19.68°القدس
19.41°رام الله
18.3°الخليل
25.46°غزة
19.68° القدس
رام الله19.41°
الخليل18.3°
غزة25.46°
الأحد 29 سبتمبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.22دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.22
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.7

خبر: صقر يستكمل..كيف قضت القسام على الأجهزة الأمنية

شبك مصباح صقر يديه أمام صدره وهو يروي كيف استطاعت كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس القضاء على الأجهزة الأمنية في غزة خلال صيف العام 2007 حيث قال في تقييمه لأداء الأجهزة الأمنية: "كان توزيع عناصر الأجهزة الأمنية خاضعا للرغبة الإسرائيلية للأسف، إذ أن المقاومة الفلسطينية داخل قطاع غزة كانت أكثر قوة، كما أن قوات الاحتلال كانت تخشى من وجود قوات فلسطينية بكثافة كبيرة في الضفة الغربية التي تحاذي الأراضي التي استولت عليها (إسرائيل) عام 1948، وبعض مدنها كـ(قلقيلية) مثلا تلامس خاصرة الكيان الإسرائيلي". وسط كل هذه السلبيات التي تسببت في ضعف بنية الأجهزة وانعدام جاهزيتها وانخفاض الروح المعنوية للأفراد، اندلعت انتفاضة الأقصى عام 2000. والتي كشفت عورة هذه الأجهزة كما يؤكد اللواء صقر من حيث فشلها في الدفاع على المدن الفلسطينية، فقد كان التراخي والعجز واضحا في أداء هذه الأجهزة التي ظنت للأسف أن "السلام قد خيم على أرضنا إلى غير رجعة"، لتبدأ قوات الاحتلال الإسرائيلي باسترجاع كافة المدن والمناطق التي قامت بتسليمها للقوات الفلسطينية في الضفة الغربية ، وفي تدمير أغلب مقرات هذه الأجهزة في الضفة والقطاع. يردف صقر: "كانت هذه الأجهزة مترهلة تماما، ولم تكن لتحتمل مواجهة من أي نوع كان، حتى مع ذراع عسكري محدود العدد والتسليح والتدريب –وقتها- مثل كتائب القسام، التابعة لحركة حماس". ويستشهد صقر بحقيقة عسكرية حدثت خلال أحداث يونيو 2007 ، فقد كانت قوات الأجهزة الأمنية وهي في حالة الدفاع أكثر تعدادا ، ومتمترسة في مبانٍ أمنية بعضها تم تجهيزه على أعلى مستوى كما هو الحال في مبنى جهاز المخابرات ، وفي مثل هذه الحالة كما يقول صقر: "تكون فرص نجاح الجانب المهاجم محدودة جدا لأنه سيكون مكشوفا خلال الهجوم، وبخاصة أنه لا يملك معدات عسكرية متقدمة تضمن له تغطية الهجوم، لكن ما حدث أن القوات المدافعة مع هذه الميزة الكبيرة قد منيت بالانهيار المريع والسريع، بل إن الكثير منهم فر من مواقعه دون قتال، بعد أن خلع ملابسه العسكرية، على الرغم من أن ما توفر من أسلحة وتدريب لأجهزة الأمن الفلسطينية تحضيرا للمواجهة مع حركة حماس في هذه المرحلة كان أفضل مما وفر لها منذ نشأتها، وقد استولت كتائب القسام على العديد من هذه الأسلحة دون أن تستخدم، لذلك كان الانهيار صادماً للقيادات السياسية في السلطة وفي حركة فتح". يتوقف صقر عند هذه النقطة ليشير براحة يده، وقد ارتسمت ملامح الجدية على وجهه مضيفا: "لقد ضاقت ذرعا القيادة السياسية والعسكرية على حد سواء بما نبهت له منذ عام 1996 في كتاب "ملاحظات على هامش التجربة"، من أن العوامل الذاتية التي سادت عملية قبول وإعداد وتجهيز وتدريب هذه الأجهزة، هي من بين العوامل الأكثر أهمية لأي أداء أو عمل أمني ستخوضه سواء مع الاحتلال أو مع أي قوة داخل الساحة الفلسطينية، وهو ما بدى واضحا في أحداث المواجهة بينها وبين كتائب القسام " . ويشير صقر إلى سبب آخر غاية في الأهمية لانهيار هذه الأجهزة ذاتيا وهو عدم تعيين قائد عام لها قبل وقت كافٍ من المواجهة بصورة رسمية، فلم يكن اللواء عبد الرزاق المجايدة الذي تولى مهمة قائد غرفة العمليات المركزية لهذه القوات لديه أي مرسوم رئاسي بأنه القائد العام لها، وهو ما أحدث "بلبلة" ولبسا لدى العديد من قادة هذه القوات، لأن البعض اعتبره مجرد مستشار للرئيس للنواحي الأمنية، والبعض الآخر كان غير مقتنع به كقائد، وكان الكثير منهم يلجأ للقيادات التنظيمية للحصول على الأوامر بسبب تسييس هذه الأجهزة، لذلك عندما سئل المجايدة في لجنة التحقيق الوطنية عن أسباب حدوث الهزيمة في ظل قيادته لغرفة العمليات المشتركة قال بالحرف: "أنا لست قائداً لأحد"، في إشارة إلى عدم استجابة قوات أمن السلطة لأوامره، مما يثير تساؤلا حول سبب بقائه في منصب ما دام الأمر كذلك، ويتحمل بالتالي وزر هذه المسؤولية الثقيلة. وعند هذه النقطة يتحدث صقر في كتابه عن وجود قائد آخر كان ينافس المجايدة، هو محمد دحلان الذي كان يتدخل في إدارة المواجهة وهو لم يزل خارج قطاع غزة الذي خرج منه قبل الأحداث مباشرة بحجة العلاج وهي حجة لم تقنع الكثيرين، فقد كان دحلان يملك تفويضا كاملا وغير مسبوق لإعادة صياغة وهيكلة الأجهزة الأمنية من الرئيس عباس، واستغل هذه السلطة ليوجه أوامر مباشرة للقوات دون الرجوع لغرفة العمليات المركزية، كما حدث في عملية إنقاذ القيادي في حركة فتح ماهر مقداد الذي كان منزله الشاغر من سكانه محاصرا من قوات الكتائب، وأمر دحلان وحدة النخبة بإنقاذه ، وهي مهمة أكد جميع القادة العسكريين عدم وجود أي فرصة لنجاحها، وهو ما تسبب في خسائر فادحة، انعكست على معنويات كل قوات الأجهزة الأمنية. ويكشف صقر في سياق حديثه عن هذه المواجهة عن قفز الكثير من قادة الأجهزة الأمنية عن غرفة العمليات المركزية، وبعيداً عن رئيسها المجايدة والاتصال مباشرة بالرئيس عباس، وأخذ أوامر مباشرة منه، وهو ما زاد من فوضى قيادة المعركة، وانعكس سلبا على الأداء. هذه الضبابية في القيادة صاحبتها ضبابية أكبر في خطة العمليات المركزية لهذه القوات كما يؤكد صقر، ففي تحقيقات لجنة التحقيق الوطنية ادعى بعض قادة الأجهزة عدم علمه بوجود خطة للعمليات، فضلا عن العيوب الكبيرة التي كانت في هذه الخطة التي بنيت على أساس الدفاع السلبي الذي لم يكن يتناسب مع حرب العصابات التي يتبناها القسام، وتسبب في جعل المقرات الأمنية أشبه بالجزر المعزولة، وبالطبع لم يتم التدريب على هذه الخطة في أي وقت سابق، وبالتالي عدم استخلاص العبر من أخطائها. لكن صقر يشدد على أهمية عامل الحالة المعنوية لأغلب أفراد الأجهزة الأمنية التي كانت متدنية بسبب عدم تلقي أغلبهم للرواتب منذ فترة طويلة، بينما كان أفراد الأجهزة الاستخبارية مثل الأمن الوقائي والمخابرات يتلقون رواتب، وهو ما أحدث تمييزا أثر على الحالة المعنوية لآلاف الجنود، بالإضافة إلى غياب التعبئة المعنوية لهذه القوات سواء الاستعداد لمواجهة كانت بوادرها تلوح في الأفق ، مما أدى إلى اعتقاد الكثير من الجنود بأن المعركة ليست معركته بل معركة ما كان يطلق عليه وقتها "التيار الخياني" ، كل ذلك سرع في تفكك وانهيار الأجهزة الأمنية كما يؤكد صقر، والذي أظهر إلى أي درجة كان هذا الرجل يمتلك من البصيرة التي جعلته يتوقع هذه النتيجة المأساوية قبل أكثر من عشر سنوات على حدوث المواجهة والتي كوفئ عليها للأسف بالإساءة البالغة والاتهام بالجنون.