بملابس بالية مهترئة يندر تبديلها، 9 أطفال وزد عليهم الأب والأم، يظلهم سقف منزل للإيجار، يستر نسائهم ولا يستر فقرهم، يضمهم بين جنباته بألمهم وفقرهم ووجعهم وجوعهم.

أسرة يبلغ تتكون من 7 أولاد وبنتين تتراوح أعمارهم بين 14 إلى عام جميعهم كواهم الفقر، ولفهم الجوع، وأظلتهم الأمراض تباعا بداية برب الأسرة الذي يعاني من مرض نفسي بسبب الوضع المادي الذي تحياه أسرته، إضافة إلى إصابته بغضروف في ظهره نتيجة عمله قبل عدة أعوام بكسارة حجار.

صاحب مهنة الخياطة نجح في بداية حياته في تأسيس أسرة متماسكة يتكفل بمصاريفها، غير أن انتفاضة الأقصى الثانية جعلته كآلاف المواطنين في صفوف البطالة الدائمة التي تسبب بها الاحتلال بحق آلاف الأسر التي أصبحت بملا معيل.

أخبار ذات صلة

"الأونروا": خطر الجفاف والمرض يهدد غزة بسبب نقص الوقود لتشغيل آبار المياه

أمراض بالجملة

"عصبية، توتر، مكتئب، اضطراب في النوم، نظرة سوداوية للحياة، صداع مستمر بالرأس، كثير النسيان والسرحان، لا يتكلم كثيرا، انطوائي منعزل" جمعها أمراض يعيش معها رب الأسرة أبو يوسف منذ عدة أعوام زادت من معاناة أسرته.

يتابع رب الأسرة أبو يوسف حالته الصحية والنفسية في عيادة الوسطى للصحة النفسية والمجتمعية، حيث أشار طبيب العيادة إلى أن المريض بحاجة إلى العناية الطبية والرعاية الأسرية والمساعدات الاجتماعية في مرحلة علاجه من المرض الذي يعرضه للقيام بأفعال غير شعورية تقع نتيجتها على أسرته، وتتسبب لهم بمزيد من الألم والمعاناة.

لم يقف المرض عند رب الأسرة وحده، بل تغلغل بهم أكثر فاستوطن بجسد الفتاة البريئة ريم 12 عاما، حيث مكثت لمدة 6 شهور بالمستشفى تتقيأ الدم وتعاني من آلام بالكلى والدم، حاول الأطباء تحويلها إلى مستشفى بالضفة المحتلة غير أن أمورها أخذت بالاستقرار نوعا ما.

كما أخذ المرض شوطًا في ذي العامين الطفل عمرو، حيث تعرض لكسر في منطقة الحوض والقدمين، اضطر الأطباء إلى وضع  جبص غطى القدمين والحوض بشكل كامل، وهو ما تسبب له بعملية نتيجة احتكاك الجبص بظهره، حيث فك الجبص قبل نحو أسبوع.

ويعاني الوسيم مهند 4 أعوام من مرض في عينه، فيما يعاني محمد 10 أعوام من صعوبة كبيرة في النطق، تحتاج إلى علاج مبكر، حيث لم تقم عائلتهما بعرضهما على أي طبيب نتيجة الوضع المادي الصعب الذي تمر به.

مهدد بالطرد من المنزل

عاش أبو يوسف في غرفة مع عائلته حتى وصل عدد أبنائه إلى 6، فاضطر لاستئجار منزل يستوعب عائلته المتزايدة، فعاش منذ 8 أعوام على وقع الإيجار المتنقل من بيت إلى آخر، يبحث من خلاله عن توفير مكان يناسب أولاده.

استقرت العائلة قبل 6 أشهر في منزل يقع بالمناطق النائية غرب مخيم النصيرات، يحتاج إلى مشي قرابة الساعة للوصول إليه، يضطر أبناؤه وبنتاه إلى تحمل متاعب كبيرة في الوصول إلى مدارسهم كل يوم.

يدفع أبو يوسف 600 شيقل إضافة إلى مصاريف الكهرباء والمياه لصاحب المنزل، حيث تراكمت عليه الديون لتصل 900 شيقل إضافة إلى إيجار الشهر الحالي، وقام صاحب المنزل بإنذارهم إلى العاشر من الشهر بدفع الإيجار أو طردهم من المنزل.

حال العائلة المأساوي ازداد سوءً بعدم قدرتهم على تعبئة اسطوانة الغاز، حيث تقوم العائلة بطهي الطعام إن وجد أصلا على النار، إضافة إلى عطل طنجرة الكهرباء المخصص لاعداد الخبز، حيث تقوم العائلة بالعيش على خبز الصاج الذي تعده على النار.

تراكمت الصحون في مطبخ الأسرة المكلومة إلى أن تداينت الأم مبلغ 5 شواقل لشراء سائل جلي كي تتمكن من غسل الصحون والأواني بعد عدة أيام من تراكمها.

إذا وصل رب الأسرة للحظات تستيقظ فيها زوجته عليه فتجده يجلس على سجادة الصلاة يمعن بالبكاء، ويدعو ربه أن يبدل حاله إلى أفضل، فإذا نزلت دموع الرجال فالأمر جلل، والمصاب كبير، والحمل ثقيل، والثقة بالمحسنين جدير، ولن يضيع الله عبدا لجأ إليه.