مخجل وأنت تقوم بتحريك مؤشر المذياع متنقلا بين الإذاعات المحلية لمعرفة آخر مستجدات العدوان الصهيوني ، يطرق سمعك غناء ماجن يتراقص على وقع ألحانه أجساد عفنة ، لا تبالي بآهات تنطلق من غزة حزنا على أجساد طاهرة ما تزال تنزف دما بفعل العدوان الصهيوني. هذه الأنغام الشاذة التي تبثها محطات مقرها في الضفة ، ذاك الجزء العزيز من الوطن الذي يعيث الاحتلال فيه فسادا بشكل يومي عبر اقتحام المدن واعتقال المواطنين ، يأبى مالكوها إلا الانسلاخ عن الهوية و الوطنية وكأنهم في عالم آخر لا يمت صلة بغزة النازفة. وعن كبيرهم الذي علمهم السحر ، ذاك التلفاز المسمى زورا بفلسطين ، حدث و لا حرج ، تمر مأساة غزة والأزمات التي تعصف بها ، تمر عبر شاشتها مرور الكرام ، بينما شتلة زيتون يزرعها سلام فياض أو زيارة مرتب لها مسبقا لتبدو مفاجئة يقوم بها عباس إلى سوق شعبي تأخذ حيزا لا بأس به من التغطية والاهتمام. لا أدري ما الحجج التي يسوقها القائمون على تلك القنوات و الإذاعات ، التي ترسخ الانقسام حتى عبر أثير الهواء ، متجاهلة جرح غزة النازف ، ثم يأتي الاحتلال مدعيا بأنها تمارس التحريض . حتى السلطة هناك التي أدانت العدوان على استحياء ، لم تسمح لمظاهرات تضامنية ، وهمها فقط هو "الحفاظ على التهدئة وتفويت الفرصة على الحكومة الإسرائيلية التي تحاول التهرب من استحقاقات الجهود الدولية المبذولة لإعادة إحياء عملية السلام ".حسب بيان الرئاسة . أمر غريب عجيب ، كل هذا القتل والعدوان المستمر و استيطان ينتشر كالسرطان في الضفة والقدس و سلطتنا التي من المفترض أن تكون فلسطينية بامتياز تقول إن العدو "يحاول الهرب" ، متى إذن يكون الهروب بعينه ، ولماذا لم تهرب هي من مستنقع الإذلال والتنسيق الأمني . إذا كنا نحن لا نحرك ساكنا لبعض ، فكيف نريد من الآخرين أن ينتصروا لنا ، سواء من العرب أو الغرب ، العدو الصهيوني لا يفرق بين أحد ، كلنا في عين استهداف طائراته الغادرة ، وإذا كان العدو يفرق شطري الوطن عبر الحواجز و المعابر و يقطع سبل التواصل بينهما ، فالشهيد محمود الحنني وحد الوطن بدمائه ، فهو من نابلس وارتقي شهيدا و دفن في غزة التي أبعد إليها قبل خمس سنوات. الاحتلال رغم مناكفاته السياسية الداخلية والتي قد تصل إلى حل حكومات وإجراء انتخابات قبل موعدها ، إلى أن تلك الأحزاب بيمينها وشمالها تتوحد ضد ما تراه عدوا لها ، فنحن أولى وأحق بهذه الوحدة منهم ، وعتب نسجله على بعض الإذاعات أو القنوات المحسوبة على تيارات المقاومة التي تعيش الحدث لحظة بلحظة وتقول بوحدة المقاومة في خندق واحد ، إلا أنها لا تمنع أصواتاً شاذة تزايد على فصيل مقاوم بعينه ، ونسي هذا المتصل أن من يهاجمه هو من يحمي ظهر المقاومة ويؤمن وصول السلاح لعناصرها ، بل ويدرب منتسبيها وكثيرا ما سمعنا عن عمليات نوعية تبناها هذا الفصيل بعد أعوام ، ليخرج علينا من يتهمه زورا بأنه يقف موقف المتفرج ، فلندع المزايدات و المناكفات جانبا وننزل الناس منازلها.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.