19.63°القدس
19.23°رام الله
17.75°الخليل
22.11°غزة
19.63° القدس
رام الله19.23°
الخليل17.75°
غزة22.11°
الإثنين 11 نوفمبر 2024
4.84جنيه إسترليني
5.29دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.02يورو
3.75دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.84
دينار أردني5.29
جنيه مصري0.08
يورو4.02
دولار أمريكي3.75

نحو مقاومة فردية منظمة ومجدية

لمى خاطر
لمى خاطر
لمى خاطر

لعله بات واضحاً الآن أن الانتفاضة الفلسطينية ستستمر بوتيرة الثبات الحالية لمسارها بخصائصه المختلفة عما سبق من مسارات. أي الطابع الفردي غير المنظّم أو غير الموجّه مباشرة من قيادة بعينها لهذه الحالة.

ويبدو أن إشكاليات العمل المنظم في المرحلة الراهنة هي ما أفضت إلى هذا المسار وجعلته بمثابة خيار غير قابل للتغيّر في المدى المنظور. فعدا عن الضربات المتلاحقة التي مُني بها العمل العسكري المنظّم في الضفة، فإنه بات من الممكن التنبؤ بشخوصه لأنهم تحت رقابة ومتابعة شبه دائمة من السلطة والاحتلال، وليس أدلّ على ذلك من كشف عدة خلايا مسلحة في الضفة مؤخراً وهي في طور التخطيط والإعداد.

ومع إيجابيات العمليات الفردية، خصوصاً على الصعيد الأمني، وكونها شكّلت حالة من رفض الاحتلال ومقاومته تتجاوز العناصر المؤطرة في تنظيمات، بمعنى أنها عززت ثقافة المقاومة وفعلها في وعي جميع المؤمنين بها، إلا أنها في المقابل تفرز بعض السلبيات كعشوائية العمل واندفاع عدد من العناصر المضحية دونما تخطيط جيد. رغم أن هذا الجانب لا يبدو أولوية في مرحلة تحتاج أكثر شيء إلى استنهاض همم الجمهور لاستئناف مسيرة التحرير والنكاية بالاحتلال، ولأنه تلقائياً حين يسود مناخ ثوري داخل المجتمع سيفرز إيجابيات شتى في مختلف مناحي حياته وسيمهد لأشكال أكثر تنظيماً وجدوى على صعيد المقاومة.

لكن الأمر لا يحتمل انتظار الصدف أو التطور التلقائي لحالة المقاومة الحالية، بل رفدها بكلّ ما يعينها على التطور، ولا سيما على صعيد الخبرات والتوجيه الإعلامي، إذ إن هناك تقصيراً في التوجيه وتزويد المقاومين بالخبرات الأمنية والعسكرية المختلفة، وهو أمر متاح ويسير لعدد من المنابر الإعلامية المقاومة ولكثير ممن يتحدثون عبرها ويمجدون أفعال المقاومة، لكن التمجيد وحده لا يكفي في وقت تعاني فيه ساحة الضفة من شحّ الأدوات مع أهميتها كساحة صراع حيوية، وفي وقت لا تبدو فيه غزة مناسبة لإشعال جبهات متكررة في ظل الحصار واستنزافها الكبير ومحاولة إغراقها بالأزمات.

وإن كان هذا التوجيه مدروساً وواعياً بمتطلبات المرحلة ونواقصها فمن شأنه أن يرفع من كفاءة المقاوم الفرد، ومن حسّه الأمني ووعيه العسكري، وحسن تخيّره أهدافه، وصولاً إلى التطور من حالة الخلية الفرد إلى الخلية المكونة من عدة أفراد، حتى وهي تنطلق بدوافع ذاتية ودون توجيه مباشر من فصيل معيّن. ولنا أن نتخيّل الحال لو تشكلت في كل منطقة عدة خلايا صغيرة منفصلة من هذا النوع، حيث ستشكّل ضامناً لاستمرار مقاومة فاعلة تضرب أهدافاً ممكنة ومجدية، ولن يشكل انكشاف أحدها أو بعضها انهياراً لبقيّتها.

ولكن لا يمكن التعويل على تطوّر تلقائي للمقاومة بشكلها الحالي ولا على نشوء مقاومة منظمة في زمن قياسي، ولذلك لا بدّ أن تقدّم حركات المقاومة خبراتها النظرية للعاملين في الميدان والمستعدّين للتضحية، مستفيدةً من وسائل التواصل المتعددة، ودون الاكتفاء بالتعليق على الحدث أو تمجيده. وعندها يمكن الاطمئنان إلى حتمية اتساع دائرة الفعل وانخراط عناصر جديدة فيه، بعد أن تلمس جدوى الفعل المقاوم ميدانياً وترى بركاته على أرض الواقع.