22.23°القدس
21.98°رام الله
21.08°الخليل
27.97°غزة
22.23° القدس
رام الله21.98°
الخليل21.08°
غزة27.97°
الإثنين 29 يوليو 2024
4.74جنيه إسترليني
5.2دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.01يورو
3.69دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.74
دينار أردني5.2
جنيه مصري0.08
يورو4.01
دولار أمريكي3.69

حرب الفيوز

0
وسام عفيفة

مجددا ينكأ معبر رفح جراح الغزيين وكلما فتحت البوابة السوداء لعدة أيام، تبرز المآسي: مرضى يموتون على قائمة الانتظار، وطلبة يفقدون فرصة التعليم، وإقامات تسقط، ومصالح تتعطل، وعائلات تتقطع، وعالقون يفلسون، في المحصلة النهائية هناك سجن كبير يضم نحو 2 مليون معتقل في قطاع غزة، بينما يسمح السجانون لشرائح صغيرة بالتحرك عبر البوابة الشمالية ضمن القوائم والشروط الإسرائيلية، وبوابة استثنائية جنوبية حسب المعايير المصرية.

 الوقائع تبرهن أن القطاع يواجه حرب استنزاف رغم وقف إطلاق النار، وبعيدا عن قصف الطائرات ودوي المدافع، يتم استهداف العقل الفلسطيني لتدمير مناعته، ما يؤدي إلى ظهور أمراض عقلية ونفسية، نتائجها أخطر من الاستهداف الجسدي المباشر، وقد شهد التاريخ حروبا مشابهة، جرى خلالها استهداف روح وعقل الإنسان.

 في القرن الثامن عشر كانت بريطانيا في أوج قوتها، سرعان ما اكتسحت الأمم والشعوب حتى وصلت إلى الهند، وهنا سال لعابهم على الصين فبدأت العسكرية البريطانية تدك الصين ولكن حملاتهم باءت بالفشل، فلجأوا إلى أقذر الأسلحة... وشنوا حرب الأفيون.

 كانت الصين لا تستورد شيئا من بريطانيا وفى المقابل كان البريطانيون يشترون السلع الصينية نقدا بالفضة فامتلأت الخزينة الصينية بالأموال، عندها طلب الملك جورج الثالث من الإمبراطور الصيني السماح لبريطانيا بتصدير منتجاتها إلى الصين فرفض الإمبراطور، فاشتعل الغضب الإنجليزي وبدأت الحرب، لجأت بريطانيا إلى زرع الأفيون في الهند وتهريبه إلى الصين، فلاقت تجارة الأفيون رواجا حتى وصلت الكمية المهربة في عام واحد إلى 272 طن، وغرق الشعب الصيني في الأفيون، كان الصيني يبيع أرضه ومنزله، وزوجته، وأولاده.

 للحصول على الأفيون.! اليوم ونتيجة حملات الضغط النفسي في ظل العقاب الجماعي في المعتقل الغزي منذ 9 سنوات، بدأت تتشكل أعراض ظاهرة وخفية.

 أحدهم كان يتجول على شاطئ البحر، يخاطب نفسه ويلوح بيديه... كانوا ينادونه: "يا دكتور"، وبعد المتابعة اتضح أنه بالفعل طبيب أسنان، كان عاقلا تماما، وحاول السفر مرات عديدة عبر معبر رفح قبل نحو أربع سنوات، ليبدأ حياة جديدة مع شريكة العمر التي تنتظره في الخارج، ولضعف المناعة لديه لم يصمد أمام القهر بالحرمان من السفر، "ضرب "الفيوز عنده" والآن يهذي في الشوارع باسم محبوبته التي خسرها على معبر رفح وخسر معها عقله.

 للعلم "الفيوز" هو أداة أو عنصر كهربائي لحماية الأجهزة ضد ارتفاع التيار الكهربائي، وهناك محاولات من الأعداء لتعطيل مثيله لدينا، وقطع دائرة الوعي في العقل الفلسطيني.

 إنها حرب بشكل جديد... حرب "الفيوز"، ربما ينجحون في تشكيل جيش من المجانين، لكن لا أحد يضمن سلوكهم اتجاه من يعتقلونا في غزة.