18.25°القدس
17.94°رام الله
18.86°الخليل
21.68°غزة
18.25° القدس
رام الله17.94°
الخليل18.86°
غزة21.68°
السبت 23 نوفمبر 2024
4.64جنيه إسترليني
5.22دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.86يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.64
دينار أردني5.22
جنيه مصري0.07
يورو3.86
دولار أمريكي3.7

"الجيوسي" جاء للحياة وغادرها ووالده بالأسر‎

dd605b0cee0c2e8a3a235e98cc55869f
dd605b0cee0c2e8a3a235e98cc55869f
الضفة المحتلة - فلسطين الآن

ما أن يستلقي الأسير زياد صدقي الجيوسي (45 عاما) على سريره في سجن النقب الصحراوي، حتى تتصدر أمام ناظريه صور نجله الوحيد طارق، الذي جاء للحياة وغادرها ووالده بالأسر. رغم مرور سنوات على وفاة طارق، إلا أن ذكراه لا تغيب عن مخيلة والده ورفاق الأسر، كونه جاء بعد أسبوع فقط على زيارته لوالده في السجن، وإحضاره كمية من الصور الشخصية له.

حكاية الجيوسي -وهو من قرية كور قضاء طولكرم-، برزت عند اعتقاله بتاريخ 29 تشرين الثاني 2001، وإصدار حكم قاسي بحقه لستة عشر عاما.. ما خفف عنه أنه بعد أشهر من اعتقاله جاء طارق للحياة، ليكون قبلة والده في خارج الأسر يزوره بين فترة وأخرى يواسيه في غرفة القيد، ويمنحه طاقة الصبر الفولاذية، ويهديه أحدث الصور التي التقطتها كاميرته الشخصية .

في 21 أيلول 2011 وعندما كان أبو طارق يتبادل أطراف الحديث مع رفاق الأسر ويطلق العنان للضحكات، وصل للسجن نبأ وفاة نجله طارق.. حينها لم يجرأ أحد على إخباره، وتردد كثيرا حتى استقر الأمر أن يتوجه إليه الأسيران الدكتور عزام سلهب والدكتور محمود الرمحي،  حيث ابلغاه أن هناك أمرا ما بالأردن، حيث يقيم هناك طارق مع والدته، فسارع بالاتصال من خلال هاتف مهرب، وكان الرد بأن طارق قد توفي في حادث سير.

أوقات عصيبة

يصف أبو طارق الحادثة بعد مرور عدة سنوات على حصولها "كان وقع الحادثة مؤلما ومفاجئا لكنني تغلب على الأمر لأنها مشيئة الله.. وكانت وقفة زملائي في الأسر والأصدقاء والأقارب في الخارج عاملا خفف من صعوبتها".

يستذكر الجيوسي آخر لقاءاته مع نجله قبل وفاته بأيام، عندما زاره وتحدث معه بصراحة في صالة الزيارة في السجن، وكان طارق يشعر بمرارة الحياة بعيدا عن والده.

ورغم إلحاحه على الضابط الإسرائيلي بالسماح لطارق بالدخول إلى صالة الأسرى أي مكان الزيارة كالأطفال الآخرين، لكن طلبه رفض بحجة أن ذلك يشمل فقط الأطفال تحت سن 8 أعوام.

لا ينسى المرة الأولى التي التقى فيها طارق وعمره عدة أسابيع، عندما حمله داخل صالة الزيارة في حالة خوف شديدة، كونه رضيع عمره أربعين عاما، وكيف بدأ يكبر رويدا رويدا إلى أن فارق الحياة دون أن يعيشا معا في ظلال الحرية.

فقد الجيوسي والدته عام 2004 دون أن يتسنى له وداعها إلى الرفيق الأعلى، ووالده المسن البالغ من العمر 85 عاما لم يتيح الوضع زيارته منذ أربعة أعوام بسب مرضه، ويزوره فقط أخواته وإخوانه.

تجاوز الصعاب

تمكن أبو طارق خلال سنوات اعتقاله من حفظ القران الكريم كاملا، كما التحق في الجامعة العبرية المفتوحة، وأنهى فصلا دراسيا إلى أن تم إغلاقها أمام الأسرى قبل عدة سنوات.

يحتفظ أبو طارق بعشرات الصور لطفله، وقد اقترح عليه احد الأسرى التخلص منها فرفض، قائلا "ستبقى تلك الصور ذكرى للذي رزقني الله به وأنا أسير واسترد أمانته وأنا أسير" .

ينظر الأسرى إلى زميلهم الجيوسي بعين الاحترام والتقدير فرغم ما فقده من فلذة كبده، لكنه يعيش معهم كأنه أب يسهر على أوضاعهم، وأيضا يجلس أسبوعيا على وجبة عشاء محددة للأسرى.