أينما توجه ناظريك في منطقة "بلوك سي" في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ستجد بصمة تراثية عريقة، خطها من عشق تراب الوطن السليب، ورسمها رجال حلموا بالعودة منذ سنين، وافتتحها مسنون ذاقوا مرارة التهجير، فكانت حارة العودة التراثية لمسة إبداعية على طريق العودة الحتمية.
إثراءً للمشهد البصري، وسعياً لنشر فن تزيين شوارع وأزقة وحواري مخيمات اللجوء في قطاع غزة، وحرصا على ربط الفن ببيئة المكان وروحه, انطلقت مبادرة لون دارك لترتقي بالذوق البصري، وتلامس روح المجتمع وتراثه وثقافته الأصيلة المتمثلة بالتمسك بحق العودة.
وسط سعادة ارتسمت على وجوه الحضور، وفرحة عارمة ملأت قلوب الأهالي، افتتح مركز العمل التنموي "معا" بمخيم النصيرات حارة العودة التراثية بمنطقة "بلوك C" ضمن مبادرة ”لون دارك”، بتنفيذ من الحكومة الألمانية GIZ، وبالشراكة مع الفنانين التشكيلين بقطاع غزة "باليتا"، بحضور شعبي كبير من الفنانين والمثقفين ووجهاء المخيم وعدد من وسائل الإعلام.
جاء افتتاح حارة العودة التراثية خلال حفل نظمه القائمون على الفعالية لحارة التراث، تخلل الحفل فقرات تراثية فلسطينيين، فكانت فقرة المربوعة البدوية والتي شارك فيها شباب وأهالي حارة العودة، حيث غمرتهم السعادة وجميع الحضور.
مبادرة لون دارك
من جانبها قالت مسئولة المشاريع في مركز "معا" إيمان البيوك :"إن العمل جاء ضمن أنشطة المركز والمشاركة ضمن مشاريع المواطنة الفاعلة".
وأضافت البيوك :"هذه المبادرة هدفت للعمل على تغيير وتزيين الحارات وتجميل الصورة لبعض الحارات، حيث وجدنا مشاركة فاعلة من قبل الأهالي".
وأشارت مسئولة المشاريع في مركز "معا" :”استغرق المشروع قرابة الـ 16 يومًا حيث تم الانتهاء منه بتكلفة 1500 يورو، وبمساحة إجمالية وصلت ما يقارب الـ 300 متر مربع".
من جهته شكر مسئول الحي أو عقيد الحي كما ينادونه أهالي منطقته كمال الغصين مركز معا والقائمين على تزيين حارة العودة التراثية، معربا عن سعادته بالفعاليات التي ترسخ حق العودة لدى الأجيال الصاعدة.
وأضاف الغصين :"هذا الحدث شكل لنا فرحة كبيرة، حيث ظهر الحي بهذا الشكل الجميل والمميز الذي يعكس حب الحياة لدى الفلسطينيين على عكس ما يروج له الاحتلال الإسرائيلي".
ووجه الغصين الشكر الكبير إلى مركز العمل التنموي معا على هذا المجهود وهذا العمل الرائع الذى يستحق كل التقدير من قبل أهالي الحي.
وفي ذات السياق اعتبر زياد عوض تزين حارة العودة بالألوان من أجل إضفاء أجواء المرح والسرور على سكان المخيمات التي امتلأت باللاجئين والمهجرين منذ عشرات السنين.
وأوضحت نهال الصفطاوي إلى أن مبادرة "لون دارك" غيرت معالم الحي بشكل كامل، وحوّلته إلى لوحة فنية تبعث الأمل بنفوس سكان الحي الذي خرج منه الشهداء ويعج بالجرحى الذين أصيبوا على طريق العودة للبلاد التي هجروا منها.
واكتفت نجوى جمال بتعليق :"ونحن نحب الحياة ما استطعنا إلى ذلك سبيلا"، مؤكدةَ على أن حق العودة مقدس ويحتاج إلى مزيد من العمل والتضحيات من أجل تلوين أراضينا المحتلة.
وشدد المواطن ياسر الحواجري أحد سكان حارة العودة على أن مبادرة "لون دارك" اختارت حارة قدمت العديد من الشهداء والجرحى والأبطال، معربا عن فخره بكل الفعاليات التي تعزز صمود المواطن، وتؤكد على حق العودة.