20.53°القدس
20.18°رام الله
20.53°الخليل
23.14°غزة
20.53° القدس
رام الله20.18°
الخليل20.53°
غزة23.14°
الأحد 10 نوفمبر 2024
4.84جنيه إسترليني
5.29دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.02يورو
3.75دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.84
دينار أردني5.29
جنيه مصري0.08
يورو4.02
دولار أمريكي3.75

حماس.. البوصلة وتعبيرات السياسة

هيثم
هيثم
هيثم غراب

أثارت تعزية حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وذراعها العسكري لحزب الله اللبناني باستشهاد سمير القنطار إثر غارة صهيونية استهدفته مع مجموعة أخرى من قيادات الحزب حالة من الهرج والمرج في أوساط المؤيدين للثورة السورية داخل الحركة وخارجها.

إلا أن الحركة بقيت متمسكة بموقفها معللة إياه وعلى أكثر من مستوى بأنه تعزية في رجل قدم 30 عاماً من عمره أسيراً في سجون الاحتلال مقاوماً له رافضاً احتلاله لأرض فلسطين، بعيداً عن تصرفاته ومسلكياته ومواقفه التي يمكن أن تكون مرفوضة في الشأن السوري.

ليس المهم عندي الولوج إلى تفاصيل هذه الحادثة التي مرت عليها أيام وأسابيع، لكنني أحاول أن أضع يدي على فلسفة التفكير لدى حركة حماس في التعامل مع الأحزاب والدول والجماعات، وأن أجيب على بعض التساؤلات التي تدور في عقل المحبين والمؤيدين، والتي يسوقها أيضاً الكارهون للحركة في خضم موجات التشويه التي يقودونها من أجل خفض رصيدها في الشارع الفلسطيني تارة وفي محيطها الشعبي العربي والإسلامي وحتى الدولي تارة أخرى.

فكيف تشكر حماس قطر وهي التي تحتضن أكبر قاعدة عسكرية أمريكية لا يتعدى هدف وجودها تعزيز سيطرتها وهيمنتها على المنطقة العربية وربما شن اعتداءات على بعضها انطلاقاً منها، وكيف تشكر كتائب القسام إيران وتعزي في سمير القنطار وهي التي قتلت آلاف السوريين وارتكبت الجرائم في سوريا والعراق واليمن وينطبق الحال عندما وقع تفجير الضاحية في لبنان.

وكيف تناصر حماس ويؤيد أعضاؤها وأنصارها تركيا بقيادة أردوغان في وقت لم تقدم تركيا أكثر من الكلام لغزة وربما بعض المساعدات العينية أو النقدية فيما تسارع اليوم لإعادة علاقتها مع الاحتلال الصهيوني في حين تشهد علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية حالة من الصداقة والقرب الشديد.

أليست هذه التساؤلات جزء يسير من سيل النقاشات التي لا تتوقف حول مواقف حماس، وهي من وجهة نظري أسئلة مشروعة غير أن من يتساءل عنها تغيب عنه حقائق كثيرة أوضح بعضها في هذه السطور.

فحركة حماس هي حركة تحرر وطني تسعى لتحرير فلسطين من نير احتلال صهيوني اغتصب أقدس مقدسات المسلمين واستحل أرضاً قدسها الله في قرآنه، وعليه فهي بحاجة لكل جهد عربي وإسلامي يساعد المخلصين من أبنائها على تحريرها وتحقيق آمال أهلها بالحرية والانعتاق من المحتل.

وعليه فإن الأمة عند حماس تنقسم إلى أقسام مختلفة تختلف كل الاختلاف عن التقسيمات الطائفية التي أكلت الأخضر واليابس في المنطقة العربية.

 فهي ترى أن قسماً من الأمة مستعد لتقديم المساعدة العسكرية والسياسية والمالية، وقسم آخر يقدم لها العون المالي عبر مشاريع للمحاصرين في غزة إضافة إلى الموقف السياسي، وقسم آخر يفضل الصمت والابتعاد عن تشابكات القضية الفلسطينية، والقسم الأخير وهو المعادي لمشروعها جملة وتفصيلاً ويدفع المليارات من أجل القضاء عليه وحصاره وتدميره لصالح المشروع الصهيوني والقضاء على ما بات يعرف "بالإسلام السياسي".

ولحماس سياسة واضحة في التعامل مع هؤلاء جميعاً ويبدو أنها باتت لا تتوقف عند سيف المزاج العربي في تحديد مواقفها، فهي مستعدة لشكر ومباركة فعل القسم والأول والثاني لدعمهم دون النظر إلى عرقه ودينه وسياساته الداخلية أو الخارجية وممارساته التي قد تختلف معه فيها وتستنكرها في بعض الأحيان، استناداً في ذلك على وضوح بوصلة مشروعها الذي يشير إلى القدس، ومشعل جهادها الذي ينير لها الطريق، كما تقول.

أما القسم الثالث فحماس تبقى على عهدها معه بتذكيره بواجبه تجاه فلسطين، وأنها قضية العرب والمسلمين الأولى وأنها أطهر المعارك التي يمكن أن تخوضها الأمة دفاعاً عن دينها وشرفها وكرامتها.

وللمعادين لمشروعها فقد أثبتت حماس على مدار السنوات الماضية أنها تصبر حتى الرمق الأخير ما لم يكن لهذه المعاداة نتائج تمس بمشروعها بشكل مباشر وتجعله في موطن الخطر، فتصبر على الإيذاء الإعلامي لأبعد حد وترد إعلامياً بالقدر اليسير في حال وجدت الأمر يستحق الرد.

صحيح أن نفسية الشباب العربي المتحمس قد لا يروق لهم أن تقوم حماس بذلك خاصة في ظل واقع الأمة الصعب، إلا أن الحركة ترى أن هذه هي السياسة الأسلم، فخيارات المقاومة في فلسطين محدودة جداً ولا يمكن أن تدير ظهرها لمن يقدم لها الدعم طالما كان غير مشروط بالمرة، وعلى الأمة أن تلتمس لها العذر في ظل تخلي الكثيرين عن مشروع المقاومة على أرض فلسطين وتركه نهباً دون ظهير قوي يدعمها ويؤازرها.

وهذا أيضاً مدعاة للنداء لكل الأحرار العرب والمسلمين جماعات ومؤسسات وأنظمة رسمية أن يقفوا مع المقاومة في مواجهة الاحتلال الصهيوني، بعيداً عن لغة المحاور والتيارات والطوائف فقضية فلسطين هي الجامعة للأمة وهي التي توحدها ضد عدوها الحقيقي الذي بات سعيداً بما وصلت إليه الأمة من حالة يرثى لها.