23.02°القدس
22.74°رام الله
21.64°الخليل
25.88°غزة
23.02° القدس
رام الله22.74°
الخليل21.64°
غزة25.88°
الأربعاء 31 يوليو 2024
4.8جنيه إسترليني
5.28دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.05يورو
3.74دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.8
دينار أردني5.28
جنيه مصري0.08
يورو4.05
دولار أمريكي3.74

خبر: الفنان الخطيب..من طيشٍ ولامبالاة إلى فن هادف

هي عادة لازمته مذ كان طفلاً أينما حلَّ، وهي أن ينتقد ما حوله بطريقة خاصة، وفي كل مرة تطالبه أمه بالسكوت حتى لا يحرجها ولم تتخيل قط أن يصبح ابنها ذات يوم شخصاً يشار إليه بالبنان أن هذا هو الممثل الذي نحب! عزيزي القارئ – وفق قول ضيفنا –إن موهبة الفن بداخل الإنسان أشبه بالنفط الذي لم تكن لقوة بشرية اليد في وجوده، فالفن أمر فطري زرعه الله في هذا البشري، ولكن تكمن المشكلة في كيفية استخراج هذا النفط وتكريره لتحصل الاستفادة القصوى من كل تلك المشتقات الفنية. ضيفنا اليوم هو الفنان التمثيلي "نبيل عيسى الخطيب" الذي يرأس بيت الفن للعلوم المسرحية والدرامية ويعمل في إذاعة صوت الأقصى مقدمًا فيها برنامجه الأسبوعي "أنين القلب" الذي يحتوي على مقاطع درامية تسلب لب السامع وتجعله يعتقد أن الخطاب موجَّهٌ له وحده ، "فلسطين" التقت "الخطيب"، والتفاصيل في السياق.. يرجع الخطيب بذاكرته إلى الوراء ليخبرنا عن بداياته البسيطة بقوله: "في طفولتي كنت مشاغباً جدًا رغم تفوقي الدراسي، ومع مشاغبتي كان لدي اهتمام كبير بتفصيل كل شيء أراه أمامي والتعمق فيه وشرحه"، مشيرًا إلى أن أول مرة كتب فيها نصّا كانت في الصف الخامس الابتدائي. ويكمل: "عرف زملائي بما كتبت فأسرعوا يقولون للمعلم، الذي جاء وأمسكني من رقبتي كما تمسك القطة، وجرني إلى السبورة لأقرأ على الأولاد ما كتبت، ليغرق بعدها الفصل في موجة من الضحك عن ذاك الفاقد لشهيته فهو لا يأكل إلا "كرتونتين" اثنتين من البيض لأن شهيته غير مفتوحة! ويضيف: "كثيرًا ما قلت عن معلم إن أذناه كالقطائف، وذاك رأسه كالديك، وآخر رقبته كذا وكذا، فكانت ألقاب الأساتذة تصدر مني وتسري على ألسنة كل زملائي التلاميذ، وبالتأكيد نصيبي من المشاغبة أن أحظى بـ "بهدلة" شبه يومية في المدرسة! ". الكاتب أكبر كذاب! ويبين الخطيب أن الفنان له عالمه الخاص، وحياته، وخياله، يمكن أن ينشئ ويخترع العديد من الأشخاص غير الموجودين ويجعلهم يحبون ويكرهون ويتفاعلون ويموتون وقد يمر وقت من الزمن يبدأ هو بالشعور أنهم حقًا موجودون معه، لافتًا إلى أنه مع القائل: "إن الكاتب أول حياته يكون أكبر كذاب"، على اعتبار عالمه الخاص. جملةٌ على حائطٍ خطَّتها "المُقاومة" تُزلْزِل حياتَه! ويتابع: "مضت فترة الإعدادية والثانوية بطريقة عادية تتخلها بعض المواقف الساخرة والتمثيلية، إلى أن بدأت في أواخر الثانوية الانغماس في قراءة الكتب اليسارية وأدخل في غمار "الجبهة الشعبية" وأسير مع الرفاق، ولم تكن أي سلبية خارجة عن نطاق تصرفاتي"، منوهًا إلى أنه كان يحاول السفر إلى بيت لحم لعله يلتحق بفرقة الفنون الشعبية ولكنه لم يستطع السفر. إلى اللاشيء سرح نظره وهو يقول: "إلى أن حدث الزلزال الذي ضربني وغير كل ما بداخلي، ففي أواخر عام 1988 وبداية عام 1989 كنت أمر من جانب حائط كتبت عليه حركة حماس بالخط العريض: "تدعوكم حركة المقاومة الإسلامية حماس لصيام يوم عرفة فإنه يغفر سنة قادمة وسنة فائتة"، وكنت أبلغ حينها من العمر واحداً وعشرين عامًا، فكيف لشاب مثلي أن يغفر له كل تلك الذنوب التي امتلأت بها". ويتابع: "ولكنها كانت فعلا زلزالاً غيرني وجعلني أفكر وأحاور نفسي فقد كنت قبلها وصلت إلى مرحلة أتشاجر فيها مع أنسبائي لعلهم يقنعونني بوجود الله"!، مشيرًا إلى أنه بعدها مباشرة تعرض للاعتقال مع مجموعة من رفاقه في الجبهة الشعبية لتبدأ مرحلة جديدة في حياته بالانتماء إلى حركة المقاومة الإسلامية حماس في السجون. ويقول الخطيب: "في السجن كانت حماس مسئولة عن ليلة سمر كل خميس وعرضت أكثر من مرة رغبتي في التمثيل معهم ولكن الرفض كان نصيبي في كل مرة لعدم اقتناعهم بقدرتي على التمثيل، إلى أن حدثت في السجن تنقلات ما أدى إلى ترحيل فرقة المسرح، فجاءني مسئولها وهو يقول: "إنت بتعرف تمثل؟. بدنا نشاركك اليوم""، مبينًا أنه تمنع كثيرًا ولكنه في النهاية وافق. بلغوا عنه! ويخبرنا أنه يومها مسح من ذاكرة الحاضرين كل الفرقة التمثيلية السابقة ولم يبقَ أي حاضر لليلة السمر لم ينقلب على ظهره من شدة الضحك، "ولتخرج بعض التعليقات الساخرة وقت الإفراج عني، أن "بلغوا عنه لعله يبقى في السجن معنا ولا يخرج"، وفق قوله. ويضيف: "بعد خروجي من السجن أسست فرقة الشهداء مع فضل أبو نعمة وكامل أبو غبيط في عام 1991م"، متابعًا: "لم يكن للفرقة أي مصدر مالي يمكنها من الاعتماد عليه ولكن ما حقق لها الانتشار الكبير هو ما قدمته الحركة الإسلامية من فيضان الأحداث التي كانت مصدر ارتواء لفن الفرقة". ويشير الخطيب إلى أنه في المرحلة التالية كتب العديد من المسرحيات لمجالس الطلبة إلى أن سنحت له الفرصة ليلتحق بدبلوم "الإذاعة والتلفزيون" في جامعة الأقصى في عام 2000م، "وكتبت بعدها مسلسل "بحر الإنسانية" الإذاعي وجهز له نماذج وعرضه على إذاعة صوت الأقصى ولكنه قوبل بالرفض، فما كان مني إلا أن أتوجه ساعتها إلى إذاعة صوت الحرية وأنشر المسلسل عبرها وأحظى بقبول شعبي واسع"، وفق قوله. ويوضح أن فوز حماس في الانتخابات كان المرحلة الفاصلة في علاقته مع الإذاعة، لينتقل بعدها للعمل في إذاعة صوت الأقصى مع برنامج "أنين القلب"، والذي يحكي فيه قصصاً اجتماعية تحاكي الواقع الحياتي في قطاع غزة. ويتابع: "بالإضافة إلى مسلسل يوميات رجب وبعض المقاطع الدرامية في المناسبات السياسية والوطنية والدينية"، لافتًا النظر إلى أن عدم الاهتمام بالفن وأهله هو السبب المباشر بعدم وجود نماذج متعددة مثله، فالدراما بحاجة إلى تمويل ومتخصصين وكتاب ومخرجين وطواقم مؤهلة.