14.63°غزة
11.12°القدس
10.88°رام الله
9.97°الخليل
14.63°غزة
11.12°القدس
11.12° القدس
رام الله10.88°
الخليل9.97°
غزة14.63°
الجمعة 03 يناير 2025
3.66دولار أمريكي
4.53جنيه إسترليني
5.16دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.75يورو
3.66دولار أمريكي
4.53جنيه إسترليني
جنيه إسترليني4.53
دينار أردني5.16
جنيه مصري0.07
يورو3.75
دولار أمريكي3.66

تقرير: الأعيرة السوداء تفقد المقدسيين عيونهم وحريتهم

احتلال
احتلال
القدس المحتلة - مراسلتنا

بعينين اثنتين كانوا يرون جمال الحياة، كانوا يشقون طريقهم بخطى ملؤها الثقة والأمان، ولكن في غضون لحظة أفقدتهم رصاصة مطاطية غادرة طعم الراحة، وسلبت منهم نصف البصر، ليتحولوا إلى وضع صحي ونفسي صعب.

13 مقدسياً فقدوا نصف أبصارهم وتشوهت وجوههم بالجروح والكسور نتيجة استهدافهم بالأعيرة المطاطية التي يتعمد الاحتلال بإطلاقها تجاه الأطفال والشبان .

"خليل" رصاصة أفقدته عينه ومدرسته

الفتى خليل محمد اسماعيل الكسواني (15عاما) من مخيم شعفاط شمال شرق القدس المحتلة، خلال مواجهات اندلعت في المخيم بعد اقتحامه من قبل الاحتلال لهدم منزل الشهيد إبراهيم العكاري، أصابته رصاصة مطاطية غادرة أدت إلى تهتك بالجمجمة والتهاب في الدماغ وتفجر العين اليسرى .

محمد الكسواني والد الطفل خليل يروي لـ"فلسطين الآن"، ما حدث في ذلك اليوم، حيث خرج لاصطحاب ابنه من المدرسة وكانا في طريقهم للبيت قبيل الاستهداف من قبل جنود الاحتلال لنجله بالرصاص المطاطي من مسافة قريبة جدا أدت إلى فقدانه الوعي بشكل مباشر، وعند نقل خليل إلى المركز الصحي أخبر الطبيب المناوب والده بأن إصابة خليل تصنف خطرة جدا.

خليل طالب في الصف العاشر بأحد مدارس مخيم شعفاط منذ إصابته لم يتمكن من الذهاب للمدرسة، فهو حتى اليوم لم يشفى من إثر الإصابة، فبعد مكوثه أكثر من أسبوع في مستشفى "هداسا عين كارم"، أجبرت عائلته على نقله لمشفى "ألين التأهيلي"، حيث يحتاج إلى المتابعة والفحص اليومي بسبب تأثير الإصابة على حركة جسده بالكامل، فقد اضطر الأطباء في مستشفى "هداسا" لإزالة عظمة الدماغ بسبب الكسور التي أحدثتها الرصاصة .

لم يفقد خليل عينه وعظام دماغه فقط، بل فقد مدرسته ورؤية جمال الحياة وبريقها، كما فقدت عائلته طعم الراحة، فوالده اضطر لترك عمله ليرافق نجله في رحلة العلاج الصحية والنفسية .

علاء صلاح ... حُرم عينه وحريته

لا يختلف الأمر كثيراً مع الشاب الأسير علاء صلاح  (20 عامًا) من قرية العيسوية حيث أصيب بعيار مطاطي في عينه أدى لفقدان عينه اليسرى وكسور في عظام الوجه.

ولكن لم يكتفِ الاحتلال بأن أفقد علاء لون الحياة بل أفقده طعم الحياة كلها، حيث اقتحم منزله عدة مرات وهدد أهله باستمرار الاقتحام حتى اضطر علاء لتسليم نفسه لقوات الاحتلال بعد عدة أشهر من الإصابة والملاحقة.

والدة علاء تقول لـ"فلسطين الآن"، "كانت قرية العيساوية تشهد مواجهات عنيفة في الوقت الذي كانت شقيقة علاء تعاني المخاض في المشفى، وكنا مجبرين للخروج من المنزل للذهاب للمشفى، وما أن وصلنا إلى محطة الحافلات في القرية بدأت قوات الاحتلال بإمطار المنطقة بالقنابل الغازية والأعيرة المطاطية " .

وتضيف أم علاء "نتيجة إطلاق قنابل الغاز بكثافة أصبت بالاختناق فاختبأت في أحد المنازل القريبة وكان علاء بجانبي ولكن بعد دقائق افترقت عنه ثم سمعت الشبان ينادون بأن أحد الشبان أصيب بعينه، ولكن لم أتوقع بأن ابنها علاء هو المصاب".

وبعد لحظات قليلة جاء الخبر بأن علاء هو المصاب بالعيار المطاطي بعينه، فقد أبلغ أحد المسعفين والدته بأن ابنها أصيب بنزيف حاد وتم نقله للمشفى بوضع صحي صعب .

وعن وضعه الصحي وعلاجه تقول والدته "أجرى الأطباء لعلاء عملية استأصلوا خلالها عينه اليسرى، ثم عاود احتياج علاء لعملية أخرى زرع له الأطباء خلالها "بلاتين" أسفل عينه، إضافة إلى عملية بأنفه الذي تهشم نتيجة الإصابة ".

اعتقل علاء ونقل إلى سجن "ايشل - بئر السبع" ولكن لا عناية صحية هناك، نتيجة العمليات المتتالية التي أجراها علاء فهو بحاجة إلى أدوية ومراهم دورية لاستكمال العلاج، كما أنه علاء ما زال بحاجة لعملية لجفن عينه التي أزيلت.

وكان علاء قد أبلغ عائلته خلال زياته بأنه تعرض للتعذيب بالضرب المباشر على عينه التي فقدتها، ولفتت أم علاء إلى أن ابنها يعاني من تعب وإرهاق واضح متسائلة "كيف سيكون حال علاء داخل السجن وهو لا يتلقى العلاج المطلوب؟"َ.

الأعيرة السوداء ... الطب والقانون

من جهته أوضح الطبيب في الهلال الأحمر "أمين أبو غزالة" أن قوات الاحتلال تستخدم الأعيرة المطاطية السوداء أكثر من تلك الزرقاء، رغم أنها أشد خطورة بسبب ثقل وزنها، موضحا أنها إذا أطلقت تجاه شخص من مسافة قريبة فإنها تصيبه بنزيف وتهتك ورضوض خطيرة ومختلفة.

وبدورها أوضحت المحامية في جمعية حقوق المواطن "نسرين عليان" أن الجمعية طالبت في كافة مراسلاتها الخطية ولقاءاتها مع المسؤولين بالتوقف الفوري عن استخدام الرصاص المطاطي الأسود، نظرا لخطورته، لافتة أن الاحتلال بدأ باستخدام الرصاص المطاطي الأسود في شهر تموز 2014 في القدس.

ولفتت عليان إلى أن استخدام الرصاص المطاطي يتناقض مع المعايير القانونية لاستخدامه، حيث تمنع المعايير القانونية استخدام الرصاص المطاطي ضد الأطفال والنساء وكبار السن، كذلك فإنها لا تجيز استخدامه في الجزء العلوي من الجسد، إلا أن ما يحدث على أرض الواقع هو العكس تماما.

وبينت عليان أن الادعاء الإسرائيلي يقول: "إن الأعيرة السوداء غير قاتلة ويتم استخدامها بدقة". ولكن الواقع أثبت عكس هذا الادعاء، وأكبر دليل على كذب الادعاء هو استشهاد الفتى المقدسي "محمد سنقرط" بعد إصابته بالرصاص الأسود.

وشهدت الانتفاضة الحالية والمستمرة منذ الأول من أكتوبر الماضي استخدامًا واسعًا للرصاص بأشكاله المختلفة وظهرت مسميات مختلفة لأشكال مستحدثة من الرصاص تسببت أحيانًا في إصابات حيرت الأطباء.

فالرصاصة السوداء رصاصة كبيرة نسبيًا ومبطنة تطلق واحدة تلو الأخرى من خلال بندقية خاصة – وهو سلاح يصنف دوليًا على أنه لا يقتل- إلا أن سلطات الاحتلال طورته وقد أدى إلى استشهاد الفتى محمد سنقرط بمدينة القدس المحتلة في الأحداث الأخيرة.

وفي تحقيق أجرته صحيفة "هآرتس" العبرية بين أن وزن الرصاصة السوداء (دون القاعدة المعدنية التي تبقى في آلة إطلاقها) هو 62 غرام، أكثر بقليل من ضعف وزن الرصاصة الزرقاء (30 غرام).