أفادت مصادر مطلعة على النقاشات الجارية بين الجهات المعنية بإعداد خطط إعادة إعمار قطاع غزة و"إسرائيل"، اليوم الاثنين، أن واحدة من العقد الرئيسية في هذه المباحثات تتمثل في إصرار إسرائيل على تصنيف نطاق واسع من المعدات ومواد البناء ضمن فئة "مزدوجة الاستخدام"، ما يفرض قيوداً أمنية مشددة على إدخالها إلى القطاع، ويهدّد بتعطيل أي مسار عملي لإعادة الإعمار، حتى في حال التوصل إلى ترتيبات سياسية وأمنية جديدة.
وأوضحت المصادر في حديثها لصحيفة "العربي الجديد"، أن الانتقال من الإطار السياسي إلى مرحلة الإعمار الفعلية لا يزال بعيداً، إذ لم تُناقش بعد أي مشاريع إعادة إعمار بصورة جدية. وأكد المصدر أن النقطة العالقة بشأن أي مشروع تتعلق بشكل أساسي في ملف "المواد والمعدات ثنائية الاستخدام" بحسب التصنيف الإسرائيلي، والتي تصنف بموجبها إسرائيل كافة المواد المستخدمة في البناء مواد يمكن أن تشكل تهديداً أمنياً. والمواد "مزدوجة الاستخدام" في التعريفات الإسرائيلية هي المواد التي يمكن أن تُستخدم لأغراض مدنية وأيضاً لأغراض عسكرية، وتشمل إضافة إلى المواد المستخدمة في البناء، مواد تستخدم في الزراعة والتصنيع.
وبحسب المصادر، تصنّف إسرائيل طيفاً واسعاً من مواد البناء والبنية التحتية الأساسية على أنها مواد "مزدوجة الاستخدام"، وفي مقدمتها الإسمنت بجميع أنواعه، والحديد وقضبان التسليح، والصلب الجاهز والهياكل المعدنية، والخرسانة الجاهزة، إضافة إلى الأنابيب المعدنية الكبيرة، والرافعات، والمصاعد، والألواح الخرسانية مسبقة الصب، والحفّارات والجرافات الثقيلة، والبلوكات الخرسانية بكميات كبيرة، ومواد العزل المستخدمة في الأسقف.
وتشير المصادر إلى أن هذا التصنيف لا يقتصر على المواد الثقيلة، بل امتد في مراحل سابقة ليشمل حتى الخيام وقضبانها المعدنية، بذريعة إمكانية استخدامها لأغراض غير مدنية.
ويضيف المصدر أن القائمة تشمل أيضاً مكونات حيوية لقطاعي الطاقة والخدمات، مثل المولدات الكهربائية، وألواح الطاقة الشمسية، والبطاريات الصناعية، ومحولات الكهرباء، والكابلات الكهربائية السميكة، إلى جانب معدات محطات الكهرباء، ومعدات شبكات المياه والصرف الصحي الكبيرة.
ووفق المصادر، فإن إدراج هذه المواد ضمن فئة "مزدوجة الاستخدام" يشكل إحدى أبرز العقبات أمام أي خطة جدية لإعادة إعمار قطاع غزّة، إذ يجعل إدخالها خاضعاً لموافقات أمنية إسرائيلية معقدة وغير مضمونة، ما يهدّد عملياً بتعطيل مشاريع الإعمار والبنية التحتية حتى في حال توفر التمويل والغطاء السياسي.
وأشار المصدر إلى أن التصنيف الإسرائيلي ليس ثابتاً، بل يتغير باستمرار، حيث سمحت إسرائيل بعد وقف الحروب السابقة في قطاع غزة بدخول بعض المواد، لكن بكميات محددة، وكانت النقاشات حول هذه المواد في كل مرة في صلب أي خطط لإعادة إعمار قطاع غزة.
وتوقعت المصادر أن تسمح إسرائيل بدخول بعض المواد، كما جرى في الحروب السابقة، لكن وفق كميات محددة، تكون لا تكفي في الغالب، مما يجعل أي تصور حول إعادة الإعمار مشروطاً بقرارات جيش الاحتلال.
وتطالب إسرائيل، بحسب المصدر، أن يتوفر لها ضمانات أمنية للسماح بدخول هذه المواد، لكن دون تحديد الكمية.
