تبلغ مساحة قطاع غزة 365 كيلو متر مربع، يعيش فيه 2 مليون نسمة، وهو من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، لا موارد فيه، ولا مقومات للحياة الكريمة ورغم كل ما سبق يعاني من حصار مشدد منذ عشر سنوات، ووصفه تقرير الأمم المتحدة بأنه لا يصلح للعيش عام 2020م، فالبطالة والفقر ارتفعت بمعدلات عالية لتطال أغلب الأسر الفلسطينية التي تعيش في معظمها على مساعدات الأمم المتحدة والدول الصديقة.
هذه الصورة السوداوية لقطاع غزة تقابلها صورة ناصعة البياض وهي قوة الإرادة والإصرار التي يتمتع بها الغزيون، والذين يشكلون الحاضنة الجماهيرية الأهم للمقاومة الفلسطينية التي تعمل كل ما بوسعها من أجل تغيير واقع قطاع غزة، سواء عبر تحسين ظروف الحياة كخطوة مرحلية وصولًا لإنجاز مشروع تحرير فلسطين.
هذا الواقع منح القطاع اهتمام العديد من الدول الفاعلة في المنطقة، مثل مصر، تركيا، قطر، روسيا، والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وغيرهم.
ترفض مصر وروسيا أي تدخل تركي في القطاع، أو بناء ميناء ومطار، وأبلغت تلك الرسائل لـ(إسرائيل) حسب ما جاء بالإعلام الإسرائيلي. ويبقى السؤال: ما هي مصالح تلك الدول في غزة..؟
لو بحثنا من الناحية الاقتصادية ورغم أن غزة سوق استهلاكي كبير إلا أنه لا يرقى لأن تتصارع عليه دول كبيرة وفاعلة في المنطقة، وبذلك ينحصر الصراع في المجالات السياسية والجيوبوليتيكية والأمنية.
أولًا: جمهورية مصر العربية
القضية الفلسطينية بالنسبة لمصر هي قضية أمن قومي، وهي ممسكة بالملف الفلسطيني منذ زمن، وحصلت على قرارات من جامعة الدول العربية تدعم ذلك، وقطاع غزة على وجه الخصوص يحتل أهمية كبيرة بالنسبة للمصريين، وتخشى مصر من اقتراب تركيا من حدودها وترى في ذلك تهديدًا وخطرًا على الأمن القومي المصري.
ثانيًا: تركيا
ترغب تركيا بأن تضع موطئ قدم لها في قطاع غزة، فهو أحد مناطق نفوذ الدولة العثمانية التي يرغب السيد أردوغان باستعادة أمجادها، وهي المنطقة التي تعاني من واقع إنساني مرير فرضه الاحتلال والحصار، وغزة في الوعي الجمعي التركي لها مكانة خاصة عند الأتراك حيث شهدت سواحلها مجزرة سفينة مرمرة. يضاف لذلك عين تركيا على الغاز الطبيعي في المياه الإقليمية لقطاع غزة، وعلى جعل القطاع سوقًا استهلاكية للبضائع التركية ما ينعش الاقتصاد التركي حيث تقدر قيمة التبادل التجاري بين غزة والخارج ما بين 3-9 مليارات دولار سنويًا.
ثالثًا: روسيا
بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية فوق الأجواء التركية، باتت روسيا تخشى من التقارب التركي الإسرائيلي، ووضع موطئ قدم لتركيا في قطاع غزة، حيث يمنح ذلك تركيا السيطرة على تدفق الغاز الإسرائيلي الذي سيمر من أراضيها التحكم والتأثير في القرار العالمي، ووجود تركيا في قطاع غزة يهدد أيضًا حلفاء الروس بالمنطقة وأهم الحلفاء هي مصر.
رابعًا: الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي
يهدفان لمنع تدهور الأوضاع في القطاع وعدم انفجارها بوجه (إسرائيل) ما يهدد استقرار ومصالح المنطقة.
الخلاصة: طالما أن قطاع غزة منطقة ذات أهمية بالنسبة لدول عديدة فلماذا لا تعمل تلك الدول على المساهمة في تنميته، ورفع الحصار عنه، وفتح المعابر وأن تلعب مصر الدور الأبرز للتخفيف عن سكانه، والانفتاح على كل مكوناته، والانطلاق باستراتيجية جديدة تضمن من خلالها مصر متطلبات أمنها القومي ولكن في المقابل يكون لمصر الدور الطليعي في إنهاء الانقسام وفتح معبر رفح وتسوية قوائم الممنوعين من السفر، وإلغاء ما يسمى بالترحيلات، فشعب مصر وشعب فلسطين هما شعب واحد تربطهما الجغرافيا والتاريخ والدين والعروبة والمصالح المشتركة.