منذ أكثر من سبعين يوما، والعالم بأكمله يراقب الأسير الصحفي محمد القيق، الذي ينشد الحرية وكسر شوكة السجان، عبر إضراب مفتوح عن الطعام.. في مواجهة صلف الاحتلال الإسرائيلي الذي اعتاد على اعتقال أي شخصية فلسطينية مهما كان وزنها، دون أن يأبه لقيم أو أخلاق أو قانون دولي.
ويحاول القيق من خلال إصراره على نيل الحرية أن يثبت للمحتل وللعالم أن هناك أبطالًا لا يقبلون الضيم، وأن الحرية والشهادة عندهم سواء، وأن المحتل مهما بلغ من غطرسة وظلم بتصريح من العالم الظالم الذي يقف متفرجا على ظلم الاحتلال لشعبنا، فإن العزة والكرامة ستبقى معدنًا أصيلًا في معركتنا مع المحتل، وأنها مبدأ ثابت يتناقل بين الأجيال ولا ينتهي أبدا.
على خطى عمّه
ويُذكّر صمود القيق وتحديه ودفاعه عن كرامة شعبه والكلمة الحرة بعمه المرحوم المهندس "حسن القيق" (أبو إسلام) أحد مؤسسي حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وممن شاركوا بصياغة ميثاقها، والمعروف عنه أيضا بأنه "حكيم فلسطين".
ويبدو أن محمد القيق اختار لنفسه أن يسير على خطى عمه الذي توفاه الله بعد جهاد طويل وعمل دؤوب في نصرة الحق وأهله، والدفاع عن ثوابت الأمة ومقدساتها، رافعاً لواء الطهر والنزاهة والنصح والإرشاد، محباً للخير وغيوراً على الناس ومصالحهم.
وقد ولد الداعية حسن القيق في قرية البرج قرب دورا بخليل الرحمن عام 1940، وتلقى تعليمه الابتدائي في مدارس القرية، ودرس المرحلة الإعدادية في بلدة دورا ثم حصل على الثانوية العامة من المدرسة الصناعية في عمان بتفوق، ثم حصل بعدها على منحة التميز لدراسة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من جامعة بغداد التي تخرج منها عام 1966 بتقدير ممتاز.
وقد بدأ الشيخ أبو إسلام عمله الدعوي منذ نعومة أظافره، حيث التحق بجماعة الإخوان المسلمين عام 1956، وحمل لواء الدعوة خلال دراسته الجامعية، وحينما عاد لأرض الوطن وللقدس تحديدا تعرض للاعتقال والتحقيق عدة مرات ومورس بحقه أشد وأنكى أنواع التعذيب، فلم تلن له قناة، ولم تفتر له عزيمة، وأثناء فترة سجنه كان مدرسة في الصبر والثبات.
جزء أصيل
لذلك ليس غريبا أن نشهد على بطل شجاع كمحمد القيق حينما ندرك أن تلك العزة والكرامة والشجاعة إنما هي جزء أصيل من هذه العائلة الصابرة المجاهدة، والتي تدافع عن شعبها ووطنها وأمتها ولو كلفها ذلك الحياة، وليس فقط محمد وعمه هم من حملوا لواء الصبر والثبات والكرامة، فوالد محمد القيق أيضا وشقيقه هم من الأسرى المحررين الذين نالهم نصيب من مرارة الاعتقال والمعاناة، ولم يُثن ذلك من عزيمتهم.