعب الفلسطيني أن يوصل رسالته عبر الفضاء إلي كل العالم يظهر من خلالها حجم الجرائم المرتكبة من قبل الصهاينة و الاحتلال بحق كل ما هو فلسطيني وهنا قد يقول البعض أن السلطة مضطرة للقيام بذلك لوجود اتفاقيات ومعاهدات مع الاحتلال الصهيوني أو لأنها لا تريد أن ينتفض الشعب الفلسطيني وفي كلا الأمرين هذا هو عين الخيانة لأنه لو لم يكن كذلك لغضت السلطة في رام الله عينها وقالت لا سلطة على فضائية الأقصى فهي غير خاضعة لسيطرتنا وتركتها تعمل طالما أن وسائلها غير قادرة علي العمل كما تعمل فضائية الأقصى ولكنها أبت إلا أن تكون أحد أذرع الاحتلال خيانة ما بعدها خيانة. 

(3)  عار لف دولة الأمارات العربية المتحدة بعد تلك الأنباء التي تحدثت عن إقامة ممثلية صهيونية في عاصمتها في الوقت الذي يمارس فيه هذا العدو الصهيوني إرهابه وقتله لأبناء الشعب الفلسطيني وهذا يؤكد إن هناك اعتراف واضح بهذا الكيان والتطبيع معه وإقامة علاقات محرمة أليس هذا خيانة للأمة أليس هذا خيانة للقدس؟ أليس هذا خيانة لفلسطين وشعبها؟ أليس هذا خيانة لشعب الأمارات الذي يرفض إقامة العلاقات مع الاحتلال الصهيوني؟ ما الذي ستجنيه الأمارات وعيالها من الحكام من وراء هذه العلاقة وهذا الاعتراف بهذا الكيان الغاصب؟ دولة مثل الإمارات باقتصادها الكبير ورفاهيتها ليست بحاجة إلى مثل هذا الكيان الهش الضعيف الغاصب القاتل لذلك فلا تفسير لهذه الخطوة إلا أنها صنف من أصناف الخيانة للشعب وللوطن وللأمة.