محافظة بأكملها أسيرة لدى الاحتلال.. نحو ثلاثمائة ألف مواطن محاصرون بين حواجز وسواتر ترابية أقامها جيش الاحتلال الإسرائيلي على مداخل نابلس، لا سيما الجنوبية والغربية.

إجراء أمني كما يصفه الاحتلال، جاء عقب تسلل ثلاثة شبان لمستوطنة "براخا" المقامة على أراضي المواطنين جنوبي نابلس مساء الخميس الماضي، وتمكنهم من طعن جنديين قبل الانسحاب.. فيما لم تفلح محاولات الجيش الوصول إليهم حتى الآن.

الاغلاق طال عدة قرى، أبرزها "عراق بورين"، التي فصلها الاحتلال مع بلدة تل المجاورة بوضعه سواتر ترابية على مدخلها الوحيد، ما أجبر المواطنين على سلوك طريق جبلي وعر وخطير، أو السير مشيا على الاقدام لتجاوز هذا العائق.

يقول نصر قادوس من القرية إن نحو ألف وخمسمائة مواطن تحولوا لأسرى في سجن كبير يسمى "عراق بورين"، إذ أغلق الاحتلال القرية من جميع الجهات وداهمها ودخل تقريبا كل البيوت والمنازل وأجرى عمليات تفتيش وتخريب وشن حملة اعتقالات".

تعطل الحياة

ويضيف لـ"فلسطين الآن" أن هذا الحصار والاغلاق حال دون توجه الطلبة لمدارسهم وكذلك طلبة الجامعات والموظفين، لكن الأصعب كان اقتحام قوات كبيرة من جيش الاحتلال للمنازل، وهي العملية التي استمرت لليلتين متواليتين حتى ساعات الفجر، تخللهما إطلاق قنابل مضيئة من الطائرات الإسرائيلية، وتخريب كبير إضافة لاعتقال عدد من الشبان.

سكان القرية التي لا يتوفر فيها مخبز ولا عيادة طبية ولا مكان لشحن الكهرباء باتوا رهائن في قريتهم ممنوعين من الخروج منها، بعد أن أغلقت قوات الاحتلال مداخل البلدة بالسواتر الترابية، وحالت دون وصولهم لأماكن عملهم وممارسة حقهم في التنقل، لذا يطلب قادوس من المؤسسات الرسمية والأهلية إيلاء القرية اهتماما أكبر.

ويتابع "تخيل خلال الحصار مرض شخص ووجب نقله للمستشفى، أو أن سيدة حامل جاءها المخاض، ماذا يمكن أن نفعل؟؟.. لذا نجدد دعوتنا بضرورة التضامن مع قريتنا الصغيرة وفك الحصار وتسهيل حركة المواطنين.

وأبلغ الارتباط العسكري في نابلس المجلس القروي أن الاحتلال سمح لمن هم دون سن 9 وفوق 45 من الخروج من القرية، لكن شبابها رفضوا تلك الأوامر العسكرية، وعملوا بجهود ذاتية على فتح الطريق الرئيسي بمعاول يدوية.

الحال تكررت مع المواطنين في قرية مادما، إذ وضع الاحتلال صخورا وأتربية تحت النفق الذي يوصل إليها، فقام الشبان بإزالتها، رغم الخطورة المترتبة على ذلك، نظرا لقرب المكان من طريق يسلكه الجيش والمستوطنون على الدوام.

طرق إلتفافية

إلى حوارة جنوبا، وهو الحاجز العسكري الذي نصبه الاحتلال أبان الانتفاضة الثانية، وكانت وما يزال مضربا للمثل في عرقلة حركة المواطنين، ومصيدة للعديد منهم بقتلهم واعتقالهم.

إغلاقه دفع بالسائقين للمرور عبر معبر عورتا القريب منه، والولوج إلى عدة بلدات عبر طرق فرعية، ما يعني وقتا مضاعفا وجهدا كبيرا.

رئيس بلدية حوارة ناصر الحواري يشير إلى أن قوات الاحتلال تتفنن في تعذيب المواطنين، وتستخدم الحاجز كأداة في ذلك، "إذ أنك لا يمكن أن تتوقع متى يكون الحاجز مفتوحا أو مغلقا!!.. أو متى يتم اقتحام حوارة والقرى المجاورة ولماذا ومن أجل ماذا"!!.

ويتابع "وأنا أحدثك لدي معلومات أن الحاجز -الذي يعتبر البوابة الرئيسية لمدينة نابلس نحو الجنوب ورام الله بشكل خاص- مفتوح بالاتجاهين، لكن لو اتصلت عليّ بعد ساعة قد أبلغك أنه مغلق أو مفتوح في وجه الداخلين للمدينة فقط".

إغلاق الحاجز يتسبب بمشكلة كبيرة لدى سكان القرى الجنوبية مثل حوارة وبيتا وأولاد وعورتا وغيرها، لأنه يجبر المواطنين على سلوك طرق إلتفافية قد تحتاج ضعف الوقت وأكثر في بعض المرات.

ممرات وعرة

ويضطر سائقو المركبات العمومية والمواطنون جنوب نابلس، إلى سلك طرق وعرة وترابية أو ممرات فرعية ضيقة للوصول للمدينة.

هذه الشريحة أكثر من خبر هذه الحالات ولا يعدمون الوسيلة للتغلب عليها.. يقول أحدهم "منذ صباح اليوم لم نستطع نقل الركاب من تلك البلدات والقرى لنابلس نتيجة حواجز الاحتلال والتزام المواطنين بالبيوت".

ويتابع "دخلت بشق الأنفس لنابلس وانتظر دوري -كما تشاهد- لتحميل الركاب.. لكن أين هم الركاب؟؟ فضلوا البقاء بقراهم حتى أن يلاحقوا حظهم العاثر مع الحواجز".

ويصف حالتهم قائلا "نسلك طريق التفافية من وادي قانا أو من أوصرين –عورتا– أودلا بعد إغلاق حاجز زعترة أمام المركبات وطريق حوارة.. فبدلا من أن يأخذ المشوار عشرين دقيقة.. نحتاج لساعة ونصف على الأقل.. ما يعني جهدا مضاعفا وتكلفة أعلى علينا وعلى المواطنين".