في وسط شارع الرشيد على بحر غزة وفي جو غائم جزئياً، متلفِّحاً بالسواد وسط توقعات زخات أمطار كبيرة -حسب ما قال الإرصاد الذي كانت توقعاته كلها "بيض" العام الماضي والحالي-، نزل رجل عجوز من السيارة التي أمامنا مباشرة، ووقف في نص الشارع رافعاً يداه وبصره إلى السماء صارخاً : "مطولين يا رب؟... رحمتك يا رب، اللهم لا اعتراض يا رب لكن رحمتك أوسع...".
نزلت من السيارة مقترباً من الرجل وسألته بعد أن أثار ذهولي وهو يصرخ بصوت مرتفع في "نص الشارع": شو قصتك يا حج مالك؟
كأن الدنيا أغلقت في وجهي... نظرت إليه، من شدة الكهولة والتعب "ربنا ستر" اللي ما وقع على وجهه، قال: عندى عشر أولاد وبنات، مدارس وجامعة، وابني مريض مش عارف أعالجه، وهيَّك شايف لا شغلة ولا عملة..... احنا ايش عملنا في حياتنا عشان يصير فينا هيك؟! ولا حد مدوِّر علينا.. مش حرام؟!
اخذت بخاطره طارقاً يدي على كتفه، وقلت له: أسأل الله أن لا يجمع عليك معانتين في الدنيا والآخرة... وحسبي الله علِّي كان السبب مين ما يكون يكون، وحسبي الله على كل واحد بيقدر يساعد وما بيساعد هالناس الغلابا.