حين اجتمعت الأطراف الأيرلندية المتقاتلة لعقد مصالحة وطنية شاملة في البلاد، لم تختتم المشاهد في كل جولة من جولات المصالحة بالتقبيل والتعبيط والابتسامة المفلطحة العريضة كأن المشكلة الأساسية والمصائب التي حلَّت في البلاد من وراء الخلافات سببها الشعب وليس المتقاتلون... بالضبط كما يحدث في المصالحة الوطنية الفلسطينية الشاملة في كل مرة، تخرج القبلات والابتسامات وأجواء التفاؤل المصحوبة دائماً بأصوات رعدية فاشلة دون أي أمطار.
الخلاف أن جيري آدمز وديفيد ترميل وإيان بيزلي المتصالحون الأيرلنديون واجهوا الجميع بكل شفافية، أنفسهم أولاً ثم شعبهم ثم الكاميرات والصحفيين، وبكل جدية ووضوح تم العرس الوطني على خير... بالضبط تماماً كما يواجه المنقسمون الفلسطينيون الكبار أنفسهم وشعبهم ثم الكاميرات بكل جدية وابتسامة عريضة.
لعلها المرة الثانية على التوالي أن تكون إجراءات المصالحة في شهر شباط الخبَّاط، موسم تزواج "البسس"، وبمناسبة العيد الوطني المقدس لإخواننا في حركة "البسس" وبمناسبة انطلاقتهم المجيدة، أهدى لهم ألف تحية وسلام، وانطلاقة مباركة للجميع، ولا أعتقد أن شهر شباط وحده يتحمل المسؤولية في فشل جولات المصالحة المكوكية، أعتقد أن كثير من الأطراف الإقليمية لا تريد المصالحة الوطنية الفلسطينية الشاملة أن تتم، وحسب الديمقراطية فالرأي رأي الأغلبية، وبما أننا شعوب ديمقراطية حرة أفرزها الربيع العربي، علينا أن نرضى بالعملية الديمقراطية، وبما أن المعارضون للمصالحة الوطنية في الإقليم أكثر من المؤيدين لها، فإن الغالبية ستفوز بما أن الإقليم ديمقراطي "ابن كلب"، والمجد والخلود لشهدائنا الأبطال.