19.45°القدس
19.11°رام الله
18.3°الخليل
24.51°غزة
19.45° القدس
رام الله19.11°
الخليل18.3°
غزة24.51°
الأربعاء 09 أكتوبر 2024
4.93جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.93
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.76

فلسطين وشمس الإنكليز

حازم عياد
حازم عياد
حازم عياد

في تشرين من العام 1917 تمكنت القوات الإنكليزية من احتلال القدس، وقد مر على هذه الحادثة الآن ما يقارب الـ 99 عاما، وستكمل مئويتها في العام القادم 2017، وهي المئوية ذاتها لوعد بلفور المشؤوم الذي قدمته الحكومة البريطانية ممثلة بوزير خارجيتها، لرجل المال والأعمال روتشلد لقاء دعمه المالي، ليظهر الوعد كصفقة مالية بنكية وضمانه للقروض المقدمة من روتشلد وعائلته، الوعد الذي قاد الى كارثة مازالت المنطقة تعيش تداعياتها حتى الآن.

التزمت لندن بوعد بلفور ولم تلتزم بصك الانتداب الذي كان يمنعها من القيام بأي تغيرات على الارض الفلسطينية، ومنها تهجير الصهاينة من أوروبا الى فلسطين، اذ تعاونت من اللحظة الاولى مع الوكالة الصهيونية، ولم تلتزم بصك الانتداب او ببنود اتفاقات جنيف لحقوق الانسان فيما بعد او القانون الدول، ولا بقرارات الامم المتحدة، مكتفية بلعب دور الوكيل للحركة الصهيونية والوكالة التابعة لها.

بريطانيا قمعت سائر الثورات الفلسطينية منذ العام 1921 الى العام 1948، والتي كان من أبرزها ثورة الـ 36، وحتى هذه اللحظة لم يعترف الإنكليز بانتهاكاتهم القانونية والمادية العسكرية او التاريخية التي ارتكبت بحق الفلسطينيين، بل ان ابرز رئيس وزراء عرفته بريطانيا في القرن الواحد والعشرين « توني بلير» كان عرابا للحصار الذي لازال قطاع غزة يقبع تحته، مستكملا بذلك سياسة القمع الموجهة ضد الفلسطينيين.

فلسطين الجزء الاكثر مأساوية في المشهد الذي رسمه الإنجليز في المنطقة، والمترافق مع اتفاقية سايكس- بيكو البريطانية الفرنسية لرسم خريطة المنطقة، والتي مثلت بدورها تراجعا واضحا عن الاتفاق الذي عقدته الحكومة الإنكليزية مع الشريف حسين بن علي، فيما عرف بمراسلات حسين مكماهمون ما بين العامين 1915- 1916، لتتوج مشروعها بإغراق المنطقة بالازمات والاستنزاف التاريخي، ملتفة بذلك على مطالب العرب المشروعة بإنشاء كيان سياسي موحد.

مئة عام رسمت خلالها بريطانيا معالم المنطقة، وتركت ميراثا ثقيلا لازالت المنطقة العربية تدفع ثمنه، غابت شمس الإنكليز «الامبراطورية البريطانية» وبرزت شمس بريطانيا، ولكن الدمار الذي خلفته وراءها لم يغب بعد، بريطانيا التي باتت تتنازعها التوجهات الأطلسية في مواجهة الاشواق الاوروبية نحو الاتحاد، وتعيش بين الحين والآخر كوابيس انفصال المقاطعات كمقاطعة اسكتلندا، فهل ستتواضع وتعترف بأخطائها، هل سيعتذر البريطانيون عن مورثوهم، أم أنهم مازالوا يعتبرونه تاريخا مشرقا وبناء حضاريا راسخا، صنعوا من خلاله تاريخ المنطقة ولا زالوا، رغم أفول شمس إمبراطوريتهم؟!.