19.68°القدس
19.38°رام الله
18.3°الخليل
23.84°غزة
19.68° القدس
رام الله19.38°
الخليل18.3°
غزة23.84°
الجمعة 11 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

دراسة: فشل الإستراتيجية الحالية يستوجب البحث عن تكتيك ناجح

fe4648344215af28eb9e09fd0e50dd3a
fe4648344215af28eb9e09fd0e50dd3a
الضفة المحتلة - فلسطين الآن

أجرى مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني الذي يرأسه علاء الريماوي، قراءة للحراك السياسي الإسرائيلي، جراء انتفاضة القدس، راصدا أهم الأحداث وانعكاساتها على الحكومة والائتلاف ومواقف المعارضة، ثم تقديم رؤية تلخيصية عامة للأحداث. 

وقال الباحث في مركز القدس عماد أبو عواد في قراءة شاملة لواقع الاحتلال "واجهت الحكومة الإسرائيلية العديد من الملفات التي أظهرت التخبط الإسرائيلي من جانب وكذلك عمق الخلافات الإسرائيلية الداخلية سواء على مستوى الائتلاف أو المعارضة الإسرائيلية".

وقد ظهرت "إسرائيل" حكومة ومعارضة كمن تعمل ضمن تكتيك قصير المدى في ظل فقدان رؤية إستراتيجية واضحة للمستقبل وهذا يظهر في العديد من القضايا التي تحتاج بالفعل إلى قيادة صاحبة قرار أو لديها قدرة على اتخاذ قرارات مصيرية وهذا ما تفتقده "إسرائيل" في الفترة الحالية فقد ولى زمن الصقور في الدولة العبرية.

ومن أبرز الملفات التي كانت ولا زالت تفتقد الحكومة الإسرائيلية القدرة على علاجها أو التعامل معها ولم تقدم لها المعارضة كذلك حلولا ناجعة، هي ملف الانتفاضة الفلسطينية أو وفق ما تسميه "إسرائيل" "موجة الإرهاب"، حيث لا زالت هذه الموجة وفق التسمية الإسرائيلية تدفع كافة الأطر والأحزاب والشخصيات لتقديم الحلول المختلفة.

ولا زالت تصر أحزاب اليمين وعلى رأسها حزب البيت اليهودي برئاسة بنيت على ضرورة الاستمرار بالمخططات الاستيطانية خاصة في منطقتي القدس والخليل وكذلك ضرورة الاستمرار في مخطط التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، في حين بدا حزب الليكود والذي يترأسه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أكثر تخبطا في آرائه.

فهو يسعى بكل ما أوتي من قوة إيقاف الانتفاضة وقد استخدم كافة الوسائل سواء على مستوى العقاب الجماعي أو حظر الحركة الإسلامية أو أبعد من ذلك من خلال استمرار المحاولات الدبلوماسية والتي على رأسها التوجه إلى أمريكا ونقاش الملف الفلسطيني أو الاجتماع بوزير الخارجية الأمريكي كيري في "إسرائيل" ومحاولة تقديم حسن نوايا باتجاه السلطة شرط سعيها الجاد في إيقاف الانتفاضة.

أما أحزاب شاس بزعامة درعي وكلنا بزعامة كحلون وهما أعضاء في الائتلاف الحكومي، فيبدو أن اهتماماتهما بالملفات الأمنية تكاد تكون شبه معدومة وتركا الأمر بأكمله لليكود وحزب البيت اليهودي ، وبقي تركيزهما حول الملفات الاجتماعية والاقتصادية. 

من جانبه، اعتبر هرتسوغ زعيم المعارضة أثناء لقاءاته المتكررة مع العديد من الأطراف المحلية والدولية وعلى رأسهم وزير الخارجية الأمريكي أن الحل يكمن في إدخال الدول العربية وعلى رأسها السعودية ومصر والأردن في أي تسوية سياسية من اجل الوصول لحل سياسي والانفصال عن الفلسطينيين ضمن حل يحفظ حدود "إسرائيل" ويبعدها عن غول الدولة ثنائية القومية، ولم يتوانى كذلك هرتسوغ عن اتهام نتنياهو بفشل إدارة ملف الانتفاضة الحالية مظهرا انه لو كان بمكانه لاستطاع إيقاف الانتفاضة الفلسطينية.

وأظهر حزب يوجد مستقبل بزعامة يائير لبيد وهو الحزب المعارض الثاني من حيث القوة أن بنيامين نتنياهو لم يحسن إدارة الملف وانه يتهرب من قول الحقيقة للمجتمع الإسرائيلي وقد عبر عن ذلك لبيد بقوله "القيادة ليست بإسماع الشعب ما يريد سماعه، بل بقول الحقيقة للشعب".

أما أفيغدور ليبرمان زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المعارض فقد كان الأكثر هجوما، معتبرا أن نتنياهو يدير الملف المواجهة بشكل كارثي.

وكذلك أظهر ملف حظر الحركة الإسلامية مدى تخبط الحكومة في دولة تدعي الديمقراطية وتحظر حركة مرخصة دون أي إدانات تذكر، وتحرم جزء من مواطنيها حق التعبير عن رأيهم في مخالفة واضحة لقوانين اللعبة الديمقراطية، وليثبت قرار الحكومة مرة أخرى مدى تراجع تأثير الأمن الإسرائيلي في القرارات السياسية.

أما فيما يتعلق بملف الميزانية وإقرارها والتي أخذت مساحة واسعة من النقاش ومرت بأغلبية ضئيلة جدا 61 مع مقابل 59 ضد وكادت أن تعصف بالائتلاف الحكومي بسبب حجم الابتزازات من الأحزاب الصغرى التي يستطيع أي منها إسقاط الحكومة في ظل الائتلاف الحكومي الضيق، حيث استطاع حزب شاس أن يوقف إقرار الميزانية أكثر من مرة واستطاع ان يحصل مئات ملايين الشواقل لحسابات خاصة للحريديم، فيما كان وزير المالية وزعيم حزب كلنا الخاسر الأكبر حيث خضع في النهاية لابتزاز أحزاب اليمين ومنها البيت اليهودي الذي استطاع أن يحصل مبالغ إضافية للاستيطان وكذلك اضطر إلى رفع ميزانية الجيش كما أراد حزب الليكود من 56 مليار إلى 59 مليار ومليار إضافي آخر في العام القادم.

وخلافا لتأكيداته المسبقة التي رفض فيها رفع ميزانية الجيش، ليخرج كحلون كأكبر الخاسرين بعد إقرار الميزانية التي ضيقت من فرص تحقيق برنامجه الاجتماعي الذي أوصله إلى الكنيست بـ"10" مقاعد، وليكون خلافا لما توقعه ناخبيه ضعيف الشخصية أمام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

من جانبها، شنت أحزاب المعارضة هجوما قاسيا على الميزانية الجديدة، فقد اعتبرها حزب يوجد مستقبل أنها تقاسم للكعكة بين أحزاب الائتلاف متهما نتنياهو أنه خضع لابتزاز الأحزاب الصغرى.

وقد قدمت المعارضة 32 ألف تحفظ على الميزانية، رقم ليس له سابق في التاريخ الإسرائيلي، وكان هدف المعارضة من ذلك أن يستمر نقاش التحفظات 266 ساعة وبالتالي تسقط الحكومة، لأن تاريخ إقرار الميزانية يكون قد مر.

وقد اعتبر المعسكر الصهيوني وهو أكبر أحزاب المعارضة بأن إقرار الميزانية  وعلى هذا الشكل بالذات يعتبر رضوخ من نتنياهو وكحلون لابتزازات اليمين والمتدين الأمر الذي سيفاقم من نسبة العجز في الميزانية في الأعوام المقبلة.ولم تسلم زيارة نتنياهو الأخيرة لواشنطن من خلق العديد من جوانب التوتر داخل الائتلاف الحكومي وخارجه.

أما على صعيد العلاقة مع الملف السياسي لوقف الانتفاضة، فكانت زيارة نتنياهو للولايات المتحدة  بهدف إيجاد صيغة معينة لإيقاف الانتفاضة الفلسطينية ومن الواضح أن الرجل كان ينوي تقديم مجموعة من حسن النوايا للفلسطينيين، الأمر الذي اعتبره شريكه في الائتلاف الحكومي بنيت "زعيم حزب البيت اليهودي" أمرا مرفوضا جملة وتفصيلا.

 وقال بنيت لماذا لا يقدم الفلسطينيين حسن نوايا تجاهنا؟، وعندما صرح نتنياهو أنه من الممكن أن يتخذ خطوات أحادية ، لم يلبث إلا أن تراجع فور لقاءه ببنت.

من جانبه، اعتبر حزب المعسكر الصهيوني المعارض وكذلك حزب يوجد مستقبل أن العلاقة مع الولايات المتحدة هي أولوية إسرائيلية، لكن نتنياهو تسبب في تشويش هذه العلاقة في السنوات الأخيرة وهو الآن يلجأ للولايات المتحدة بسبب ما يشعره من ضيق وعليه أن يفهم أن العلاقة مع الولايات المتحدة ليست علاقة انتقائية بل إستراتيجية يجب الحفاظ عليها لمصلحة "إسرائيل".

وعادت نقاشات مدى تماسك الائتلاف الحكومي تحتل مساحة واسعة من النقاش في ظل تغيب بعض أعضاء حزب البيت اليهودي عن التصويت على العديد من القضايا مما أعطى الفرصة للمعارضة في تمرير قانونين ، مما أثار حفيظة الليكود الذي اتهم شريكه في الحزب بأنه غير جدي في استمرار الشراكة.

ويتضح أن تغيب بعض أعضاء البيت اليهودي عن التصويت جاء كنوع من الاحتجاج على بنيامين نتنياهو، متهمين إياه بعدم الالتزام بوعوده التي قطعها على نفسه فيما يتعلق بتوسيع دائرة الاستيطان.

وهدد حزب شاس أكثر من مرة عن جاهزيته لتفكيك الائتلاف الحكومي في حال لم تتراجع الحكومة عن فرض التجنيد الإجباري على "الحريديم"، وكان لهم ما أرادوا وهذا دفع كافة أطياف الطيف السياسي الإسرائيلي إلى اتهام نتنياهو بالرضوخ لابتزازات الحريديم بهدف الحفاظ على ائتلاف ضيق ولا يخدم الدولة.

واعتبرت المعارضة أن الائتلاف الحكومي اليميني المتطرف لن يصمد طويلا ويعود رفض اليميني ليبرمان الدخول إلى الحكومة من منطلق أنها آيلة إلى السقوط والتفكك وترسخ قناعة تامة عند الرجل أن عام 2016 سيشهد انتخابات مبكرة وهذا ما صرح به مؤخرا.

واعتقد أبو عواد إن هرتسوغ زعيم حزب المعسكر الصهيوني والذي رفض هو الآخر الانضمام للائتلاف الحكومي في ظل ما تعايشه "إسرائيل" من أزمة وصل لنفس القناعة وقد عبر عن ذلك بعض أعضاء حزبه قائلين لن نقدم طوق نجاة لنتياهو.

بدوره، قال مدير مركز القدس علاء الريماوي إن الأداء السياسي للحكومة الإسرائيلية يعاني من جملة عناويين على النحو التالي:

أولا : الملف الأمني سواء كان ذلك في الضفة الغربية، غزة وحتى في منطقة الحدود الشمالية عدا عن التفكير الإستراتيجي للحالة الأمنية في الشرق، لازالت "إسرائيل" تميل لما يعرف بامتصاص الحالة والتكيف معها، الأمر الذي جعل قيادات أمنية إسرائيلية، تطالب بوضوح التوجهات خاصة في ما تريده خلال المرحلة القادمة في الحالة الأمنية.

ثانيا: الملف السياسي الفلسطيني : وجدت "إسرائيل" صيغة من التعامل في الملف الفلسطيني يقوم على قاعدة، (الأمن مقابل الاقتصاد) في الضفة،  الأمر الذي يعني إنهاء خيار التعاطي مع القيادة القائمة أو إضعافها، لدرجة الشروع في التمهيد وبالتعاون مع العرب لقيادة جديدة.

الأمر الذي ترى قيادات إسرائيلية منها يائير لبيد وغيرها من قيادات الوسط، هذا السلوك بالخطير خاصة أنه قد يؤدي لواقع أمني معقد، وهذا ما أوصت به قيادات إسرائيلية أمنية من أن هذا الواقع قد يفضي لانهيارات في السلطة، مما سيجبر "إسرائيل" التورط في ملفات اجتماعية. 

ثالثا: العلاقة مع العرب، لعل من أكثر الملفات لدى نتنياهو ما أحدثته حكومته منذ تولي ليبرمان وزارة الخارجية، بناء علاقة متينة مع بعض الأنظمة العربية، وصلت حد من التعاون الأمني غير مسبوق، هذا الحال، سيثقل على الحالة المقاومة، كما يتطلب في ذات الوقت تفكيرا مهما في شكل التحرك خلال المرحلة القادمة .

وتشير المعطيات أن "إسرائيل" وفرت لها مساحة مهمة في العلاقة مع مصر الأردن والإمارات وبعض دول الخليج، تحت مظلة ما يعرف (مواجهة إيران والحرب على الإرهاب).

رابعا: تخطت حكومة نتنياهو التوتر مع الولايات المتحدة، لكنها بلا شك فتحت نقاشا حول تأثير اليهود على السياسة الأمريكية، الأمر الذي جعل قيادات وازنة في "إسرائيل" تعتبر الشهور الماضية الأخطر على علاقة "إسرائيل" بالولايات المتحدة، جراء التدخل السافر في رفض الاتفاق النووي وغيرها من المواقف التي مست بالبيت الأبيض وحكم الديمقراطيين.

خلاصة القراءة : "إسرائيل" على صعيد الحكومة لا زالت متماسكة برغم إرباك الموازنة، لشعور اليمين أن بديل نتنياهو في الحكم، سيكون أحد الشخصيات غير اليمينية مما يجعل البديل لديهم الثابت نتنياهو .

وأضاف المركز" لعب "إسرائيل" في التكتيك، سيضعها أمام إجابات حتمية لملفات الأمن، الأمر الذي سيضع "إسرائيل" أمام إجابات حتمية هي لا تستطيعها خلال المرحلة القادمة".

وتابع المركز" أمام هذا الواقع تحتاج القيادات الفلسطينية مناقشة، طبيعة الحكم القائم في "إسرائيل"، أفق التفكير السياسي الأمني، والأهم التخطيط الإسرائيلي للمرحلة القادمة في ظل شرق يحترق".